مونديال قطر رهان المغرب لإعادة كتابة تاريخ العرب

خالف منتخب أسود الأطلس التوقعات في مجموعة قوية رشح فيها الجميع منتخب كرواتيا وصيف بطل النسخة الأخيرة ومنتخب بلجيكا ثالثها لحسم البطاقتين المؤهلتين إلى الدور الثاني لمونديال قطر لكرة القدم 2022.
الدوحة - كانت "العائلة" الوصفة السحرية لعودة المغرب إلى ثمن نهائي كأس العالم في كرة القدم بعد انتظار طويل دام 36 عاما، رافقتها “روح معنوية قويّة” في مجموعة “الموت”. وظل إنجاز الجيل الذهبي لكرة القدم المغربية في الثمانينات عندما بات أسود الأطلس أول منتخب عربي وأفريقي يبلغ الدور الثاني في مونديال المكسيك 1986 خالدا في الأذهان، وكان ملهما لجميع الأجيال التي تلته حتى نجح رفاق العائد إلى عرين الأسود حكيم زياش في تكراره الخميس.
بدوره قال المدرب وليد الركراكي “أنا عشت تلك الفترة وذلك الجيل منحني الإلهام للعب كرة القدم والدفاع عن ألوان المنتخب. اليوم نجحنا في جعل بعض الأطفال يحلمون بالمستقبل وتحقيق الأفضل، ولهذا السبب كرة القدم جميلة”. وأضاف “عدت إلى الطفولة لأقول إنني عشت ملحمتي 1986 و1998 وتذكرت أيضا أننا أصبنا بخيبات أمل وفي كل مرة لا يكون مصيرنا في أيدينا خلال المباراة الأخيرة وندخل في حسابات معقدة تتوقف على نتائج منتخبات أخرى. كان هدفنا هو تفادي هذه الحسابات وجعل الأمور بين أيدينا".
كرّر الجيل الحالي ما فعله سلفه بقيادة عزيز بودربالة ومحمد التيمومي وعبدالمجيد الظلمي وبادو الزاكي عندما تصدّر المجموعة السادسة بالذات أمام العمالقة إنجلترا وبولندا والبرتغال ولكن برصيد خمس نقاط، قبل أن يخرج بخسارة قاسية أمام ألمانيا الغربية 0 – 1 في الدقيقة 89 من ركلة حرة مباشرة. وقال زياش “كنا نعلم منذ البداية أن طريقنا سيكون صعبا، لكن لعبنا بتكتيك واضح، وبذلنا جهدا كبيرا، وكنا على قلب رجل واحد ويد واحدة من أجل التأهل إلى ثمن النهائي".
تركيز الركراكي على “العائلة” لم يأت من فراغ، بل كانت تميمة نجاحه مع فريق الوداد البيضاوي وتتويجه معه بالثنائية الموسم الماضي “الدوري المحلي ودوري أبطال أفريقيا”، إنجاز رفع أسهمه لاستلام منصب مدرب المنتخب قبل أشهر قليلة على انطلاق العرس العالمي. حرص على حضور أولياء أمور اللاعبين حتى تسود “روح العائلة في المنتخب داخل الملعب وخارجه".
وأوضح الركراكي "عندما تخوض مسابقة عالمية هناك البعض لديه أولاد والبعض الآخر يرغب في الشعور بأن عائلاته بجواره وحتى الآن نحن صائبون في قرارنا. في هذه المسألة، عندما تفوز تكون الأمور على الطريق الصحيح، ولكن عند الخسارة تكون الانتقادات”. وتابع “هذه مسؤوليتي في هذا القرار، ونحن رأينا أنهم سعداء عقب الفوز على بلجيكا. نركز على عملنا والعائلات لا تزعجنا طالما نراها بعد المباريات فقط".
وأكّد الركراكي أن التواصل بينه وبين اللاعبين رائع جدا. وقال "اللاعبون يتفاءلون خيرا بلمس صلعتي وربما تجلب لهم الحظ. طلبت منهم أن يستمتعوا بالتأهل وسألتهم عما إذا كانوا لا يزالون متعطشين إلى الانتصارات”. وتابع “يجب أن نبدأ من الصفر ونمضي قدما وبعد ذلك سنرى ما سيحدث. ستكون الأمور معقدة في الأدوار التالية فاللعب في كأس العالم أمر رائع بالنسبة إلى اللاعبين".
وأبرز "كنت لاعبا في صفوف المنتخب ولم ألعب أبدا في كأس العالم، فشلنا مرتين في الجولة الأخيرة من التصفيات، وبما أننا نؤمن بقضاء الله وقدره، قلت إنه ربما سأحظى بها كمدرب وأدخل التاريخ مع هذا الفريق، هذا رائع وأنا أسعد رجل على الكرة الأرضية". وختم الركراكي بأنه مدين لرئيس الاتحاد المغربي على الثقة التي وضعها فيه قبل شهرين من انطلاق المونديال ومجازفته بتعيين مدرب محلي "لم يكن العديد من الأشخاص، الرأي العام وبعض الصحافيين، يؤمنون بقدرته على تحقيق أفضل النتائج بالنظر إلى قلة خبرته".
وقال "أثبتت أن الخبرة لا تعني شيئا في كرة القدم والأمر يتعلق بحواجز يتم وضعها حتى نحرم العديد من المواهب من إثبات كفاءتها. أنا بطبعي مقاتل وهدفي تكسير هذه الحواجز ليس من أجلي ولكن من أجل الشباب الموهوبين القادمين. لدينا أطباء جيدون ومهندسون ورياضيون وصحافيون جيدون. يجب أن نبدأ في منح الثقة للنخبة القادمة لبناء بلادنا".
بدوره قال مدافع المنتخب المغربي أشرف حكيمي إنه لعب مصابا المباراة ضد كندا، مؤكدا استعداده للقتال بـ"الغالي والنفيس" من أجل الدفاع عن ألوانه. وقال حكيمي في مؤتمر صحفي عقب تأهل "أسود الأطلس" إلى الدور الثاني للمرة الثانية في تاريخهم بعد عام 1986 "نحن سعداء بالتأهل وقد قمنا بأداء مذهل مثلما قال المدرب (وليد الركراكي)، أود أن أهنئ الفريق، نحن لسنا فريقا فقط، نحن عائلة ولدينا مجموعة جيدة سواء من يلعب أو من لا يلعب لدينا عقلية جيدة".
◙ الركراكي قال إنه مدين لرئيس الاتحاد المغربي على الثقة التي وضعها فيه قبل شهرين ومجازفته بتعيين مدرب محلي
وأضاف ظهير باريس سان جرمان الفرنسي الذي اختير أفضل لاعب في المباراة “من اليوم الأول الذي جئنا فيه إلى الدوحة تحدثنا عن أنه يجب تغيير العقلية وبدء فعل أشياء جميلة لجيلنا وأن نحقق ما حققه الجيل السابق، وأعتقد أننا اليوم صنعنا التاريخ ونحن فخورون بذلك. أنا فخور بالدفاع عن ألوان المغرب وجعل الشعب المغربي بأكمله سعيدا وفخورا في الوقت ذاته".
وتابع "كما قلت لم أحلم أبدا بأن أفعل شيئا كهذا لبلدي. اللعب من أجل وطني وبلدي شيء رائع وأيضا تقديم شيء كبير لبلدك أفضل بكثير مما تفعله مع ناديك. في النادي تلعب كل عام ولبلدك لا يمكنك أن تعرف ما يحدث. قد تتأهل إلى المونديال أو قد لا تنجح في ذلك".
وأردف قائلا "كتبنا التاريخ لأن المغرب لم يبلغ الدور الثاني منذ فترة طويلة وأنا هنا لمساعدة الفريق، عندما كنت صغيرا حلمت بتحقيق ما فعله الجيل الذهبي للمنتخب المغربي، ولذلك بكيت إذ تذكرت عائلتي والجماهير وكل ما فعلناه من أجل هذه اللحظة. تعرضت للإصابة ولكن إصراري على اللعب كان كبيرا من أجل مساعدة فريقي لأنك لا تعرف متى ستتاح لك الفرصة، لذلك لعبنا بكل ما أوتينا من قوة ونجحنا".
وأشاد حكيمي بمدربه الركراكي قائلا "هذا الرجل خلق مجموعة رائعة ونحن وضعنا ثقتنا فيه وتحدثنا عن ذلك طويلا. نثق بمدربنا وأود أن أشكره لأنه قام بعمل رائع بعدما مررنا بأوقات عصيبة". وأبرز حكيمي "كما قلت سابقا لدينا 26 لاعبا ولاعبون لم يتمكنوا من المجيء ولكن كل من حضر إلى هنا يعرف ما يتعين عليه فعله. المدرب الركراكي لم يحظ بالوقت الكافي لإعداد الفريق ولكنه قام بمجهود خارق".