موجة جديدة من كورونا تجتاح أوروبا بعد تخفيف القيود

الاندفاع إلى رفع القيود مهد الطريق لإحياء مخاطر الأوبئة.
الخميس 2022/03/24
ارتفاع نسبة التطعيم لم يقض على الفايروس

أدى تخفيف قيود مكافحة كورونا في دول الاتحاد الأوروبي إلى إعادة انتشار الوباء، خصوصا في المملكة المتحدة وأيرلندا واليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا وألمانيا. وقد وصف الخبراء طريقة رفع القيود بـ"الوحشية"، ما جعل الإصابات ترتفع إلى أكثر من خمسة ملايين حالة.

طوكيو - يشهد ثلث الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات بفايروس كورونا بعد تخفيف قيود مكافحة الوباء بشكل مفرط و"وحشي"، حسب قول المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن هانز كلوج، مدير منظمة الصحة العالمية لمنطقة أوروبا، قوله خلال مؤتمر صحافي في مولدوفا "الدول التي نشهد فيها زيادة كبيرة (في عدد الإصابات بالوباء) بشكل خاص هي المملكة المتحدة وأيرلندا واليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا وألمانيا.. تلك البلدان ترفع القيود بشكل وحشي من أقصى حد إلى أدنى حد".

وتحاول أوروبا تجاوز وباء كورونا، لكن الاندفاع إلى رفع القيود يمهد الطريق لعودة مخاطر الأوبئة. وقفز عدد الإصابات المؤكدة حديثًا إلى 5.4 مليون حالة في الأيام السبعة الماضية، ارتفاعا من 4.9 مليون حالة في سبعة أيام خلال نهاية الشهر الماضي، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية.

وأفادت المنظمة بأن أكثر من 12400 شخص لقوا حتفهم بسبب الوباء في الأسبوع الماضي. ورغم ذلك قال كلوج إنه "متفائل ويقظ" بشأن الوباء في أوروبا، لأن العديد من الناس قد اكتسبوا مناعة من خلال التطعيمات، كما أن الشتاء يقترب من نهايته والمتحور أوميكرون أكثر اعتدالا من السلالات السابقة.

ولكنه استدرك قائلا "ومع ذلك لا تزال البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة معرضة لتسجيل (المزيد من) الوفيات بسبب كورونا".

ثلث الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، شهدت ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات بكورونا

وأظهرت أحدث البيانات المتوفرة على موقع جامعة جونز هوبكنز الأميركية أن إجمالي الإصابات وصل إلى 474 مليونا و114 ألف حالة، وارتفع إجمالي الوفيات إلى ستة ملايين و98 ألف وفاة.

كما ارتفع عدد جرعات اللقاحات التي جرى إعطاؤها في مختلف أنحاء العالم إلى عشرة مليارات و818 مليون جرعة. وتجدر الإشارة إلى أن هناك عددا من الجهات التي توفر بيانات مجمعة بشأن كورونا في مختلف مناطق العالم، وقد تكون بينها بعض الاختلافات.

وأظهرت بيانات وزارة الصحة أن فرنسا شهدت أكبر قفزة في الإصابات الجديدة بكوفيد - 19 منذ فبراير إذ بلغ عدد الإصابات خلال 24 ساعة 180.777، كما ارتفع عدد من احتاجوا إلى دخول المستشفيات لليوم الثالث على التوالي.

ورفعت الحالات الجديدة العدد التراكمي للإصابات المسجلة إلى 24.3 مليون بعد عودة ظهور الوباء بشكل حاد مع استئناف الدراسة إثر عطلة استمرت أسبوعين.

وأفادت وزارة الصحة أيضا بأن عدد من نقلوا إلى المستشفيات بسبب كوفيد - 19 في فرنسا ارتفع إلى 20742 حالة خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، أي أقل 0.8 في المئة مقارنة بعددهم الأسبوع الماضي.

وسجلت إيطاليا 96.365 إصابة جديدة بكوفيد – 19 الثلاثاء مقابل 32.573 في اليوم السابق، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 197 من 119.

الالتزام بالإجراءات الوقائية لم يعد يكفي
الالتزام بالإجراءات الوقائية وحده لا يكفي للحد من انتشار الفايروس إذا لم يترافق مع التزام أخلاقي 

ومنذ ظهور المرض في فبراير 2020 سجلت إيطاليا 158.101 حالة وفاة مرتبطة بكوفيد - 19، وهي ثاني أعلى حصيلة في أوروبا بعد بريطانيا والثامنة في العالم. وبلغ عدد الإصابات 13.99 مليون إصابة حتى الآن.

وبلغ عدد المرضى الذين يعالجون في المستشفيات، باستثناء الموجودين في الرعاية الفائقة، 8969 مريضا الثلاثاء ارتفاعا من 8728 مريضا في اليوم السابق.

وتوقع خبراء الصحة أن تهيمن سلالة "أوميكرون الخفي" على نوع الإصابات بفايروس كورونا في العالم، وذلك بعد أن تم رصد هذا المتحور في الصين وألمانيا.

وقد أعلنت السلطات الصينية مؤخرا عن تفشي قياسي في العشرات من المدن الصينية، وفي معظم الحالات تحدد الإصابة بنوع فرعي من أوميكرون هو سلالة "بي أ 2".

وأعلنت وزارة الصحة الروسية أن سلالة “أوميكرون الخفي” التي انتشرت في الصين وألمانيا قد تصبح السلالة السائدة في العالم. ووفقا لعلماء الفايروسات يفقد الذين أصيبوا بـ”أوميكرون الخفي” حاسة الشم، وقد رصدت إصابات كثيرة في الصين وألمانيا، ويعتقد أن السبب على الأرجح هو المهاجرون الذين لا يتمتعون بمناعة ضد المرض.

أوروبا تحاول تجاوز وباء كورونا لكن الاندفاع إلى رفع القيود يمهد الطريق لعودة مخاطر الأوبئة

ولم تحسم بعد بشكل قاطع الإجابة عن سؤال جوهري في مكافحة وباء كورونا، وهو: هل يمكن لمن شفي من فايروس كورونا أن يصاب به من جديد؟ فيما يأمل العلماء أن يكتسب المصابون مناعة ضد الفايروس لبضعة أشهر.

وقال إريك فيفييه أستاذ علم المناعة في الهيئة العامة لمستشفيات مرسيليا إن "اكتساب المناعة يعني أن الشخص طور استجابة مناعية ضد الفايروس ستسمح له بالقضاء عليه. وبما أن للاستجابة المناعية ذاكرة، فهذا يسمح له ألا يصاب بالفايروس ذاته مجددا في وقت لاحق".

وأضاف أنه “بصورة عامة، عند الإصابة بالفايروسات ذات الحمض النووي الريبي مثل فايروس ‘سارس – كوف – 2’ المعروف بفايروس كورونا المستجد، يتطلب الأمر حوالي ثلاثة أسابيع للحصول على كمية كافية من الأجسام المضادة الواقية”، وهذه الحماية تستمر عدة أشهر.

لكن هذا يبقى نظريا صرفا، بحكم أن الفايروس الجديد المتفشي حاليا لا يزال يحاط بالكثير من الغموض. والمعلومات المتوفرة بشأن المناعة مستخلصة من دراسات علمية حول فايروسات من نفس عائلة كوفيد - 19.

"ولا يسعنا سوى التعميم انطلاقا من فايروسات كورونا أخرى، وحتى بالنسبة إلى هذه الفايروسات تبقى المعطيات المتوافرة محدودة"، حسب تفسير مدير برامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك راين.

وتفيد معلومات واردة من آسيا وخصوصا من كوريا الجنوبية بأن عدة أشخاص أظهرت فحوص إصابتهم بالفايروس مجددا بعد شفائهم منه. ويفسر الخبراء ذلك بأنه من المحتمل بالنسبة إلى بعض المرضى ألا يتم القضاء على الفايروس لديهم بصفة نهائية وأن تكون إصابتهم مزمنة على غرار الفايروس المسبب “للهيربس” الذي يمكن أن يبقى كامنا في الجسم دون أن يتسبب في ظهور أعراض لدى الشخص الحامل له. وتظهر أعراضه على الإنسان في حالات تنقص فيها مناعة الجسم.

وطرح الخبراء فرضية أخرى، وهي أنه من المحتمل ألا يكون المريض شفي بالأساس، وأن تكون نتيجة الفحوص التي أظهرت شفاءه خاطئة، إذ أن اختبارات كشف فايروس كورونا المستجد غير موثوقة بشكل كامل. وقال “هذا قد يوحي بأن الأشخاص يبقون قادرين على نقل العدوى لوقت طويل، لبضعة أسابيع، وهذا ليس أمرا يبعث على الطمأنينة”.

اقرأ أيضا: كوفيد - 19 يزيد خطر الإصابة بداء السكري

17