ناغورني قره باغ: نهاية حلم الدولة الانفصالية

 رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان يدعو المجتمع الدولي إلى "التحرك" في مواجهة حملة "تطهير عرقي" التي تشنها أذربيجان.
الأحد 2023/10/01
جيل بعد جيل.. ولا حل في الأفق

باريس- شكل جيب ناغورني قره باغ محور نزاع طويل بين أرمينيا وأذربيجان، وأعلن قادته الخميس أن الجمهورية المعلنة من جانب واحد “ستزول من الوجود” في نهاية العام، وذلك بعد أسبوع على هجوم خاطف شنته باكو في المنطقة الانفصالية ذات الغالبية الأرمنية.

وسيطرت على ناغورني قره باغ (“قره باغ “جبلي” أو “مرتفع”) جهات عدة على مر القرون، وتَعتبرها أرمينيا منطقة أساسية في تاريخها.

وأُلحقت هذه المنطقة بالمملكة الأرمنية في العصور القديمة، ثم أصبحت تحت النفوذ العربي في العصور الوسطى قبل أن تعيدها ثورة إلى حضن أرمينيا.

وبعد فترة من النفوذ الفارسي، تم ضم خانية قره باغ التي كانت آنذاك ولاية تركية، إلى الإمبراطورية الروسية في العام 1813.

◙ في أقل من 24 ساعة، استسلم الانفصاليون الأرمن أمام قوة نيران باكو وفي ظل عدم مساعدة يريفان، وعدم تدخل قوات حفظ السلام الروسية

ثم، تنازعت أرمينيا وأذربيجان على هذه الأراضي خلال حرب أهلية أعقبت الثورة البلشفية عام 1917.

ورغم كون غالبية سكان المنطقة من الأرمن، ضمها ستالين إلى جمهورية أذربيجان السوفييتية في العام 1921 مع تمتعها باستقلال ذاتي منذ العام 1923. ولم يشهد هذا الوضع تغييراً حتى سنوات الاتحاد السوفييتي الأخيرة.

وما زال أرمن مسيحيون يقطنون في هذا الجيب وفقًا لبيانات رسمية، وكان يضم حوالي 120 ألف نسمة موزعين على مساحة 4400 متر مربع. وكان يعيش حوالي ثلث سكان الجيب في عاصمته ستيباناكيرت.

وأدت حرب في تسعينات القرن الماضي إلى نزوح أعداد هائلة من السكان، حيث فرّ نحو 700 ألف أذري من أرمينيا وناغورني قره باغ، وفرّ 230 ألف أرمني من أذربيجان.

وفر حوالى 70 ألف شخص من الإقليم إلى أرمينيا منذ الهجوم الأذري الخاطف الأخير.

واندلعت أعمال عنف إثنية في العام 1988. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991 نظمت ناغورني قره باغ استفتاء قاطعه المجتمع الأذري، ثم أعلنت استقلالها عن باكو بدعم من يريفان.

ولم تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة بهذا الاستقلال.

ومع خروج الجيش السوفييتي من المنطقة، أدى تصاعد العنف إلى حرب مفتوحة. وقتل حوالي 30 ألف شخص هناك، قبل إعلان وقف لإطلاق النار بوساطة من موسكو في 17 مايو 1994.

وحظي جيب ناغورني قره باغ بدعم سياسي واقتصادي وعسكري من أرمينيا، رغم تمتعه بمؤسسات وحكومة.

وفي خريف العام 2020، اندلعت حرب جديدة أسفرت عن مقتل 6500 شخص خلال ستة أسابيع، قبل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار أدت فيه روسيا دور الوسيط.

غراف

ولكن هذه المرة، انتهت الحرب بهزيمة أرمينيا التي أُجبرت على التنازل عن مناطق مهمّة في ناغورني قره باغ ومحيطها لأذربيجان بينها مرتفعات تحيط بالجيب، ومدينة شوشا.

ونشرت موسكو قوات تدخّل في المنطقة لحفظ السلام، لكن هؤلاء الجنود الروس البالغ عددهم ألفين لم يتمكنوا من منع وقوع اشتباكات.

وعادت التوترات بين باكو ويريفان إلى الواجهة في نهاية العام 2022، عندما أعاقت أذربيجان حركة المرور في ممر لاتشين، قبل أن تغلقه وهو الطريق الوحيد الرابط بين ناغورني قره باغ وأرمينيا، ما أدى إلى نقص خطير في الغذاء والدواء في الجيب.

وفي يوليو، دعت يريفان إلى مضاعفة “الجهود الدولية” لإنهاء الحصار، معربة عن مخاوفها من حدوث “تطهير إثني” في المنطقة.

ولم تفض وساطات منفصلة قادها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، إلى التوصل إلى إبرام اتفاق سلام بين يريفان وباكو.

في 19 سبتمبر، قتل أربعة عناصر من الشرطة عندما انفجرت سيارتهم بلغم على الطريق المؤدي إلى مدينة شوشا في ناغورني قره باغ، كما قُتل مدنيان بانفجار لغم في المنطقة نفسها.

في المقابل، شنت باكو هجوما عسكريا على الجيب، متهمة الانفصاليين الأرمن بـ”الإرهاب”.

◙ رغم أن غالبية السكان أرمن، ضم ستالين الإقليم إلى جمهورية أذربيجان السوفييتية في 1921 مع التمتع باستقلال ذاتي

وفي أقل من 24 ساعة، استسلم الانفصاليون الأرمن أمام قوة نيران باكو وفي ظل عدم مساعدة يريفان، وعدم تدخل قوات حفظ السلام الروسية.

وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار يضع ناغورني قره باغ تحت سيطرة باكو.

وفي الرابع والعشرين من الشهر الحالي، أعادت أذربيجان فتح ممر لاتشين. وفرّ عشرات آلاف الأرمن من الجيب.

وأكدت جمهورية ناغورني قره باغ المعلنة من جانب واحد الخميس حل “جميع المؤسسات والمنظمات الحكومية (…) اعتباراً من الأول من يناير 2024″، لافتةً إلى أن ناغورني قره باغ “ستزول من الوجود”.

من جهته، دعا رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان المجتمع الدولي إلى “التحرك” في مواجهة حملة “تطهير عرقي”.

وأدى الهجوم الأذري الخاطف على جيب ناغورني قره باغ الأسبوع الماضي إلى مقتل 213 شخصاً من الانفصاليين الأرمن، فيما أعلنت باكو الأربعاء مقتل 192 من جنودها ومدني واحد.

7