موسم البطيخ المفخخ

الثلاثاء 2017/07/04

“البطيخ المفخخ آخر صيحات الإرهابيين”، عنوان لافت جدا للانتباه ولا يمكن المرور عليه مرور الكرام دون التوقف عند المقال لفهم فحوى الخبر الذي أوضح أنه في الآونة الأخيرة انتشرت عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الصور التي تبين كيفية تحضير المفخخات من خلال استخدام البطيخ.

ووفقا لما جاء في المقال، فإن انتشار صيحة تفخيخ البطيخ هو ابتكار جديد يساعد على تحقيق أهداف إرهابية وتخريبية.

ومن حسن حظي لا أحب البطيخ ولكن ما ذنبي لو مت شهيدة عشق عائلتي له، أو ذهب جسدي الغض أشلاء جراء رغبتي في تمضية يوم جميل على أحد الشواطئ المدججة بالعوائل المحملة بأطنان من البطيخ

. بطبيعة الحال أمزح فقط أردت لفت الانتباه إلى أمر هام وهو أن مطابخ أغلب الأسر العربية تدخل في إجازة تمتد كامل الموسم الصيفي، حيث يفضل أكل البطيخ أحيانا كثيرة على إعداد وجبة دسمة بسبب الحر الذي شمر هذه السنة على سواعده باكرا.

وفي الحقيقة خبر المتفجرات يخص أفغانستان، ولكن هذا لا يعني أن المجتمعات العربية مستبعدة فالإرهاب كشبكة العنكبوت تحاول نسج خيوطها على كامل الكرة الأرضية، ومن قال إن الشعوب العربية لا تعاني فعلا من انفجار البطيخ في كل حين.

ومن غير الضروري أن تتلون الجدران باللون الأحمر القاني، ولا أن تتصاعد الأدخنة عاليا مستنجدة بفرق الحماية المدنية لندرك أن العالم العربي يحترق على شواية فصل الصيف حرا غير مسبوق يلهب الأدمغة ويعيي الأجساد وينهك الجيوب المثقوبة.

وبدل أن يطفئ المواطن الصالح نيران موجة الحر بين شواطئ بلده الحبيبة وأن يستمتع بالعطلة الصيفية رفقة أسرته الكريمة، قتل ارتفاع الأسعار وكثرة المواسم والأعياد أحلام الصغار والكبار بالخروج للتنزه خارج قاعات الأفراح أو جدران منازل الأقارب والأصدقاء مهنئين بالنجاح أو الأعياد.

وتحول حلم الأطفال الجميل بإجازة رائقة إلى كابوس يعيشه أولياء الأمور في المنام واليقظة، حتى صار مصدرا لتندر النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين رسموا خارطة لجسد الأب الحنون قسمت أجزاء حسب المناسبات بدءا بشهر رمضان وما يتبعه من مصاريف تلبية لشهوات ينتهي جلها في سلة القمامة، مرورا بعيد الفطر وما يسبقه من تهافت على شراء الملابس والحلويات، ولا ننس سلسلة من بطاقات الدعوة لحضور الأعراس، وصولا إلى عيد الأضحى وما يسبقه من تحضيرات وتليه مباشرة العودة المدرسية لتكتب فصلا جديدا من معاناة الآباء وتختم حلما طفوليا قُبر دون أن يرى جمال الشواطئ وينعم بملمس رمالها الساخنة.

وبالنهاية لا لوم على أسر لا ترى في تلبية حق الأبناء في الرفاه والتنزه واجبا بقدر ما تظن أنه تعجيز لإمكانياتها المحدودة، ثم إن العقلية التي تتبرك برمال فاحت منها روائح طيبة اعتقادا منها أنها منطقة مباركة قبل أن يكتشف أنها مصب لإحدى شركات الشامبو، تؤكد بالمكشوف أنها لم ترق بعد إلى عقلية غربية تدخر للحصول على إجازة سنوية كلفها ذلك ما كلفها.

صحيح أن المجتمعات الغربية لا تعايش ما تعايشه الشعوب العربية من أعياد دينية ومناسبات، لكنها في المقابل لا تغالي في إقامة حفلات أعراسها على امتداد أسابيع ولا تصرف مبالغ خيالية على صالونات التجميل وموائد الأكل وشراء المجوهرات حتى أن نشطاء علقوا على زوجة لاعب كرة القدم الشهير ليونيل ميسي الذي صرف الملايين وحضر عرسه المشاهير، بأنها لا تضع أطنانا من الذهب ولا كميات وفيرة من المساحيق.

الفارق في التوقيت بين عائلة عربية موسعة لا توجد لكل أفرادها مقاعد شاغرة بالسيارة العائلية لو وجدت ولا بسيارات الأجرة، وبين عائلة غربية عدد أفرادها لا يتجاوز أحيانا عدد أصابع اليد الواحدة، هو في تعديل عقارب ساعات العقلية المتباعدة بعد المريخ عن الأرض.

كاتبة تونسية

21