مهربو البشر يحتفلون بعودة ترامب عدو المهاجرين إلى السلطة.. كلفة التهريب أعلى الآن

المخاطرون بالهجرة غير النظامية والمهربون ينتظرون استلام الرئيس الأميركي المنتحب دونالد ترامب لمهامه في يناير ليشرعوا في تنفيذ خطط التحايل على إجراءاته المتشددة. ويعتقد المهربون أن التشدد يعطيهم فرصة أكبر لتحصيل أموال أكبر.
مكسيكو- يرحب مهربو البشر الذين ينقلون المهاجرين شمالا من أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يتوقون إلى ارتفاع المقبلين على خدماتهم.
وقال أحد مهربي البشر الذي تحدث إلى مؤسسة تومسون رويترز شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من انتقام السلطات المكسيكية والعصابات “أبارك لدونالد ترامب على فوزه“.
وأضاف الرجل البالغ من العمر 45 عاما، الذي أمضى السنوات الست الماضية في نقل المهاجرين غير الشرعيين، “ننتظر 20 يناير بفارغ الصبر للعودة إلى العمل وكسب المزيد من الدولارات.” وكان جل المستفيدين من خدماته من أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي.
ويعتمد الآن على انتعاش التجارة بعد وعد ترامب الانتخابي باتخاذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين بمجرد توليه منصبه في 20 يناير. وتعهد الرئيس المنتخب بإطالة الجدار الحدودي لإبعاد المهاجرين وفرض عمليات ترحيل جماعية على الذين تمكنوا من العبور.
ويأمل هذا المهرب، مثل الآلاف من المهربين الآخرين، أن يجني أموالا كبيرة بعد عودة ترامب. ويتوقع زيادة لا تقل عن ألفي دولار في الأرباح للشخص الواحد.
كما يستفيد المهربون (أو الذئاب كما يُعرفون محليا) من ذعر المهاجرين الذين يفر الكثير منهم من العنف والفقر المتزايد، حيث يخشى هؤلاء زيادة صعوبة نيل حق اللجوء في ظل رئاسة ترامب الثانية.
وكان المهربون يروّجون لمعلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي حتى قبل فوز ترامب بإعادة انتخابه. وهم يحثون المهاجرين على اجتياز الحدود الأميركية الجنوبية قبل أن يتولى ترامب منصبه لأن رئاسته ستصعّب عبورهم.
وقال المهرب، وهو أب لثلاثة أطفال، إنه كان ينقل حوالي 30 شخصا أسبوعيا إلى الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. وشملت الرحلات شبابا وعائلات مع أطفال. وتقاضى ما لا يقل عن 5 آلاف دولار للفرد الراغب في بدء حياة جديدة بالطائرة أو الحافلة أو السيارة.
ويجده من يرغب في التعامل معه بفضل توصيات متناقلة من العائلات التي نجحت في الوصول إلى الولايات المتحدة. وقال المهرب إنه يوجه المهاجرين إلى سلسلة من المنازل الآمنة حيث يمكنهم تناول الطعام والنوم واستخدام الإنترنت.
لكنه شهد انخفاض أعماله بنسبة 80 في المئة خلال العام الماضي، حيث أنشأت وكالة الجمارك وحماية الحدود الأميركية تطبيقا يسمح للمهاجرين بتقديم طلبات لجوئهم على الحدود.
وانتظر المهاجرون على الحدود في المكسيك للحصول على موعد بدلا من الاعتماد على مهرّب لنقلهم، حتى لو كان ذلك يعني العيش لعدة أشهر في مناطق تشتهر بالجريمة.
ومنح التطبيق 1450 موعدا يوميا في 2023.
وتعهد ترامب بالتخلص من التطبيق الذي شكّل الخيار القانوني الرئيسي بالنسبة إلى الذين يطلبون اللجوء. وسيرفع هذا الإجراء الطلب على خدمات المهربين الذين سيضاعفون الرسوم التي يطلبونها.
وأضاف المهرب “يقولون إنهم سيغلقون الحدود، لكننا نجد دائما حفرة للتسلل من خلالها. لا يمكنهم إغلاق كامل الحدود، فهذا مستحيل“.
وأكد أنه حقق معدل نجاح يقترب من 100 في المئة من خلال تسلق الجدار في المناطق التي تسيطر عليها العصابات. وينقل المهاجرين إلى وجهتهم المختارة عند بلوغ الجانب الأميركي.
ومن المتوقع أن يعلن ترامب المناوئ للهجرة غير الشرعية حالة طوارئ وطنية عند توليه منصبه، وأن يسحب الموارد من الحكومة لقمع الهجرة القانونية وغير الشرعية.
وأكدت مورين ماير من مكتب واشنطن لأميركا اللاتينية، وهي مجموعة مناصرة حقوقية، أن تشديد القيود لا يثني عن الهجرة.
◄ المهربون يستفيدون من ذعر المهاجرين الذين يفرون من العنف والفقر ويخشون صعوبة نيل حق اللجوء في ظل رئاسة ترامب الثانية
وقالت إن هذا لن يضعف تدفقات المتوجهين إلى الولايات المتحدة، بل سيرفع أرباح الجماعات الإجرامية المنظمة.
وحددت تقديرات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في 2017 أن تهريب البشر إلى الولايات المتحدة يحقق للجماعات الإجرامية أرباحا تصل إلى 4.2 مليار دولار سنويا.
وبينما تشدد السلطات الأميركية والمكسيكية الإجراءات الأمنية على طول حدودهما، يتأجج صراع عنيف جنوبا، وراء الحدود الفاصلة بين المكسيك وغواتيمالا. وسوف يؤدّي هذا إلى تحولات في مجال تجارة التهريب والتحكم فيها، ويضيف مخاطر جديدة على المهاجرين.
وعملت العصابات على تجنيد العديد من المهربين الذين كانوا يعملون بشكل مستقل. وهي تسيطر اليوم على المعابر الحدودية.
وتدير شبكة واسعة عمليات تهريب البشر الجماعية، وتوفر الحافلات السياحية والشاحنات والمقطورات والدراجات النارية وسيارات الأجرة والتطبيقات التي تخص السائقين الذين ينقلون المهاجرين عبر المكسيك إلى الولايات المتحدة.
وقال المهرب، الذي جندته عصابة رفض الكشف عنها، “نحن ندفع رسوما لفعل أيّ شيء، لنقل البشر والبضائع والغذاء“.
وأكد أن المهربين يدفعون أيضا للمسؤولين الفاسدين حتى يتمكنوا من اجتياز نقاط التفتيش التي أقيمت لمكافحة سيل المهاجرين.
ويبقى عنف العصابات شديدا، وخاصة في ولاية تشياباس الواقعة جنوب المكسيك. وتعد المنطقة نقطة عبور رئيسية للمهاجرين المتجهين شمالا من أميركا الوسطى أو من أماكن بعيدة مثل مضيق دارين الغابي الممتد بين كولومبيا وبنما.
وقال أرماندو فارغاس، الخبير الأمني في مركز أبحاث مكسيكو إيفالوا، إن فصائل من عصابة سينالوا وعصابة خاليسكو نويفا جينيراسيون وغيرها تتقاتل للسيطرة على الاتجار بالبشر في تشياباس.
وأشار إلى أن الاتجار يشمل التجنيد القسري والاستغلال الجنسي وسرقة الأعضاء. وأكد أن الجريمة المنظمة تجني الآن من الاتجار بالبشر أموالا تتجاوز ما تجنيه من تهريب الأسلحة.
وشاهدت مؤسسة تومسون رويترز المهربين على ضفاف نهر سوشياتي في تشياباس. وكانوا ينقلون المهاجرين على طوافات مصنوعة من الخشب والمطاط عبر امتداد ضيق من النهر. وغض الحرس الوطني المكسيكي والمعهد الوطني للهجرة الطرف.
وقال المهرب إن على كل شخص أن يدفع 1200 بيزو (60 دولارا) للعصابة مقابل الحق في عبور النهر الذي يفصل بين المكسيك وغواتيمالا.
وأضاف أن من يرفض الدفع (المهاجرون والمهربون) يواجه خطر الاختطاف أو القتل.
ووثّق مكتب واشنطن لأميركا اللاتينية وجماعات حقوق الإنسان الأخرى المخاطر الشديدة التي يواجهها المهاجرون في رحلتهم شمالا.
وقالت ماير “غالبا ما يتعرضون لإساءة المعاملة أثناء الاختطاف، مثل الاعتداء الجنسي والتعذيب وقطع الطعام والماء لبعث رسائل إلى أفراد الأسرة الموجودين في الغالب في الولايات المتحدة وابتزازهم لدفع فدية“.
وتنخرط العصابات في حروب أكثر عدوانية. ويتوقع فارغاس أن يدفع هذا أيضا المزيد من المكسيكيين إلى المخاطرة والتوجه إلى الولايات المتحدة بحثا عن حياة أفضل.
وقال “سيزداد خطر العنف بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص المستضعفين. ولا نتحدث فقط عن المكسيك بل عن كامل أميركا اللاتينية“.
ويتوقع المهرب الذي يعتمد التطبيق أن تكون سنة 2025 مربحة رغم الضربة الثلاثية للمهاجرين المحتملين (عنف أكبر ورسوم أعلى وقيود أكثر صرامة). وقال “لا يريد المهاجرون أن يدفعوا للمهربين. لكنني أعتقد أننا سنصبح خيارهم الوحيد والأكثر أمانا“.