من الجبل إلى المدينة.. الأفق الجديد لـ"التلفريك"

حل مثالي لتجاوز المصاعب اليومية التي يواجهها السكان مع الازدحام المروري والخيارات المحدودة.
الاثنين 2023/10/09
مستقبل زاهر للتلفريك في المدن

سيتم ربط منطقة باريس وضواحيها بالتلفريك، وهي وسيلة نقل معروفة في الجبال وسيكون لها مستقبل زاهر في المدن على خلفية تغير المناخ. وقد تصبح الهند بمدنها الكبرى المزدحمة الوجهة المقبلة للتلفريك.

فولفورت (النمسا) - في أحد مصانع النمسا، يجمع ألبرت جوشوم قطع "الكابل سي 1" المستقبلي، أول تلفريك في منطقة إيل دو فرانس (باريس وضواحيها)، وهي وسيلة نقل معروفة في الجبال تبشّر بمستقبل زاهراً لها في المدن على خلفية تغير المناخ.

ويقول المسؤول البالغ 34 عاما في فولفورت بمنطقة فورارلبرغ الخضراء (غرب) "نقوم حاليا بعملية التجميع"، وهو فخور بكونه "جزءا من المشروع" للمنطقة الباريسية. وفتحت مجموعة دوبلماير المصنفة الأولى عالميا في هذا المجال، حصرياً أبواب موقع إنتاج تلفريك المدن لوكالة فرانس برس.

وبعد سان دوني بجزيرة لا ريونيون وفي تولوز (غرب فرنسا)، وهي مشاريع نفذتها الشركة الفرنسية المنافسة بوما، جاء دور منطقة العاصمة، فبحلول عام 2025 سيتم ربط كريتاي بفيلنوف سان جورج عن طريق مقصورات التلفريك التي تمر فوق المنطقة. وهي رحلة مسافتها 4.5 كيلومترات على خمس محطات لربط 20 ألف نسمة بالمحطة الأخيرة على خط المترو رقم 8.

وستكون المقصورات قادرة على استيعاب عشرة أشخاص كل 30 ثانية تقريبا، أو 1600 في الساعة. وهو الخيار الأفضل وفقا للوران بروست مدير “إيل دو فرانس موبيليتيه”، الهيئة المنظمة للنقل العام في منطقة إيل دو فرانس. وصرح للوكالة أن "النقل عبر الكابل وسيلة نظيفة وصامتة ومنتظمة".

ويقول بروست إنه "من خلال تجاوز العقبات" مثل خطوط القطارات ومحاور الطرق، تشكل هذه الوسيلة الحل المثالي لمعالجة المصاعب اليومية التي يواجهها السكان مع الازدحام المروري والخيارات المحدودة. وبالتالي فإن التلفريك خيار ذكي في المناطق غير الساحلية والوعرة ولكنها ليست ذات كثافة سكانية كافية لربطها بمترو الأنفاق.

◙ بعد مقصورات التلفريك في المكسيك أو تلك التي تربط مدينتي لاباز وإل ألتو في بوليفيا قد تصبح الهند بمدنها الكبرى المزدحمة الوجهة المقبلة

وهي وسيلة منخفضة الكلفة. وترى الخبيرة حنان بنغالو، وهي من مؤسسي شركة "إمتار" الاستشارية للتخطيط، أن الاستثمار عن كل كيلومتر يقل عن سبعة ملايين يورو، مقابل أكثر من 20 مليوناً لخط الترامواي. وتضيف "إنه حل مبتكر يستخدم القليل من الأراضي وسريع التشغيل، لأنه لا يتطلب أعمالاً ضخمة”، مع إتاحة "التخلص من الكربون"، إذ تمثل وسائل النقل 35 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في فرنسا.

وبالطبع هناك عوائق أيضا، فبالإضافة إلى الخوف من المرتفعات، يرفض السكان أحياناً العبور فوق المنازل. وتبقى الإجراءات الإدارية معقدة. وحتى لو كان معظم المسار صامتاً، فإن الضجيج الناتج عن أبراج المرور يمكن أن يكون مزعجا، كما الحال مع تغيّر المناظر الطبيعية، وعلى المسارات بين المحطات أن تكون مستقيمة.

كما جرى التخلي عن مشاريع كثيرة في السنوات الأخيرة، كما حصل عام 2022 في ليون مع رفض السكان لهذه الخطة. لكن أكثر من 80 مدينة اتخذت هذا القرار في جميع أنحاء العالم، إذ لم تعد مقصورات التلفريك "مقتصرة على منتجعات التزلج”، على حد قول الخبير. وتأسست مجموعة دوبلماير قبل 130 عاماً، ويعمل فيها 3400 موظف في حوالي خمسين دولة، ويمثل التنقل في المدن الآن 20 في المئة من حجم أعمالها.

والمجموعة التي بنت "أول مصعد تزلج لها في جبال الألب عام 1937"، لا تسجل حالياً طلبات أقل في الجبال، رغم ارتفاع حرارة الأرض الذي يهدد بعض منتجعات التزلج، كما يقول رينهارد فيتز المسؤول عن التطوير التجاري العالمي.

ويقول "نعلم جيداً أن الأمور تتطور" في المدن "وواكبنا هذا التطور" من خلال توسيع عروضنا لتشمل المناطق الحضرية أولاً في سويسرا وإيطاليا ثم في الجزائر، حيث يُعتبر التلفريك مناسباً تماماً مع وعورة الأرض قبل حوالي خمسة عشر عاما. ففي المناطق المأهولة، غالباً ما تكون تقنية الكابل الواحد الأخف وزنا، كافية في حال عدم هبوب رياح عنيفة.

ويضيف المسؤول أن الطريق لا يزال طويلا للإقناع، فصنّاع القرار "لا يزالون متمسكين بشدة بوسائل النقل العام التقليدية"، وفي كثير من الأحيان، لا يتم أخذ التلفريك في الاعتبار في مرحلة التخطيط، لذلك نأمل أن تكون الأمثلة كخط المنطقة الباريسية" بمثابة حافز في أوروبا وخارجها. فبعد مقصورات التلفريك في المكسيك أو تلك التي تربط مدينتي لاباز وإل ألتو في بوليفيا، قد تصبح الهند بمدنها الكبرى المزدحمة الوجهة المقبلة.

أفق مستقبلي أرحب

18