موجة أقوى وأطول لأحد متحورات فايروس كورونا في كاليفورنيا تفاجئ الخبراء

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) - أثبتت موجة عدوى كوفيد الصيفية في ولاية كاليفورنيا الأميركية قوتها واستمرارها الشديدين، لتدهش الخبراء حيال صمودها مع دخولها الشهر الثالث على التوالي.

وذكرت صحيفة "لوس أنجلس تايمز" أن الدكتورة إليزابيث هادسون، المديرة الإقليمية للأمراض المعدية في مستشفيات كايسر بيرمانينت جنوبي كاليفورنيا، قالت إن قوة موجة كوفيد هذا الصيف ربما ترتبط إلى حد كبير بالمتحورات الفرعية الأكثر عدوى والتي لا تزال تظهر مع تطور فايروس كورونا. وقد ظهر خلال الأشهر الأخيرة عدد مذهل من المتحورات ذات الصلة، يطلق عليها جميعا اسم "فليرت". أحدها، وهو "كيه بي 3.1.1"، كان يزداد قوة بوتيرة مدهشة حتى أصبح أكثر السلالات انتشارا على مستوى الولايات المتحدة.

وقال الدكتور بيتر تشين – هونج، خبير الأمراض المعدية في جامعة يو سي كاليفورنيا في سان فرانسيسكو "إن متحور كيه بي 3.1.1 يبدو الأكثر براعة فيما يتعلق بانتقال العدوى، وهو المتحور الذي يعتقد الخبراء أنه سيواصل السيطرة من بين المتحورات الأخرى، ليس في الولايات المتحدة فقط وإنما في مختلف أنحاء العالم".

وفي كاليفورنيا تجاوزت مستويات فايروس كورونا في مياه الصرف الصحي أعلى الأرقام التي سجلت خلال الصيفين الماضيين، وذلك وفقا لتقديرات بيانات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الصادرة مؤخرا والتي استمرت حتى الأسبوع المنتهي في 27 يوليو الماضي. وظلت مستويات فايروس كورونا في مياه الصرف الصحي ما بين “مرتفعة” و”مرتفعة جدا” لمدة ثمانية أسابيع متتالية.

وسجلت كاليفورنيا و43 ولاية أخرى، بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا، مستويات "مرتفعة" و"مرتفعة جدا" لفايروس كورونا في مياه الصرف الصحي. ورغم أن حالات دخول المستشفى بشكل عام لا تزال تمثل جزءا صغيرا من تلك التي شوهدت خلال الارتفاعات الصيفية السابقة لكوفيد، فإن أعداد دخول المستشفيات وزيارة غرف الطوارئ آخذة في الارتفاع. كما تشهد العيادات أعدادا كبيرة من المرضى المصابين بالمرض.

وفي مقاطعة لوس أنجلس تم تسجيل دخول متوسط 389 مريضا مصابا بفايروس كورونا في المستشفيات يوميا خلال الأسبوع الذي انتهى في 27 يوليو، أي ما يقارب ضعف ما تم تسجيله قبل شهر. ويمثل الرقم الأحدث نحو ثلثي العدد القياسي خلال الصيف الماضي وثلثه بالنسبة إلى صيف عام 2022.

أما فيما يتعلق بالأسبوع الذي انتهى السبت الموافق لـ3 أغسطس الجاري، فقد قدر مركز السيطرة على الأمراض والوقابة منها أن متحور كيه بي 3.1.1. يشكل نسبة 27.8 في المئة من عينات فايروس كورونا على المستوى الوطني، وهو ما يمثل قفزة مذهلة مقارنة بنسبتها السابقة البالغة 7.2 في المئة والمسجلة قبل شهر.

ونظرا لكون المتحورات الفرعية من سلالة فليرت متقاربة، من المحتمل أن توفر الإصابة بأي منها بعض الحماية ضد البقية، على الأقل لبعض الوقت. وقال تشين - هونج إنه إذا لم تصب بكوفيد منذ فترة طويلة، فإن ظهور كيه بي 3.1.1. يزيد من خطر الإصابة بالعدوى، حيث أنه تحور ليصبح أسرع انتشارا.

ووسط هذه التحديات وسرعة تفشي العدوى اليوم أكثر من أي وقت، يتضاءل عدد الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن أصيبوا بكورونا والمعروفين باسم "نوفيدز". وقال تشين – هونج "إن أعداد من لم تسبق إصابتهم بكورونا أصبحت أقل وأقل. لقد سمعت الكثير من القصص في الأسابيع القليلة الماضية عن أشخاص لم يكونوا قد أصيبوا حتى هذه اللحظة، ونحن الآن في عامنا الخامس” منذ ظهور كوفيد.

وعلى الرغم من أن المتحورات الفرعية الأحدث سهلة الانتشار بشكل أكبر، فإنه لا توجد مؤشرات بصفة عامة على أنها من المرجح أن تستدعي دخول أي شخص المستشفى. ومع ذلك أعرب بعض الأشخاص عن دهشتهم إزاء مدى شعورهم بالمرض خلال إصابتهم بمتحور كوفيد الأخير، حيث عانوا من التهاب شديد في الحلق إلى حد شعورهم بآلام كأمواس حلاقة أو شظايا زجاج في حلقهم، بجانب تعرضهم لنوبات سعال حادة تنتهي بضيق في التنفس.

ويقول الأطباء إنه ربما لأن بعض الأشخاص مرت عليهم سنوات منذ آخر إصابة بالعدوى أو جرعة لقاح تلقوها، فإن ذلك يجعل الإصابة بمتحور هذا الصيف أمرا مفزعا بشكل خاص. وبالنسبة إلى الأسبوع الذي انتهى في 28 يوليو بلغ متوسط ما تم تسجيله من حالات جديدة 452 حالة يوميا في مقاطعة لوس أنجلس، بما يشكل ارتفاعا من 413 حالة في الأسبوع السابق له. وبلغت ذروة الصيف الماضي 571 حالة. وتعد هذه الأرقام أقل من الحقيقة حيث تشمل فقط الحالات التي خضعت لفحوصات داخل المرافق الطبية.

وتأتي موجة العدوى الجديدة في وقت يتأخر فيه العديد من الأشخاص عن لقاحاتهم الدورية لكوفيد. ويقول مسؤولو الصحة إن كل شخص اعتبارا من عمر 6 أشهر ينبغي أن يكون حاصلا على جرعة واحدة على الأقل من لقاح كوفيد منذ سبتمبر الماضي، لكن من فعلوا ذلك قليلون. ومن بين سكان كاليفورنيا الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق تلقى 37 في المئة جرعة واحدة على الأقل خلال تلك الفترة الزمنية. والأمر نفسه ينطبق على 18.7 في المئة من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عاما، و10.1 في المئة فقط من البالغين الأصغر.

وقال تشين - هونج إن "معدلات دخول المستشفى بسبب كوفيد في جامعة يو سي كاليفورنيا في سان فرانسيسكو قد ارتفعت هذا الصيف، لكنها بقيت مستقرة خلال الأسابيع القليلة الماضية". وأضاف أن "هذا يشير إلى أن مرضى كوفيد ليسوا مرضى بما يكفي للبقاء فترة طويلة بعد دخولهم المستشفى أو أنهم في حاجة إلى العناية المركزة".

وقالت إدارة الصحة العامة في مقاطعة لوس أنجلس، في بيان، إن "البيانات الحالية لا تساعد على التكهن بما يمكن أن يحدث خلال الفترة المتبقية من الصيف". ومع احتمال ظهور لقاح جديد لكوفيد الشهر المقبل، قدم الأطباء نصائح مختلفة حول ما إذا كان يتعين الانتظار أو الحصول على اللقاح الحالي للوقاية من موجة الارتفاعات الأخيرة.

ومن جانبها دعت هادسون إلى الانتظار وقالت “إن سبتمبر ليس ببعيد”، بينما نصح تشين – هونج الأشخاص الأكبر سنا أو الذين يعانون من نقص المناعة، والذين هم الأكثر عرضة للإصابة بأعراض كوفيد الحادة، بأن يأخذوا في الاعتبار تلقي اللقاح المتوفر حاليا إذا كانوا قد تخلفوا عن جرعاتهم المقررة.

وربما لا يضطر الأشخاص الذين تلقوا اللقاح الحالي إلى الانتظار مدة طويلة قبل تلقي اللقاح الجديد الذي سيطرح هذا الخريف. فقد سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية العام الماضي للراغبين بالحصول على اللقاح الجديد لعام 2023- 2024 بعد مرور شهرين على آخر جرعة لقاح تلقوها. وقال تشين – هونج إنه "في حالة تطبيق الجدول الزمني نفسه للقاح عام 2024-2025، فهذا يعني أنه سيمكن الحصول على اللقاح الحالي في أغسطس، والحصول أيضا على اللقاح الجديد في أكتوبر".