نازحات سودانيات يتعلمن صناعة الحلوى كسبا للرزق

لا تقف اللاجئات السودانيات في حيرة من أمرهن وهن يصارعن الجوع بعيدا عن ديارهن، بل يسعين لكسب رزقهن مثلما أقدم بعضهن في مراكز الإيواء على تعلم صناعة الحلويات كنافذة أمل تتيح لهن بناء مستقبل أفضل لأنفسهن ولعائلاتهن، رغم كل الصعوبات التي يواجهنها.
بورتسودان (السودان) - ما بين أوان مختلفة تستخدم لصناعة الحلوى، وإيقاعات خلط الطحين وتجهيزه، تتعالى أصوات وضحكات نساء تربط بينهن مودة كبيرة في أحد مخيمات النازحين داخليا في مدينة بورتسودان بشرقي السودان.
وتكافح هؤلاء النساء للتغلب على صعوبات الإقامة في مركز للإيواء بعد أن فقدن جميعهن منازلهن وكل ما يملكن.
وتتدرب النساء النازحات على صناعة الحلويات كمصدر للغذاء والدخل، إذ تستفيد منها نحو 17 أسرة نازحة تعيش في مركز إيواء بمدرسة الثورة غرب بنين بمدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر.
وتتولى النازحة مدينة أحمد والتي تلقب في المخيم بأم الكل، وهي في العقد السادس من العمر، مهمة تدريب النساء علي طريقة صناعة الحلويات ولاسيما الحلوى المعروفة محليا باسم “بلح الشام”.
وقالت مدينة لمراسل وكالة أنباء (شينخوا) الذي زار مركز الإيواء “أنا أخصائية تغذية، وقد رأيت أن أستفيد من خبرتي وأن أقوم بتعليم الأسر مهنة تستطيع بها توفير مصدر ثابت للدخل“.
ووفقا لمدينة، فإن 17 أسرة داخل مركز الإيواء باتت تتقن صناعة حلوى بلح الشام، وهي حلوى سورية المنشأ، ومنتشرة في السودان، ويرجع سبب تسميتها إلى طريقة صناعتها إذ تشبه البلح في تشكيلتها.
وقالت مدينة “خلال نحو ثلاثة أشهر قمت بتدريب 17 أسرة، وهي تعمل الآن في صناعة بلح الشام، وتنتج أقل أسرة نحو 7 كيلوغرامات يوميا“.
وأضافت “نستفيد من المواد الغذائية التي تأتينا من بعض المنظمات مثل الدقيق والزيت والسكر، ونقوم بتصنيع وتعبئة الحلوى، وبيعها في أسواق مجاورة، ونستفيد من العائد في شراء الاحتياجات التي لا نستطيع الحصول عليها من الجهات الداعمة لنا“.
وتابعت “رسالتي من خلال هذه المبادرة هي ضرورة الاعتماد على النفس، ولا بد أن نتدبر أمرنا في ظل هذا الوضع الصعب، ولا يمكن أن نعتمد على مواد الإغاثة التي يمكن أن تتوقف في أي وقت“.
ولم تسع مدينة من خلال تعليمها صناعة الحلوى للنازحات بمركز الإيواء للحصول على أي أجر أو فائدة شخصية، بل كان هدفها الأساسي مساعدة أكبر عدد من النساء على تحدي واقعهن وإعالة أطفالهن.
وقالت “هدفي الأساسي تمكين هؤلاء النساء من امتلاك مهنة تساعدهن على اكتساب قوت يومهن على الأقل، في ظل هذه الظروف المأساوية في مخيم الإيواء“.
وأضافت “الغالبية العظمي من سكان هذا المركز من النساء، وهن يعانين من صعوبات التواجد في مركز إيواء، ومن شأن مبادرة تعلم صناعة الحلويات أن تغير من الوضع النفسي لهؤلاء النساء“.
وتشير صفاء عمر، وهي نازحة من مدينة ود مدني بوسط السودان، ومقيمة بمركز الإيواء ببورتسودان، إلى أنها استفادت كثيرا مما تعلمته من مبادرة الحاجة مدينة، كما تحب أن تناديها.
بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر تعتبر أكبر مدن السودان استضافة للآلاف من النازحين من مدن سودانية أخرى وأبرزها الخرطوم، وود مدني وسنار
وقالت “تلقيت تدريبا على أيدي الحاجة مدينة وتعلمت كيفية صناعة بلح الشام، وأنتج يوميا ما بين 7 إلى 10 كيلوغرامات، ويقوم أطفالي ببيع المنتج في سوق بورتسودان“.
وأضافت “نبيع الكيلو بسعر 4 آلاف جنيه سوداني، وأصبحنا نستطيع شراء بعض المواد الغذائية الضرورية التي لا توفرها المنظمات مثل اللحوم واللبن والبيض“.
وتصف صفاء مشروع صناعة حلوى بلح الشام بأنه مشروع منقذ للأسر التي تعيش في مركز الإيواء، وقالت “بالنسبة إليّ، ومع وجود أربعة أطفال ووالد مقعد، فإن هذا المشروع أنقذ حياتنا ووفر لنا مصدر دخل معقول“.
وتأمل صاحبة المبادرة مدينة أحمد من أن تتمكن من توسيع نطاق مبادرتها لتشمل كل مراكز الإيواء القائمة بمدينة بورتسودان، وعددها 80 مركزا، وفقا لإحصائيات رسمية.
وتعتبر مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر أكبر مدن السودان استضافة للآلاف من النازحين من مدن سودانية أخرى وأبرزها الخرطوم، وود مدني وسنار.
وخصصت حكومة ولاية البحر الأحمر بشرقي السودان 80 مركزا بمدينة بورتسودان عاصمة الولاية لإيواء نحو 21 ألف أسرة نازحة (نحو 105 آلاف فرد).
كما تستضيف مدينة بورتسودان نحو 44 ألفا و448 أسرة نازحة مع أسر مقيمة بمدينة بورتسودان، أي نحو 222240 شخصا، بواقع أن متوسط عدد أفراد الأسرة يبلغ 5 أشخاص.
ووفقا لإحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية في 29 أكتوبر الماضي فإن العدد الإجمالي للفارين بسبب الحرب في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.
وبحسب الإحصائية، هناك 11 مليون شخص نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن لدى السودان أعلى معدل نزوح داخلي في العالم.