مهاجرو كأس العالم مهددون بالترحيل من روسيا

5 آلاف مهاجر عالقون لا يريدون العودة إلى بلدانهم، ولكن لا يمكنهم أيضا التقدم إلى الأمام.
الجمعة 2019/03/08
الصرامة الروسية تنغص حياة اللاجئين

موسكو  –  في شقة صغيرة في ضواحي موسكو، لا يملك لامين سوى بعض الثياب والإنجيل، جلبها معه في حقائبه منذ مجيئه إلى روسيا، على غرار الآلاف من الأفارقة، الذين قدموا إلى روسيا مع تأشيرة “بطاقة المشجعين” لحضور مونديال 2018.

ولكن بعد ثمانية أشهر من نهاية العرس الكروي، يعيش ابن الـ23 عاما المتحدر من غامبيا في شقة مؤلفة من غرفتين مع تسعة أشخاص، ومن بينهم رضيع يبلغ أسبوعين لزوجين من الكونغو، ويحاول أن يتفادى الترحيل.

وصل لامين إلى روسيا مع “بطاقة المشجعين”، وهو المستند الذي كان بين أيدي المشجعين كتأشيرة لعبور الحدود.

وبينما جاء معظم من حمل هذه التأشيرة إلى روسيا لحضور المباريات، قرر آخرون عدم المغادرة والبقاء للعمل. كما طلب بعضهم اللجوء السياسي، وجعل آخرون من روسيا محطة مؤقتة قبل الانتقال إلى القارة الأوروبية.

ولكن آمالهم اصطدمت بوحشية الواقع إذ تحاول وزارة الداخلية الروسية جاهدة لطرد هؤلاء المتطفلين.

يؤكد لامين الذي طلب التعريف عنه بهذا الاسم المستعار، أنه فر من صراع عائلي في غامبيا ويصر على أن حياته في خطر، قائلا “كنت ضائعا وليس لديّ أي مكان لأقصده”.

وقرر طالب الإدارة السابق الاستفادة من مساعدة أحد المهاجرين من ليبيريا، الذي تقاسم معه وجباته ووفّر له الشقة التي يسكن فيها حالياً.

ولكن لامين فقد سنده بعدما تم ترحيل صديقه في فبراير الماضي إثر مداهمة الشرطة الروسية لشقته، بحجة أنه لا يمتلك أي أوراق ثبوتية رسمية، لذا يخشى لامين أن يواجه المصير ذاته، فهو أيضاً لا يملك سوى تصريح إقامة مؤقت تنتهي صلاحيته في منتصف مارس الحالي، ويقول، “أنا خائف من إجباري على العودة إلى دائرة الخطر في بلدي”.

وبفضل مساندة جمعية المساعدة المدنية وهي منظمة تعمل مع اللاجئين، تقدم بطلب اللجوء، دون الكثير من الأمل. ففي العام 2017، لم تمنح روسيا هذا الوضع سوى لـ33 شخصاً وفقا للأرقام الرسمية.

ومنحت السلطات الروسية تأشيرة “بطاقة المشجعين” التي تسمح للجماهير بالدخول إلى روسيا خلال كأس العالم فقط، ولكن بعد نجاح هذا العرس الكروي في عكس صورة إيجابية عن البلد، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمديد فترة الإقامة حتى نهاية عام 2018.

ووفقا لوزارة الداخلية بقي قرابة 12 ألف شخص بطريقة غير شرعية في روسيا بعد نهاية الفترة المحددة. ولكن العدد تقلص إلى 5 آلاف في فبراير 2019.

وتواصل روسيا ترحيل الأجانب الذين مكثوا بشكل غير قانوني في روسيا، وحاولوا عبور الحدود مع الدول الغربية عبر مناطق كالينينغراد، ومورمانسك ولينينغراد الروسية، وقال النائب الأول لوزير الداخلية الروسي ألكسندر جوروفوي، “لقد انتهكوا غرضهم من الإقامة وسيتم طردهم من روسيا”.

ويؤكد دانييل الذي يعمل مع المهاجرين الأفارقة منذ 10 أعوام في موسكو، أن كأس العالم استقطبت أكبر موجة من القادمين من أفريقيا.

وتحدث هذا الناشط الذي قرر عدم الإفصاح عن اسم عائلته خوفا من الملاحقة، “عندما يأتون إلى هنا، يعلقون. لا يريدون العودة إلى بلدانهم، ولكن لا يمكنهم أيضا التقدم إلى الأمام”، مضيفا “القسم الأكبر من المهاجرين لا يتحدثون اللغة الروسية، ومن دون ذلك، فان الآمال بإيجاد فرص للعمل ضئيلة جدا”.

هذه هي حال سالومون (31 عاما)، القادم إلى روسيا خلال المونديال لمشاهدة منتخب بلاده نيجيريا، مع نية البقاء إثر نهاية المسابقة.

يشرح خريج قسم الهندسة قائلا، “لا توجد في نيجيريا فرص للعمل والأجواء السياسية سيئة”، ويتابع “أريد البقاء هنا لفترة من الوقت للعمل وجني المال للذهاب إلى مكان آخر”.

ووقع قسم من المهاجرين ضحية شبكات الدعارة مثل فيكتوريا التي وصلت من نيجيريا لحضور المونديال، فنصحها أحد المقربين منها أن تدرس في روسيا.

غير أن السيدة التي أقلتها من المطار، قادتها إلى شقة، وطلبت منها التعري، وتتذكر ابنة الـ22 عاما هذه الحادثة قائلة، “أخذوا مني جواز سفري وتأشيرة بطاقة المشجعين”.

وبعدما أجبرت على ممارسة الدعارة خلال أشهر عدة، تواصلت فيكتوريا مع منظمة مكافحة الاتجار بالبشر وتمكنت من الفرار.

وساعدت هذه المنظمة فيكتوريا في الحصول على الموافقة للبقاء حتى فصل الصيف وعملت في محل لإصلاح الأحذية.

وأقرت أنها تريد البقاء في روسيا، ولكن ليس “لفترة دائمة، بل إلى حين ادخار بعض المال وفتح تجارة عندما أعود إلى نيجيريا”.

وتساعد منظمة مكافحة الاتجار بالبشر فيكتوريا للحصول على تمديد لإقامتها على أمل أن تتمكن “من البقاء في روسيا” كما تقول.

وتختم قائلة، “الكثير من الفتيات اللواتي قدمن معي ما زلن يعملن. إنهن خائفات جدا من المغادرة”.

20