ميقاتي يعوّل على توافق اللحظة الأخيرة للإفراج عن مجلس الوزراء

صفقة لتحجيم صلاحيات بيطار مقابل رفع الحصار عن الحكومة.
الجمعة 2021/12/17
صفقة تطبخ في الكواليس

يتمسك رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بالتوصل إلى توافقات ترفع الحصار عن حكومته المعطلة بدل المرور إلى خيار لي الذراع، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى سقوط حكومته برمتها، رغم مساندة الرئيس اللبناني ميشال عون لانعقاد مجلس الوزراء بمن حضر.

بيروت – يعكس إهمال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استئناف أعمال مجلس الوزراء بمن حضر، رهان الأول على توافقات اللحظة الأخيرة للإفراج عن مجلس الوزراء، فيما تؤكد مصادر سياسية لبنانية أن صفقة تطبخ على نار هادئة تنص على تحجيم دور المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار مقابل رفع الحصار عن الحكومة، وهو ما يرضي الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل.

وقال ميقاتي الخميس إن “عدم انعقاد مجلس الوزراء يشكل ثغرة أساسية نعمل على معالجتها بهدوء”.

وأضاف “الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء في الظروف الحالية المتشنجة، ومن دون تأمين الحد الأدنى من التفاهم ستكون كمن يؤجج الخلاف، ما يؤدي إلى تفاقم الأمور وتصبح أكثر تعقيدا”.

وتؤشر تصريحات ميقاتي إلى خشيته من تفجّر الحكومة من داخلها ومن حصول أزمة سياسية داخلية كبرى، إذ سبق وانهارت حكومات لبنانية سابقة، بعد أن انسحب الوزراء الشيعية منها، وهو سيناريو مرفوض داخليا وغربيا.

ويحاول رئيس الوزراء اللبناني التعامل مع الأزمة ببراغماتية سياسية، إذ إن تواصل عمل الحكومة حتى وإن كان ذلك عبر جلسات اللجان الوزارية أو عبر المراسيم الجوالة والموافقات، أفضل من انهيارها تماما والمزيد تعقيد الأزمة المستفحلة.

وتأتي تصريحات ميقاتي بعد يوم على تصعيد الرئيس اللبناني ضد الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل، وانتقاد مواصلة تعطيلهم انعقاد مجلس الوزراء منذ أكثر من شهرين.

ورغم أن عون يرفض تمرير “الموافقات الاستثنائية” بوجود حكومة أصيلة، فإن ميقاتي يؤكد أنّ “العمل الحكومي مستمرّ عبر الاجتماعات الوزارية التي نعقدها أو عبر الوزارات والإدارات المختصة”.

وفي الثالث عشر من أكتوبر الماضي تأجل انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة حينها، إلى أجل غير مسمى، إثر إصرار الوزراء المحسوبين على جماعة حزب الله وحركة أمل على أن يبحث المجلس ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، تمهيدا لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، بعد اتهامه بـ”التسييس”. ولم ينعقد مجلس الوزراء منذ ذلك الوقت.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة إن رئيس الوزراء اللبناني يراهن على توصل الفرقاء السياسيين إلى خارطة طريق يتم بموجبها استئناف انعقاد مجلس الوزراء المعطل، تتمثل في الإبقاء على بيطار، لكن مع ترك ما لا يدخل في صلاحياته للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهو مخرج يرضى به الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.

ويعتبر ميقاتي أن صلاحية ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب تعود إلى المجلس الأعلى، وبالتالي هو يشجّع على تبني مثل هذا الحلّ لكي يعيد حكومته إلى الحياة من جديد، لاسيما أن إدارة الأزمة عبر اللجان الوزارية أثبتت عدم فاعليتها.

ويتولى المجلس الأعلى محاكمة رئيس الجمهورية على الجرائم العادية التي يرتكبها، أو على الخيانة العظمى أو خرق الدستور، ويُتهم أمامه رئيس الوزراء والوزراء بجرم الخيانة العظمى وبالإخلال بالواجبات المترتبة عليهم أو بخرق الدستور. ويتم الاتهام من جانب المجلس النيابي فقط وبثلثين من أعضائه.

ويرى حقوقيون لبنانيون أن طلب الاتهام هو بمثابة مناورة احتيالية لتهريب المتهمين من قبضة المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ، لأن لا جديّة في الاتهام أمام هذا المجلس.

نجيب ميقاتي: نعمل على معالجة الأزمة السياسية بهدوء وترو

ويسعى بيطار لاستجواب أحد كبار السياسيين في البلاد، وهو وزير المالية السابق علي حسن خليل الذي قال إن جميع الخيارات مفتوحة للتصعيد السياسي، عندما سُئل عما إذا كان من الممكن استقالة بعض الوزراء. وخليل هو الذراع اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحليف وثيق لحزب الله.

وفاقمت الأزمة السياسية المستحكمة منذ أكثر من شهرين الأزمة الاقتصادية الشاملة التي تعيشها البلاد، في ظل تراكم الملفات الاقتصادية على طاولة الحكومة اللبنانية المعطلة.

وتؤكد مصادر في الهيئات الاقتصادية اللبنانية أن طريق الحلول للأزمة الاقتصادية والمالية تبدأ بفك الحصار السياسي عن الاقتصاد.

وقالت المصادر “لقد بات جليا لكل اللبنانيين أن الطبقة السياسية قد فشلت في إيجاد العلاجات للأزمة الاقتصادية والمالية، علما بأنها هي التي تسببت في تفاقمها على مدى سنوات طويلة”.

وأضافت أن “لبنان ليس مفلسا، وباب الأزمة الاقتصادية ليس مقفلا على الحل، فالأمور قابلة لأن تدخل إلى الحل الجذري، عبر عزل الاقتصاد عن السياسة وترك الملف الاقتصادي لمعالجته من قبل الاقتصاديين بمعزل عن التدخلات السياسية، التي تتجلى في أبشع صورها في هذه المرحلة التي أدخل فيها الاقتصاد والأزمة في بازار الانتخابات النيابية”.

وأكدت المصادر “إن نأت السياسة عن الاقتصاد، فنحن قادرون على أن نعالج الأمور، وأن نستعيد الثقة ببلدنا، وأن نعيد النمو وأن نأتي بالاستثمارات، ولكن طالما أن السياسة هي الطاغية على كل شيء، فلا أمل يرجى منها، بل هناك المزيد من الانحدار وصولا إلى الانهيار الذي، مع الأسف، يقاربه السياسيون بإنكار فظيع”.

ويؤكد ميقاتي أنّ “أمامنا الكثير من العمل المطلوب، وبشكل أساس لاستكمال إنجاز خطوات الإنقاذ المطلوبة، بقرارات يتخذها مجلس الوزراء مجتمعا، إضافة إلى قرارات إدارية ملحّة لتسيير عجلة الإدارة، ولو بالحدّ الأدنى الممكن، ومساعدة الموظفين على مواجهة الضغوط المعيشية والاجتماعية التي ترهقهم”.

2