ناد غنائي للرجال يكسر القيود السائدة في تونس

بعض أعضاء النادي يرون أن التجربة فرصة للتعبير عن أنفسهم بطريقة فنية، بعيدًا عن القيود الاجتماعية المعتادة.
الجمعة 2025/01/31
بعيدا عن كوابيس المقهى

أُطلق في تونس أول ناد غنائي مخصص للرجال. يعتمد النادي على تنظيم جلسات غنائية جماعية، حيث يشارك الأعضاء في أداء الأغاني والأنشطة الموسيقية التي تساعد على تخفيف الضغط النفسي، ورغم جذب العديد من المشاركين إلا أنه واجه انتقادات.

تونس - شهدت العاصمة تونس مؤخرا ظهور تجربة فريدة من نوعها وهي تأسيس “نادي سيدي سامي للغناء” المخصص للرجال، و يهدف إلى تقديم مساحة لهم للتعبير عن أنفسهم والتخفيف من ضغوط الحياة عبر الموسيقى والغناء.

وكان تأسس هذا النادي على يد سامي الصندلي، الذي يقود فرقة من الرجال المبدعين الذين وجدوا في الغناء وسيلة فاعلة للابتعاد عن ضغوط الحياة اليومية والتعبير عن مشاعرهم.

يقول الصندلي، الذي يعزف على آلة القانون التقليدية، إن الموسيقى تمثل له ولأعضاء النادي وسيلة للتعبير عن الذات والروح، ويضيف “عندما نجد الفرصة للتعبير عن أنفسنا عبر الفن، نكتشف أبعادًا جديدة لروحنا.”

وانطلق النادي بمجموعة صغيرة من الرجال، وسرعان ما أثار الجدل بين أوساط المجتمع التونسي، ففي الوقت الذي تعتبر فيه نوادي الموسيقى والغناء من الأنشطة المرتبطة تقليديًا بالنساء والأطفال، جاء ظهور هذا النادي ليخلق حالة من التساؤل والانتقاد، في المقابل لاقى دعمًا واسعًا من شريحة أخرى من المجتمع، بما في ذلك النساء.

وأبدى حسان فرحات، الذي شاهد فيديوهات أعضاء النادي، رفضه التام للفكرة معتبرا أن نوادي الغناء هي فقط للنساء والأطفال، وقال “الرجل يكون فنانا محترفا أو ملحنا أو عازفا، أما أن يصبح عضوا في نادي غناء فهذا أمر غير مقبول بالنسبة إلي، والغناء لا يليق بالرجال، ومن يقول إنه راحة نفسية فهذه مغالطة.”

oo

وفي المقابل كانت النساء من أبرز الداعمين للفكرة، إذ قالت لبنى الخميري إن “نادي غناء الرجال فرصة للتخفيف من ضغوط الحياة اليومية ومشاغل العمل وتعديل المزاج، وهي أفضل من الجلوس لساعات في المقاهي أو غيرها من الأماكن التي قد تعود بالضرر على حياة العديد من الرجال.”

وعندما نشر النادي أول فيديو له على وسائل التواصل الاجتماعي، واجه موجة من الانتقادات والتهكمات، وهو ما عرف بـ”حملة التنمر”، لكن على الرغم من تلك الانتقادات تعززت شهرة النادي وانتشر الفيديو بشكل أكبر، وهو ما ساعد في تقبل الفكرة تدريجيًا من قبل الجمهور. ويوضح الصندلي قائلاً “لقد كانت الحملة سلبية في البداية، لكننا لم نأبه لذلك. تعلمنا أن ما نقدمه هو أمر نبيل، وبالتالي واصلنا نشاطنا.”

وفي البداية شعر بعض أعضاء النادي بالتأثر بسبب ردود الفعل السلبية في البداية، لكنهم سرعان ما تجاوزوا الصعوبات، وأصبحوا أكثر إصرارًا على الاستمرار في تقديم الفكرة، يقول عضو النادي أمين شخار “لم تؤثر الحملة علينا لأننا نؤمن بما نقدمه. لقد زادت التعليقات الإيجابية من عزيمتنا، وأصبح النادي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا.”

واعتبر بعض أعضاء النادي أن هذه التجربة هي فرصة للتعبير عن أنفسهم بطريقة فنية، بعيدًا عن القيود الاجتماعية المعتادة، يقول أمين شخار “الناس يأتون إلى هنا ليستمتعوا ويخففوا عنهم ضغوط الحياة. الغناء يتيح لنا فرصة للتعبير عن مشاعرنا بطريقة حرة، وهذا يجعلنا نشعر بالراحة.” كما أضاف “إنه أمر يجعلنا نغادر النادي بعد كل حصة ونحن مرتاحون.”

إذا كانت النوادي الموسيقية النسائية تحظى بشعبية كبيرة في تونس والعالم العربي فإن “نادي سيدي سامي” للغناء يمثل نوعًا من الثورة على الأعراف والتقاليد؛ حيث تعتبر هذه النوادي النسائية مكانًا لتمرد النساء على القيود الاجتماعية التي تعيقهن عن التعبير الفني الحر، إذ تجد الكثيرات منهن في هذه النوادي وسيلة للغناء والتعبير عن مشاعرهن بعيدا عن الأحكام الاجتماعية المقرونة بهذه الأنشطة.

po

ووصل “نادي سيدي سامي” إلى طاقته القصوى حين بلغ عدد أعضائه 30 عضوًا، ما جعله يرفض المزيد من الطلبات. ولكن المؤسس سامي الصندلي لديه طموحات أكبر للنادي، حيث يهدف إلى تحويله إلى جوقة غنائية متكاملة تقدم عروضًا في المهرجانات الثقافية داخل تونس وخارجها.

ويعتبر الصندلي أن هذا النادي يمثل فرصة للتغيير الثقافي والاجتماعي في المجتمع التونسي، بما أن الغناء قد يكون غير تقليدي للرجال في مجتمعهم. ويعكس هذا النادي تحولا اجتماعيًا في مفهوم الفن والموسيقى، ويعمل على تحدي الأعراف التي كانت تحد من حرية التعبير الفني بالنسبة إلى الرجال.

ويُعد نادي “سيدي سامي” تجربة موسيقية فريدة من نوعها، تكسر الحواجز الاجتماعية وتقف ضد بعض الأعراف الثقافية السائدة في المجتمع و أثبت أن الفن يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتعبير عن الذات والتخفيف من الضغوط اليومية. هذا النادي نموذج فني فريد قد يكون له تأثيره الكبير في المجتمع التونسي والعربي بشكل عام.

18