مهرجان سعودي يجسد تقاليد الأعراس في الباحة

تميزت حفلات الزواج في الباحة بالسعودية منذ القِدم بالعديد من العادات والتقاليد التي لا يزال الكثير منها قائمًا حتى يومنا هذا، لذلك يجسد مهرجان الأطاولة التراثي مظاهر الأعراس القديمة في المنطقة لتبقى في ذاكرة أجيال اليوم.
الباحة (السعودية) - جسّد مهرجان الأطاولة التراثي السابع بمنطقة الباحة تقاليد الأعراس وما تشهده من مظاهر فرح على النمط القديم الذي اشتهر به أهالي المنطقة.
واشتهرت حفلات الزواج في الباحة منذ القِدم بالعديد من العادات والتقاليد التي لا يزال الكثير منها قائمًا حتى يومنا هذا، ومع ذلك هناك فارق كبير بين ما كانت عليه تلك الحفلات قديمًا وما أصبحت عليه اليوم، ففي الوقت الحاضر لا تكاد تخلو قصور الأفراح والقاعات والاستراحات من حفلات الزواج الفردية والجماعية، بينما كانت الحفلات قديمًا تقام في المنازل وفي الأراضي الفضاء في كل قرية، وكانت أعدادها محدودة جدًا.
وتابع الحضور في المهرجان عرضا حيا يمثل الزواج في الماضي، والذي يبدأ بموكب “العروس” وهي على الجمال المزدانة بألوان الفرح البيضاء وتحمل ما يقدمه أهل الزوجين من هدايا وعطايا والتي تعد من أبرز مظاهر الزفة في أعراس الباحة.
موكب العروس وهي على الجمال المزدانة بألوان الفرح البيضاء من أبرز مظاهر الزفة في الباحة
كما تابع الحضور إعداد وجبة العشاء التي تسمى “القرا”، حيث يتم إعدادها بكامل تفاصيلها، وهي مجموعة من الآكلات التي يقدمها أهالي الباحة خاصة لدى إقامة حفلات الزواج في الماضي.
وعن الوجبات التي تقدم للنساء تقول زهرة الغامدي “في الماضي كان يتم دعوة الجميع إلى سفرة الضيافة التي يقدم فيها الخبز والعسل والسمن، فيما يتم في والوقت الحاضر تقديم الحلوى مع الأكلات الشعبية والقهوة والرطب والمعجنات والعصائر”.
واشارت إلى أنه برغم تغير مراسم الفرح في الوقت الحالي إلا أن كبيرات السن في العديد من قرى المنطقة لا يزلن متمسكات بالزي والملابس القديمة مثل الثوب المكلف والتحلي بالفضة.
وبعد حضور إعداد وجبات العشاء يتوجه الزائرون إلى سوق “ربوع قريش” بالأطاولة حيث تقام العرضة الشعبية التي عادة ما تقام في مناسبات الزواج والأعياد للتعبير عن الفرح.
وعبر عدد من الزوار عن سعادتهم بما شاهدوه وما يمثله المهرجان من إحياء للموروث وتفاصيله البسيطة والجميلة، فيما أبدى عدد من الشباب إعجابهم بما شاهدوه من تفاصيل الزواج في الماضي.
وتقول نجمة الزهراني إن عادات الزواج بمنطقة الباحة تبدأ باستقبال أهل العريس لأهل العروس بعد صلاة العصر، حيث تتقدم كبيرات السن من النساء لاستقبال العروس وذلك بإطلاق الزغاريد وضرب الدفوف إعلاناً بقدوم العروس، ثم يصطف الجميع لأداء “اللعب” باستخدام الدف وإلقاء بعض القصائد الترحيبية من الطرفين.
وتقول نورة أحمد الزهراني واصفة مراحل زفة العروس في الوقت الحاضر “عندما يحل المساء تزف العروس في أبهى حلتها أمام الحاضرات ويصاحب ذلك بعض مراسم الزفة من الموضات الحديثة التي انتشرت بين النساء من باب التنافس في زفة العروس، إلى جانب قيام العروس في ليلة زفافها بتقديم الهدايا لأقاربها وأقارب العريس وذلك تعبيرا عن فرحتها بالزواج”.
وتؤكد عائشة الزهراني أن الكثير من زيجات الوقت الحاضر تغيرت في إحياء الحفل عند النساء بعد أن كان مقتصرا على الدفوف والزغاريد واللعب، فضلاً عن تعدد الموديلات وتنوعها في اللبس والتي تعتمد على الفساتين والذهب والإكسسوارات. ومن الفروقات بين الزواج في الماضي والحاضر نجد أن مهر العروس في الماضي كان يتراوح بين خمسة وعشرة آلاف ريال، أما في الوقت الحاضر فأصبح مئات الآلاف من الريالات، فيما كانت تقتصر وجبة العشاء في الماضي على ذبح عدد قليل من الأغنام أو البقر، بينما في الوقت الحالي يتم ذبح العشرات من الأغنام إلى جانب الجمال، علاوة على تقديم الفواكه وأنواع الحلوى والسنبوسة وغيرها.
ومن أبرز ما تشهده الزيجات في الوقت الحاضر تلك الأعراس الجماعية التي تساهم بشكل كبير في الحد من النفقات العالية للزواج، إذ تتبنى الجمعية الخيرية لتيسير الزواج بالمنطقة سنوياً تزويج ما لا يقل عن 60 عريساً وعروسة، فضلاً عن اللجان الاجتماعية في القرى التي تقوم بتنظيم العديد من الزيجات الجماعية التي يساهم فيها المتزوجون بمبالغ رمزية لا تتجاوز عشرة آلاف ريال، فيما تتكفل تلك اللجان وبعض الموسرين من أهالي القرية بباقي تكاليف الزواج.