من يضغط على الرئيس التونسي بترفيع أسعار المواد بشكل متزامن؟

تونس- أقرت أوساط تونسية بوجود أطراف سياسية تدفع نحو الضغط على الرئيس قيس سعيد وإحراجه أمام المواطنين، عبر الترفيع في أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية، ومواصلة احتكار السلع والمواد، في خطوة لتوتير الأجواء الاجتماعية بعد الفشل في مهامها السياسية.
واشتكى التونسيون في الفترة الأخيرة من غياب مفاجئ لبعض المواد الأساسية والاستهلاكية على غرار الزيت النباتي، ومادة السكر، بسبب الاحتكار والمضاربة، فضلا عن ارتفاع في أسعار عدد من المنتجات.
وكشف المعهد الوطني للإحصاء، عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.2 في المئة خلال شهر سبتمبر، بسبب ارتفاع أسعار الدواجن بنسبة 24 في المئة وزيت الزيتون بنسبة 21.9 في المئة وأسعار الخضر بنسبة 18.1 في المئة. كما ارتفعت أسعار المواد المصنعة والخدمات بنسبة 7.2 في المئة بسبب ارتفاع المواد الصيدلية بنسبة 8.6 في المئة، وسجلت مواد البناء ارتفاعا بنسبة 12.6 في المئة.
وسبق أن أكد الرئيس سعيد في لقائه مع وزير التجارة وتنمية الصادرات، على ضرورة التصدي لكل مظاهر المضاربة واحتكار المواد والسلع وفرض احترام الأسعار، مشددا على أنه لا مجال للتسامح مع كل من يحاول التحكم في قوت التونسيين.

بدرالدين قمودي: لوبيات متحالفة مع المنظومة السابقة تضغط على الرئيس
وترى أوساط سياسية أن هناك أطرافا سياسية كانت تتقلد مناصب في السلطة، تسعى إلى إحراج الرئيس سعيد وقطع الطريق أمام محاولاته للتصدي للفساد ومحاربة الاحتكار وغلاء الأسعار، مبرزة وجود تحالف بين تلك اللوبيات ومكونات المنظومة السياسية السابقة.
وأفاد بدرالدين قمودي، السياسي ورئيس لجنة الإصلاح الإداري بالبرلمان السابق، أن “لوبيات الفساد تعمل على إجهاض مسار الرئيس قيس سعيد وتشتغل على رفع الأسعار وكلفة الإنتاج حتى يتم إحراج الرئيس لأنه يستهدف محاربة الفساد وهو ما يزعج هؤلاء”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هذه الأطراف تعمل على توتير الملف الاجتماعي من خلال المزيد من احتكار المواد الأساسية والغذائية، وترفيع الأسعار”.
وتابع قمودي “محاربة هذه اللوبيات اليوم، هي مهمة هذه الحكومة الجديدة، ولا بد من الاشتغال عليها بعمق، لأن هؤلاء في تحالف مع المنظومة السياسية التي خسرت مواقعها في السلطة في الخامس والعشرين من يوليو الماضي”، وأضاف “رأينا كذلك في البرلمان تقديم مقترحات قانونية تخدم مصالحها وهذا أمر بات معروفا”.
ودعا قمودي إلى “ضرورة إعادة النظر في عدة خيارات، في علاقة بمسالك التوزيع وتشديد المراقبة الاقتصادية والعدالة الجبائية التي كانت تستهدف الطبقتين المتوسطة والضعيفة”.
وأردف “لا بد من ضرب الاقتصاد الريعي والاحتكار، فضلا عن إعادة النظر في خيارات صندوق الدعم الذي كان يستفيد منه رجال أعمال ولوبيات الفساد”.
وكشفت بيانات رسمية صادرة عن معهد الإحصاء الحكومي أن مؤشر أسعار المنازل في تونس قفز خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 23.7 في المئة، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع المؤشر العام لأسعار العقارات بشكل عام.
وشهدت أسعار الحديد المخصص للبناء ارتفاعا حادّا، إذ زادت مرتين منذ بداية العام الجاري، فيما تطالب مصانع الحديد التي دخلت في صدام مع السلطة بزيادة ثالثة، وسط تجفيف للمعروض في السوق من هذه السلعة الرئيسية. وعرفت تونس صراعات سياسية متواصلة غذتها التجاذبات والصراعات بين مكونات المشهد، وعطلت الحسابات السياسية للأحزاب السلطة عن السير العادي لدواليب الدولة.
وفي الخامس والعشرين من يوليو الماضي، أعلن الرئيس التونسي جملة من القرارات الاستثنائية أهمها تجميد نشاط البرلمان لمدة ثلاثين يوما، وإقالة حكومة هشام المشيشي، كما قرر في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي تمديد العمل بتلك الإجراءات.