من يستحق جائزة نوبل للسلام في عالم لا سلام فيه؟

التكهن بالجهة أو الشخصية التي ستنال الجائزة يبدو صعبا في ظل عالم "معطّل" ما بين الحرب في أوكرانيا والانقلابات العسكرية في أفريقيا وبؤر التوتر الجيوسياسية.
الخميس 2023/10/05
جائزة للسلام في عالم معطّل

أوسلو - مع اقتراب إعلان الفائز أو الفائزين بنوبل السلام الجمعة في أوسلو، يبدو التكهن بالجهة أو الشخصية التي ستنال الجائزة على قدر كبير من الصعوبة هذه المرة، في ظل عالم "معطّل" ما بين الحرب في أوكرانيا والانقلابات العسكرية في أفريقيا وبؤر التوتر الجيوسياسية المتفاقمة.

ويقول مدير معهد ستوكهولم الدولي للأبحاث حول السلام دان سميث "الحقيقة المؤسفة أنه لا يُصنع الكثير من السلام في العالم عام 2023". ويضيف سميث "عدد الحروب حاليا هو حوالي ضعف عددها في 2010 على سبيل المثال، وبالتالي لا أعتقد أن بإمكاننا العثور على صانع سلام لجائزة نوبل للسلام هذه السنة".

وقال البروفيسور السويدي بيتر فالنستين المتخصص في القضايا الدولية "من جوانب عدة، سيكون من المناسب ألا تمنح اللجنة الجائزة هذا العام"، مضيفا "ستكون طريقة جيدة لتسليط الضوء على خطورة الوضع العالمي كما حدث في سنوات الحربين العالميتين".

ومع الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، توّجت الجائزة العام الماضي ثلاثة "أبطال" في الكفاح من أجل الحقوق والحريات: المنظمة الروسية غير الحكومية “ميموري” التي حلّتها موسكو رسميا، والمركز الأوكراني للحريات المدنية، والناشط البيلاروسي المسجون أليس بيلياتسكي، في خيار يحمل رمزية كبيرة.

دان سميث: لا أعتقد أن بإمكاننا العثور على صانع سلام لجائزة نوبل
دان سميث: لا أعتقد أن بإمكاننا العثور على صانع سلام لجائزة نوبل

وبعدما مُنحت الجائزة في العام الأسبق إلى أحد منتقدي الكرملين أيضا وهو الصحافي الروسي ديمتري موراتوف الذي فاز بها بالاشتراك مع الصحافية الفيليبينية ماريا ريسا، قد تختار اللجنة هذه المرة تسليط الأضواء على منطقة جغرافية أخرى.

وتشير بعض التكهنات إلى الإيرانيات اللواتي تظاهرن بعد وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعد أيام على توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة، أو الناشطات من أجل حقوق النساء لاسيما في مجال التعليم في بلدان تُحرم الفتيات منه.

ويتمنى مدير معهد أوسلو للأبحاث حول السلام هنريك أوردال منح الجائزة بصورة مشتركة للناشطة الحقوقية الإيرانية نرجس محمدي المسجونة حاليا، والأفغانية محبوبة سراج، اللتين تكافحان من أجل تمكين النساء من “خوض السياسة والعمل الاجتماعي".

وأما رئيس معهد ستوكهولم فيدعو إلى التركيز على المناخ ويطرح اسم حركة "فرايدايز فور فيوتشر" (Fridays for future) التي أنشأتها الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، واسم الزعيم القبلي البرازيلي راوني ميتوكتيري المدافع عن حقوق الشعوب الأصلية بمواجهة إزالة الغابات.

ووسط الإحباط حيال المشهد الجيوسياسي الحالي في العالم، يرى البعض أنه يجدر ربما الإحجام هذه السنة عن منح جائزة السلام. لكن لجنة نوبل لا تحبّذ مثل هذا الخيار الذي اتخذته آخر مرّة عام 1972، إذ تعتبره إقرارا بالفشل في حين بلغ عدد الترشيحات هذه السنة 351 اسما.

وتبقى اللائحة سرية على مدى خمسين عاما، ما يزيد من تعقيد التكهنات. ويمكن للآلاف من الأشخاص عبر العالم من برلمانيين ووزراء من جميع البلدان وفائزين سابقين وأساتذة جامعيين وغيرهم، طرح أسماء قبل انتهاء مهلة تقديم الترشيحات في 31 يناير، كما يمكن لأعضاء لجنة نوبل الخمسة طرح أسماء خلال اجتماعهم السنوي الأول.

وبين الأسماء المتداولة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومحاكم دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وهو خيار قد يطرح مسألة جرائم الحرب في أوكرانيا.

ويتصدر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التكهنات على مواقع المراهنات الإلكترونية غير أن الخبراء يستبعدون منح الجائزة لرئيس دولة في حرب. ويطرح المؤرخ المتخصص في جوائز نوبل أسلي سفين اسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي ندد الشهر الماضي بـ"أسرة دولية معطّلة".

◙ وسط الإحباط حيال المشهد الجيوسياسي الحالي في العالم، يرى البعض أنه يجدر ربما الإحجام هذه السنة عن منح جائزة نوبل للسلام

ويرى سفين أن اختيار غوتيريش سيعطي دفعا للنهج التعددي وجهود السلام وحقوق الإنسان والدفاع عن البيئة والمناخ، في وقت تواجه فيه كل هذه القضايا صعوبات تعيق تقدمها.

ووفقا لوصية رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل، مخترع الديناميت، ينبغي أن تذهب الجائزة إلى شخص "فعل أكثر أو أفضل ما يمكن لنشر الوئام بين الدول، وإلغاء انتشار الجيوش القائمة أو خفضه، والنهوض بمنتديات السلام".

ويحصل الفائز على ميدالية وشهادة تكريم و11 مليون كرونة سويدية (994 ألف دولار) واهتمام فوري من العالم. وذات يوم قال كبير الأساقفة الجنوب أفريقي الراحل ديزموند توتو، الفائز بالجائزة عام 1984، إن نيل هذه الجائزة سيف ذو حدين.

ونُقل عنه قوله في سيرته الموثقة "في يوم لا أحد يسمعني، وفي اليوم التالي أصبحت مصدر وحي". وتعلن بيريت رايس أندرشن رئيسة لجنة نوبل النرويجية أسماء الفائزين يوم السادس من أكتوبر الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش في معهد نوبل النرويجي في أوسلو.

ويقام حفل تسليم الجوائز في مقر بلدية أوسلو في العاشر من ديسمبر ذكرى وفاة ألفريد نوبل. ومن أبرز الفائزين بجائزة نوبل للسلام الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا والدبلوماسي الأميركي هنري كيسنجر والزعيم الهندي المهاتما غاندي.

7