نائب رئيس حركة العدل والمساواة لـ"العرب": تشكيل حكومة موازية يخدم السلام في السودان

جبريل آدم بلال يؤكد أن إعلان الحكومة سيكون من داخل السودان وفي المناطق التي تسيطر عليها الأطراف الموقعة على الوثيقة.
السبت 2025/02/22
ترتيبات أخيرة قبل التوقيع

نيروبي - تستعد الأطراف الداعمة لتشكيل حكومة "الوحدة والسلام" الجديدة في السودان للتوقيع على وثيقة الإعلان السياسي للحكومة المزمع تشكيلها في مناطق قوات الدعم السريع، بعد إرجاء التوقيع عليها الجمعة إثر مشاركة لم يكن مرتبا لها من قائد الحركة الشعبية شمال عبدالعزيز الحلو في الجلسة التي عقدت بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، وسط تساؤلات حول فرص نجاح الحكومة الموازية.

وقال جبريل آدم بلال نائب رئيس حركة العدل والمساواة (جناح سليمان صندل) لـ"العرب" إن إرجاء التوقيع على وثيقة الإعلان السياسي يرجع إلى أن بعض الأطراف (لم يسمّها) كانت لها ملاحظات على المبادئ فوق الدستورية واقترحت إجراء تعديلات، ومن حيث المبدأ لا يوجد خلاف على خطوات تشكيل حكومة بمناطق سيطرة قوات الدعم السريع، والتباين ليس من شأنها أن يمنع التوقيع على الميثاق.

وأضاف آدم بلال في حوار مع "العرب" أن الداعمين لفكرة تشكيل حكومة جديدة من الحركات المسلحة والقوى السياسية لديهم تطلعات ليتواصل الجيش السوداني معهم بحثا عن إيجاد حلول سياسية بدلاً من المضي قدما في الحرب، غير أن ذلك لم يحدث منذ بدء الحديث عن تشكيل الحكومة وعقب عقد الاجتماع الأخير في نيروبي.

جبريل آدم بلال: الحديث عن التقسيم أو الانفصال ليس مطروحا
جبريل آدم بلال: الحديث عن التقسيم أو الانفصال ليس مطروحا

وبعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، أطاحت مجموعة من قيادات حركة العدل والمساواة السودانية برئيسها جبريل إبراهيم، وزير المالية الحالي، وانتخبت سليمان صندل بديلاً له في قيادة الحركة التي تعد من أكبر الفصائل المسلحة في دارفور الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام في 2020، غير أن ذلك قاد لانشطار الحركة إلى نصفين، أحدهما يتحالف مع الجيش، والآخر بقيادة صندل يشارك في تشكيل حكومة جديدة بمناطق الدعم السريع.

وأكد آدم بلال أن فكرة تشكيل حكومة موازية لم تكن موجودة لو لم تقم الحرب ولم تكن أيضا حاضرة في ذهن السياسيين والحركات المسلحة عقب اندلاعها، ولو كانت الأطراف استجابت لدعاوى السلام ووقف إطلاق النار لم يكن ممكنا المضي باتجاه هذه الخطوة، ولو كان هناك بصيص أمل لوقف الحرب قريبا لتمّ وأد الفكرة في مهدها، فالهدف هو مخاطبة الإشكاليات التي ترتب عليها الصراع وإيقاف القتل والتدمير.

وأرجع بلال اتجاه حركته العدل والمساواة وغيرها من الأحزاب والحركات المسلحة لتدشين الحكومة إلى رفض الجيش السوداني السماح بوصول الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين في جميع ولايات السودان، والاكتفاء فقط بالمناطق الواقعة تحت سيطرته.

واعتبر في حديثه لـ”العرب” أن ذلك من شأنه أن يعمق الانقسام والشرخ بين المواطنين، وبرهن على ذلك بعقد امتحانات الشهادة السودانية بمناطق دون أخرى ورفض إصدار الأوراق الثبوتية والجوازات في مناطق سيطرة الدعم السريع إلى جانب التضييق على دخول المساعدات.

وأعلنت قوات الدعم السريع رفضها تنظيم امتحانات الشهادة الثانوية التي أجريت بنهاية ديسمبر الماضي، وقالت، في بيان لها “إجراؤها في مناطق بعينها دون سائر ولايات البلاد يأتي ضمن سياسات تهدف إلى تقسيم السودان، ويعكس عدم الاكتراث لمستقبل مئات الآلاف من الطلاب،” غير أن وزارة التربية والتعليم في حكومة بورتسودان أشارت إلى أن قوات الدعم السريع هي من رفضت السماح لإجراء امتحانات الطلاب في مناطق سيطرتها.

وطالب قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان بفك حظر إصدار الجوازات الخاصة بالسياسيين والمتواجدين في مناطق خارج سيطرة الجيش، وبدا أن ذلك الإجراء قام باتخاذه بعد أن أدرك خطورة إقامة حكومة موازية يمكن أن تقدم هذه الخدمات، إلا أن جبريل آدم بلال شدد على أن هناك مواطنين في ولايات دارفور وكردفان ومناطق أخرى ليس مسموحا لهم تجديد جوازاتهم أو استخراج أوراقهم الثبوتية في ظل وجود حالات إنسانية تستدعي العلاج بالخارج.

جبريل آدم بلال يرى أن هدف الحكومة الجديدة هو البحث عن السلام وليس الاستمرار في الحرب

وذكر في حواره لـ”العرب” أن فكرة الحكومة جاءت لمخاطبة الإشكاليات المرتبطة بالخدمات في مناطق سيطرة الدعم السريع والتي سوف تستمر طالما استمرت الحرب، وستكون واقعا مستمرا باعتبار فشل إحلال السلام، وكان لدينا تصور بأن تستمر الحرب وأن تستمر حياة المواطنين وأن الحكومة سوف تراعي جميع المشكلات التي كان يعاني منها المواطنون.

وردا على الاتهامات التي تواجهها الحكومة الجديدة بأنها سوف تعمل على ترسيخ الانقسام الجهوي والقبلي والإثني وتمهد لانقسام السودان، أشار بلال إلى أن “الحكومة الجديدة لا يمكن أن تفرّق بين السودانيين على أساس قبلي أو جهوي وأن الخدمات التي سيتم تقديمها في أماكن الدعم السريع ومناطق سيطرة حركات الجبهة الثورية التي تنضم إلى القوى المؤيدة لتشكيل الحكومة ومناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال في جبال النوبة بالنيل الأزرق يمكن للمواطنين في ولايات أخرى الاستفادة منها بحسب ما تستطيع الحكومة توفيره كما أن الحديث أو التقسيم أو الانفصال ليس مطروحا.”

ورغم أن مسألة قيام الحكومة بواجباتها تجاه توفير الخدمات للمواطنين مع التجربة السلبية للإدارات الأهلية التي شكلتها قوات الدعم السريع في مناطق سيطرتها، إلا أن آدم جبريل أكد أن جميع الخطوات الإجرائية بشأن أهداف الحكومة وقدرتها على التفاعل مع مشكلات المواطنين جرى التباحث حولها خلال ثلاثة أشهر ماضية.

بلال أكد أن إعلان الحكومة سيكون من داخل السودان وفي المناطق التي تسيطر عليها الأطراف الموقعة على الوثيقة

وتابع في حديثه لـ”العرب”، “طالما أننا سنشكل مجلس وزراء ولدينا وزير للداخلية وآخر للخارجية وقوات شرطة تؤدي مهامها المدنية إلى جانب قوات جيش يمكن القول إننا أمام منهج عملي وليس حماسيا نحو توفير الخدمات، وجاوبنا على جميع الأسئلة قبل أن نشرع في خطوة الإعلان عن تشكيل الحكومة.”

ويرى جبريل آدم بلال أن هدف الحكومة الجديدة هو البحث عن السلام وليس الاستمرار في الحرب، وأن الميثاق السياسي الذي تم التوقيع عليه هو نتاج لجهود ولجان عديدة دشنت كافة المسائل المتعلقة بالدستور وهياكل الحكم التي سوف تتضمن مجلسا سياديا أو رئاسيا، إلى جانب تشكيل حكومة وتعيين مجلس تشريعي ستكون مهمته الرقابة على الهيئتين التنفيذيتين.

وأكد أن إعلان الحكومة سيكون من داخل السودان وفي المناطق التي تسيطر عليها الأطراف الموقعة على الوثيقة وأن عاصمتها الخرطوم وهي عاصمة السودان، وأماكن تواجد المجلس الرئاسي سيكون من داخل القصر الجمهوري، على أن تكون هناك مرونة في اختيار أماكن مؤسسات الحكم والاجتماعات في المناطق الآمنة.

وأشار إلى أن كلمة عبدالعزيز الحلو خلال اجتماع الثلاثاء كانت معبرة عن جميع الحركات المسلحة التي تشارك في تشكيل الحكومة الجديدة، والكلمة التي ألقاها رئيس حزب الأمة فضل الله ناصر برمة عبرت عن القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني المشاركة أيضا، وأن التوقيع على الوثيقة سيشهد مشاركة حركات مسلحة وإدارات أهلية ولجان مقاومة وقطاعات محسوبة على النقابات المهنية، والتمثيل سيكون من كافة ولايات السودان وليس مناطق بعينها.

بلال أرجع اتجاه حركته العدل والمساواة لتدشين الحكومة إلى رفض الجيش السوداني السماح بوصول الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين في جميع ولايات السودان

وقاد الإصرار على تشكيل حكومة الوحدة والسلام في انقسام تنسيقية “تقدم” وهي شكلت التحالف المدني الأوسع والأبرز التي طالما نادى بوقف الحرب في السودان، وأعلنت نحو 60 من الأجسام السياسية والمهنية والأهلية والشخصيات المكونة لتحالف “صمود” المنبثق عن “تقدم” في بيان الثلاثاء رفض مقترح تشكيل الحكومة الموازية، وقالت إنها ستلتزم طريقاً مستقلاً لا ينحاز إلى أيّ من أطراف الحرب ولا ينخرط فيها بأيّ شكل من الأشكال، وأكدت أنها ستتصدى لكل فعل أو قول يهدد وحدة البلاد ويمزق نسيجها الاجتماعي.

ورأت مجموعة “صمود” أن “الخطوة ستعقد أوضاع البلاد التي تمر بحرب إجرامية خلفت أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا زالت رحاها تدور بشكل وحشي يتزايد يوماً بعد يوم، ليدفع ثمنها الملايين من السودانيين الأبرياء، ويتكسب منها دعاة الحرب وعناصر النظام السابق الذين يريدون تصفية ثورة ديسمبر وإحكام الهيمنة على البلاد.”

واعترف آدم بلال لـ”العرب” أن انقسام “تقدم” من شأنه “إضعاف القوى المدنية المنادية بوقف الحرب، وأن المجموعة المؤيدة لتشكيل الحكومة طرحت تساؤلاً على الطرف الآخر ولم تجد الإجابة عليه، مفاده: بعد أن استخدمنا جميع الأوراق الضاغطة لوقف الحرب وجلسنا مع قوات الدعم وهدفنا للقاء مماثل مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ورفض ذلك ومع الاتهامات التي نواجهها بشكل مستمر بالعمالة والارتزاق ماذا نفعل للشعب السوداني لتخليصه من متاعب الحرب وكيف نقنع الجيش بأهمية وصول المساعدات إلى المدنيين؟”

وأضاف أن عدم الإجابة على هذا التساؤل دفع للبحث عن سبل أخرى للضغط السياسي، وأن ما طرحته المجموعة المؤيدة وجد تجاوبا من حركات وكتل مدنية مهمة داخل تنسيقية “تقدم” بما في ذلك حزب الأمة الذي يشارك رئيسه في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن التعامل مع وجود فضل الله برمة بشخصه دون توافق الحزب غير صحيح، وهناك أكثر من 500 شخص سوف يشاركون في إجراءات تشكيل الحكومة.

وقالت مؤسسة الرئاسة في حزب الأمة القومي إنها لم تفوض الرئيس المكلف اللواء فضل الله برمة ناصر أو أي عضو آخر لتمثيل الحزب في هذا الحدث، وأن مؤسسات الحزب ستجتمع لاتخاذ القرارات اللازمة بشأن المشاركين بلا تفويض من الحزب.

اقرأ أيضاً:

6