نتنياهو يحقق اختراقا مهما في أفريقيا باستئناف العلاقة مع تشاد

نجامينا – أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارة قام بها إلى نجامينا الأحد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وتشاد، في اختراق نوعي لغرب أفريقيا والقارة السمراء عموما.
وتركز السياسة الخارجية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على بناء علاقات خاصة مع الدول ذات الغالبية المسلمة، وقد نجحت إسرائيل وسياستها الناعمة في تحقيق هذا الهدف إلى حد بعيد، في ظل تراجع ملحوظ للقضية الفلسطينية على النطاق الدولي، لعدة عوامل بينها الانقسام الفلسطيني، والدعم الأميركي لتل أبيب اللامحدود.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي مع الرئيس التشادي إدريس ديبي “نعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع تشاد”. وأضاف “هذا نتيجة عمل مكثف قمنا به على مدار السنوات الأخيرة. نحن نصنع التاريخ ونحوّل إسرائيل إلى قوة عالمية صاعدة … نواصل المضي قدما في طريقنا إلى قمة الجبل، إلى قمم جديدة”.
وأكد الجانبان أن “استئناف العلاقات الدبلوماسية يعد مفتاحا لتعاون مستقبلي يفيد البلدين”.
وكانت ضغوط مارستها دول مسلمة في أفريقيا -على خلفية الصراع العربي الإسرائيلي في عامي 1967 و1973- أسفرت عن قطع عدد من الدول الأفريقية العلاقات مع إسرائيل، بينها تشاد. لكن في السنوات الأخيرة، أشارت إسرائيل إلى احتمالات التعاون في مجالات عدة من أجل تحسين العلاقة مع القارة.
وتأتي زيارة نتنياهو إلى نجامينا في أعقاب زيارة قام بها ديبي في 25 نوفمبر الماضي إلى إسرائيل.
وديبي أحد أقدم الحكام في أفريقيا. فقد تولى السلطة في الدولة القاحلة والفقيرة عام 1990 وفاز بولاية خامسة متنازع عليها في أبريل 2016 لقيادة البلد الذي يسكنه نحو 15 مليون نسمة.
وخلال زيارته إلى إسرائيل أعلن ديبي أنه مستعد للوساطة بين تل أبيب والخرطوم. وتأمل إسرائيل من خلال عودة العلاقات مع تشاد، مع إمكانية النسج على المنوال نفسه مع السودان، في أن تتمكن من فتح مسار جوي جديد باتجاه أميركا الجنوبية.
وقبل مغادرته إسرائيل قال نتنياهو للصحافيين في المطار “إن هذه الزيارة تاريخية لدولة مسلمة تجاور ليبيا والسودان، وهي جزء من الانطلاقة في العلاقات الإسرائيلية مع دول عربية ومسلمة”. وأضاف نتنياهو “أن هذا التطور يثير غضب الفلسطينيين والإيرانيين الذين حاولوا إفشاله”. وتابع أن “المزيد من العلاقات مع دول أخرى سيكشف عنها قريبا”.
وزارة الاقتصاد الإسرائيلية شرّعت الأبواب أمام الشركات لتوسيع عملها، واختراق الأسواق الأفريقية
وذكرت محطة تلفزيونية إسرائيلية السبت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيعرض خلال زيارته لتشاد على الرئيس ديبي، المساعدة في حماية حدودها مع ليبيا. وأوضحت القناة ’12’ في التلفزيون الإسرائيلي (خاصة) أن نتنياهو سيعرض على ديبي المساعدة في منع تسلل مسلحين من مجموعات “إرهابية”.
ورجحت القناة أن يتم التوافق إيجابيا في هذه القضية، وأن تساعد إسرائيل فعليًا في حماية الحدود وتعزيز القوات التشادية هناك، من دون تفاصيل بشأن طبيعة تلك المساعدة. وتمكنت إسرائيل من تدشين علاقات قوية مع عدة دول أفريقية على مر السنوات الماضية وفي مقدمتها جنوب أفريقيا وكينيا والتوغو وأوغندا، وجنوب السودان وإثيوبيا.
وهناك العديد من الدول في القارة السمراء لها ارتباطات غير معلنة مع إسرائيل، وقد يشكل تطبيع العلاقات مع تشاد، دافعا قويا لإخراج تلك العلاقات إلى العلن.
وتشكل أفريقيا مدار اهتمام العديد من القوى الدولية والإقليمية باعتبارها سوقا استهلاكية ضخمة، حيث أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان القارة مليار نسمة خلال السنوات المقبلة.
وتطمح الشركات الإسرائيلية إلى أن يكون لها موقع متقدم في الأسواق الأفريقية، وأعلن وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي، إيلي كوهين، قبل فترة أن “700 مليون دولار تنتظر الشركات الإسرائيلية المعنية بتوسيع صادراتها في قارة أفريقيا”.
وذكرت مجلة “إسرائيل ديفنس” “أنه في ظل التغيرات الديموغرافية التي تشهدها القارة الأفريقية، فإنها تفسح المجال لقدوم المزيد من الشركات التصديرية لأسواقها، باعتبارها أسواقا جديدة يمكن الاستثمار فيها بنجاح، في ظل ما تشهده القارة من نمو اقتصادي تدريجي أمام أعين الإسرائيليين. ورغم وجود التحديات فيها، لكنها تملك العديد من الفرص أيضا في الوقت ذاته، ليست متوفرة في العديد من الأسواق الأخرى”.
وكشفت المجلة أن “وزارة الاقتصاد الإسرائيلية شرّعت الأبواب أمام الشركات لتوسيع عملها، واختراق الأسواق الأفريقية، من خلال تأمينها من أي مخاطر قد تنجم عن الاستثمار هناك، لأن التقدير اليوم يشير إلى أن أمام الشركات الإسرائيلية فرصا لتحقيق أرباح بما قيمته 700 مليون دولار، والوزارة تبذل جهودها لمضاعفة هذه الأرباح مرتين”.
أما سياسيا فإن اختراق القارة السمراء من شأنه أن يزيد من إضعاف القضية الفلسطينية، والموقف العربي عموما، في مقابل إنهاء العزلة الإسرائيلية.
ويرى مراقبون أنه برغم العثرات التي مني بها نتنياهو خلال الفترة الماضية خاصة في علاقة بقضايا الفساد التي تحيط به، بيد أن إنجازاته في أفريقيا وأيضا في أميركا اللاتينية -التي لطالما عدت هي الأخرى نصيرا للقضية الفلسطينية – تكسبه نقاط أسبقية في ماراثون انتخابات الكنيست حيث يرنو حزبه الليكود إلى اكتساح البرلمان المقبل في الاستحقاق المقرر في أبريل المقبل.
ويرجح أن يواجه نتنياهو وحزبه حملة شرسة من خصومه من اليمين على وجه الخصوص بيد أن متابعين يرجحون فوزه في الانتخابات في ظل الإنجازات التي حققها سواء في علاقة بالقضية الفلسطينية لعل أهمها انتزاع اعتراف أميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأيضا في تحقيق اختراقات مهمة مع دول لطالما عدت رافضة لإسرائيل.