مواطنون "بدون" داخل سجن غزة المفتوح

غزة - يجد الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة أنفسهم محرومين من أبسط حقوقهم الأساسية، بسبب عدم امتلاكهم لبطاقة هوية شخصية، وسط تجاهل لهذه الوضعية الإنسانية، ولاسيما من السلطة الفلسطينية وحركة حماس التي تتولى إدارة القطاع بحكم الأمر الواقع منذ العام 2007.
ورصد تقرير حقوقي نشر الأحد حرمان خمسة آلاف فلسطيني من سكان القطاع من الحصول على بطاقة هوية شخصية. وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في التقرير أن حرمان هؤلاء من بطاقة الهوية تسبب بمنعهم من ممارسة مجموعة من حقوقهم الأساسية.
وأفاد التقرير بأنّ أكثر من 5 آلاف فلسطيني في قطاع غزة حُرموا من الحصول على بطاقة هوية، بسبب عدم وجودهم -أو آبائهم- في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثناء إجراء السلطات العسكرية الإسرائيلية تعدادا للسكان عقب احتلالها القطاع عام 1967.
وتذكر هذه القضية، بفئة كبيرة تعيش في بعض دول المنطقة العربية يطلق عليهم “بدون” ويعانون من فقدان لأبسط حقوقهم المدنية والسياسية جراء عدم حيازتهم لبطاقة هوية.
وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان “مواطنون بلا هوية”، أنّ فاقدي الهوية في قطاع غزة كانوا قد دخلوا إلى القطاع إما قبل عام 2000 من خلال تصاريح الزيارة المؤقتة الممنوحة من السلطات الإسرائيلية، وإما بعد عام 2000 في الفترات التي تم فيها اختراق الجدار الحدودي بين مصر وغزة، أو عبر الأنفاق الأرضية التي كانت منتشرة على جانبي الحدود قبل عام 2014.
5 آلاف فلسطيني من سكان غزة ممنوعون من ممارسة حقوقهم لعدم امتلاكهم بطاقة هوية
وتعد معاناة هذه الفئة مضاعفة، فإلى جانب عيشهم في أشبه ما يكون بسجن مفتوح داخل القطاع الصغير، يواجهون صعوبات أشد لاسيما في الحق في التعليم والتنقل ولقاء الأهل.
واستعرض التقرير الصعوبات التي تعانيها فئة فاقدي الهويات في قطاع غزة، إذ توفي عدد منهم ممن يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة بسبب عدم تمكنهم من السفر للعلاج خارج الأراضي الفلسطينية.
وعلى صعيد الدراسة والعمل في الخارج، يُحرم فاقدو الهوية من فرص التعليم أو العمل بسبب عدم تمكنهم من السفر والتنقل، كون فاقد الهوية لا يستطيع استخراج جواز سفر يُمكّنه من السفر والتنقل بحرية كما باقي المواطنين المتمتعين بالهوية.
كما لا يستطيع فاقد الهوية الالتقاء بعائلته في حال كان البعض من أفرادها يعيشون في الخارج، ما يعني تشتيت الكثير من الأسر وحرمانها مما يسمى بـ“لمّ الشمل” بسبب معضلة فقد الهوية.
وأشار التقرير إلى أنّ أزمة فاقدي الهويات في قطاع غزة تراوح مكانها منذ سنوات، في ظل استمرار العجز الرسمي تجاه حل هذه القضية الإنسانية.

وقالت المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي في الأراضي الفلسطينية ندى نبيل إنّ “إسرائيل بصفتها قوة احتلال ملزمة باحترام القانون الدولي في جميع تعاملاتها مع السكان في الأراضي المحتلة، بما في ذلك إنهاء الرفض التعسفي لمنح بطاقات الهوية للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الإسرائيلية إلى إلغاء “القيود التعسفية” على حق إقامة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنهاء تجميد طلبات جمع الشمل، وبدء معالجتها على النحو الذي يمكن المواطنين من الحصول على بطاقات الهوية.
وطالب السلطات المصرية بـ“مراجعة السياسات الخاصة بمعبر رفح، والتي تحظر سفر الفلسطينيين لعدم حيازتهم الهوية الفلسطينية الصادرة عن السلطات الإسرائيلية، والسماح لهذه الفئة استثناء بالتنقل من وإلى قطاع غزة كونهم مواطنين فلسطينيين”. كما حث السلطة الفلسطينية على وضع آلية جديدة تتمثل في استئناف وتحديث الطلبات الخاصة بفاقدي الهويات، وبذل الجهود اللازمة في سبيل معالجة هذا الملف.