مهرجان العنب الفلسطيني يعيد للمزارعين والمتسوقين بهجة الموسم

في ظل ارتفاع ملحوظ في كميات الإنتاج لهذا العام والتي من المتوقع أن تصل إلى ما يقارب 37 ألف طن وبمستويات عالية من الجودة، يبدأ موسم جني العنب في محافظة الخليل وسط تفاؤل لدى المزارعين بموسم جيد.
الخليل (فلسطين) - بعد ثلاث سنوات من الغياب “القسري” بفعل وباء كورونا، عاد مهرجان العنب الفلسطيني في نسخته التاسعة ليتوج بأطنان من “لآلئ الذهب” الخليلي، وليعيد للمزارعين والمتسوقين على حدٍ سواء فرحة وبهجة الموسم.
وازدحمت جنبات المهرجان الذي أقيم على أكثر من 5 آلاف متر مربع بالمزارعين والمنتجين، بالإضافة إلى الزوار والمتسوقين من كل أرجاء الضفة الغربية والقدس وأراضي العام 1948، وعلا صوت الفرقة القومية للفنون الشعبية وغيرها من الفرق بالأغاني والأهازيج والعروض الوطنية، محولة الحدث من مهرجان زراعي إلى حفل ومهرجان وطني بامتياز.
وافتتح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية السبت مهرجان العنب الفلسطيني التاسع 2022 بعنوان “الشهد في عنب الخليل” في بلدة حلحول شمال الخليل، مؤكدا أن “الحكومة ستبقى الداعم الأول للمزارع الفلسطيني”، مشيرا إلى أنه “يوجد في مليون و261 ألفا من كروم عنب، 60 في المئة منها في الخليل، ونتطلع إلى أن يصل عددها إلى مليونين”.
وتركت أكثر من 150 ألف كرمة عنب في محافظة الخليل بصمتها واضحة في مهرجان العنب التاسع بأنواع وأصناف متعددة، منها: الشامي، الحلواني، البيتوني، الزيني، البيروتي والدبوقي وغيرها من الأصناف.

إقبال ممتاز
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أنه من المتوقع أن تصل كميات الإنتاج لهذا العام إلى ما يقارب 37 ألف طن وبمستويات عالية من الجودة.
غير أن وفرة الإنتاج لهذا العام تتطلب، بحسب رئيس مجلس العنب والفواكه الفلسطيني فتحي أبوعياش، تنظيم سلسلة من الأيام التسويقية التي تم الإعداد لإقامتها في عدة محافظات تحت عنوان “أيام عنب الخليل”، بالإضافة إلى المهرجان السنوي الذي ينظم في بلدة حلحول.
ونقلت الوكالة عن رئيس غرفة تجارة حلحول أحمد مناصرة وهو أحد المشرفين على المهرجان قوله إن عدد المشاركين في المهرجان بصورة مباشرة يقدر بـ100 مزارع، من بينهم 25 مزارع عنب و40 جمعية تعنى بمنتجات العنب المختلفة، و6 جمعيات تعنى بمنتجات أخرى مثل الجوافة والتمور، بالإضافة إلى شركات أطعمة ومأكولات. وأضاف أنه جرى في اليوم الأول تسويق نحو 4 آلاف كرتونة عنب داخل أرض المهرجان، ومثلها في محيطه.
وأشار المزارع طلعت جويحان من مدينة الخليل، الذي عرض أنواعا وأصنافا مختلفة من العنب لتسويقها في المهرجان، إلى أن الإقبال على المهرجان ممتاز هذا العام، مبينا أنه يوجد عنده 10 دونمات مزروعة بالعنب ويتم تسويق منتجاته في السوق المركزي، بالإضافة إلى تصنيعه، وأشار إلى أن التسويق هذا العام جيد رغم وجود العنب الإسرائيلي في الأسواق والذي ينافس المنتج المحلي.
وقال مدير زراعة شمال الخليل مجدي عمرو إن هنالك ما يزيد عن 50 ألف دونم من كروم العنب منتشرة في كافة محافظات الوطن، منها ما يقارب 30 ألف دونم في محافظة الخليل وحدها، تشكل مصدر الدخل الأساسي لما يزيد عن 6000 أسرة في المحافظة.
وقال رئيس الهيئة الإدارية لجمعية السنابل التعاونية التي تنتج عصير العنب رائد أبويوسف إن موسم العنب هذا العام جيد من حيث الإنتاج، مبينا أن المصنع واجه ضغطا كبيرا نتيجة تدني الأسعار، حيث توجه المزارعون إلى صناعة الدبس والعصير المسمى “الراووق”، لافتا إلى أن هناك طلبا على عصير العنب الفلسطيني، وأن هنالك تسويقا جيدا للعصير في فلسطين، وقال إن المصنع يعمل منذ عام 2007 وتم تطويره وإدخال خطوط إنتاج جديدة عليه، وتم تحسين الجودة، وهنالك مخطط لإنتاج عصير غازي، وعبوات خاصة بالأطفال.
وأوضح أن أشهر المنتجات المصنع هو العصير الطبيعي من العنب الأسود والأبيض وخل العنب والدبس.
وأشارت المزارعة يسرى شاهين التي تعمل في تصنيع العنب منذ عام 2000 إلى أنها طورت مهارتها عن طريق دورات خاصة لدعم المرأة المنتجة والعاملة، وترافق زوجها في تسويق منتجاتهما في مهرجان العنب الفلسطيني، حيث تعمل في تصنيع منتجات العنب من ورق الدوالي المحفوظ في أوان زجاجية وبلاستيكية، والدبس، والملبن، بالإضافة إلى الزعتر والسماق والبندورة المجففة.
ووصفت شاهين نفسها بملكة الملبن، حيث تنتج سنويا مئات الكيلوغرامات من الملبن، مبينة أنها تعمل على تسويقه في المهرجانات، بالإضافة إلى زبائن في كل المحافظات، مشيرة إلى أنها تشتري أيضا العنب من أجل تصنيعه لتغطي كافة الطلبات والاستفادة من الموسم قدر الإمكان.
وقال المزارع بهاء كرجة من بلدة حلحول، صاحب مشتل حلحول الحديث لإنتاج أشتال العنب المتميزة، إنه يعرف أنواع الأشتال من شكل الورق، وأن أفضل أنواع الأشتال لإنتاج ورق الدوالي هو البيتوني ذو الثمار السوداء، وأوضح أن أكثر المشاكل التي تواجه نجاح الأشتال هي الظروف الجوية بالإضافة إلى نوع التربة.
بدورها قالت سيدة الأعمال نهى مصلح صاحبة محل غاليري ومعرض زينب للفنون الشرقية وخبيرة تراث عربي إسلامي وفلسطيني، إن التراث الفلسطيني جزء من هذه المنظومة، مشيرة بذلك إلى مهرجان العنب الفلسطيني، مؤكدة أنه يوجد الآن في فلسطين نهضة ثقافية عميقة. وقالت “الكثير من الشباب اليوم يفتخرون أنهم يحملون حقيبة مكتوب عليها أسماء مدن فلسطينية بالتطريز (…) ومن يلبس شالات صنعت بأيدي نساء فلسطينيات من القدس (…) وهنالك اندماج مجتمعي رهيب حول الثقافة الفلسطينية”، مشيرة إلى أنها تأتي لتسويق منتجاتها في مهرجان العنب كل عام، مبينة أن كل المأكولات من منتجات العنب جزء من الثقافة والتراث الفلسطيني.
وأوضحت مصلح أن مهرجان العنب يجمع الناس من شمال فلسطين إلى جنوبها والداخل الفلسطيني، وهو مهرجان شعبي وطني وطبيعي في موقعه، حيث ينتج العنب ويزرع بأيدي المزارعين الصامدين في أرضهم.
وقالت المتسوقة لارا مارا من كفر كنا “جئنا إلى مهرجان العنب الخليلي لشراء العنب ومنتجاته، ولدعم مزارعينا الفلسطينيين ماديا ومعنويا”، مضيفة أنها حاولت شراء منتجات عديدة ومن كل الأصناف من داخل المهرجان، منها صابونة الغار الطبيعية، وصابونة البقدونس، والعنب الأسود والأبيض، والحلويات والمكسرات. وقالت “جئنا بباصات من الداخل (…) وآخرون أتوا بمركباتهم الخاصة”.