من "أكتوبر الوردي" إلى "نوفمبر الأزرق" السرطان يؤرق الجزائريين

تلتزم وزارة الصحة الجزائرية بمكافحة مرض السرطان الذي يعد من أولويات أعلى هرم السلطة في البلد، وتعد الشبكة الوطنية لسجلات السرطان خطوة أولى في مسار محاصرة المرض. وتشمل الإستراتيجية التي تتبعها الهيئة الوطنية للوقاية ومكافحة السرطان خمسة محاور تتمثل في الوقاية أولا، ثم الكشف المبكر، والتشخيص المبكر، والبحث العلمي، وكيفية تحسين مسار المريض.
الجزائر – توالت الحملات التوعوية المنتظمة من طرف جمعيات مختصة ومؤسسات استشفائية، من أجل توعية الجزائريين بضرورة اكتشاف ومواجهة مرض السرطان، الذي أخذ منحى تصاعديا، بات يشكل معه عبئا ثقيلا على الصحة العمومية، وخطرا داهما على المصابين، لاسيما في ظل نقص الإمكانيات البشرية واللوجستية مقارنة بعدد الإصابات السنوية.
لم ينته “أكتوبر الوردي” المخصص للتحسيس والتوعية بسرطان الثدي، حتى جاء “نوفمبر الأزرق” المخصص بدوره لسرطان البروستاتا، وفي الحالتين تبرز جهود القائمين والناشطين لتوسيع معارف الأفراد في الشأن الصحي، خاصة لمّا يتعلق الأمر بمرض السرطان، الذي بات من الأمراض المميتة الأولى في الجزائر، لاسيما في ظل غياب خارطة صحية متوازنة بين ربوع البلاد، حيث لا يزال الضغط مركزا كله على المستشفيات الكبرى في العاصمة والمحافظات الكبرى.
وفيما تتحدث البيانات الرسمية عن تسجيل حوالي 50 ألف إصابة سنويا، فإن تقديرات أخرى تذهب إلى أن الرقم غير دقيق، فشهادات عيان تكشف عن أرقام غير مرتبة ولا منتظمة، لكنها تؤشر في الغالب على أكثر من العدد المعلن، فمستشفى صغير بإحدى ضواحي العاصمة سجل أكثر من 1000 حالة في ظرف التسعة أشهر الأولى من العام الجاري.
مرض السرطان بات من الأمراض المميتة الأولى في الجزائر، لاسيما في ظل غياب خارطة صحية متوازنة بين جهات البلاد
ويبدو أن الحكومة تتكتم على بيانات الملف تفاديا لردود فعل منتقدة، حيث لم يتم إلى حد الآن الكشف عن محتوى التقرير الذي سلمته لجنة مختصة عينها الرئيس عبدالمجيد تبون مطلع العام الجاري لدراسة الوضعية، خاصة وأن طرح مشكلة الإمكانيات البشرية واللوجستية وحتى وفرة بعض الأدوية الضرورية، يكون واردا جدا في التقرير المذكور، فضلا عن خارطة الإصابات وتوزيعها وغيرها.
وكان رئيس الهيئة الوطنية للوقاية ومكافحة السرطان البروفيسور عدة بونجار قد أكد خلال تنصيب هيئته من طرف الرئيس عبدالمجيد تبون مطلع العام الجاري أن “هيئته قدمت للرئيس تبون عرض حال عن حالة السرطان في الجزائر”.
وأوضح أن “الإستراتيجية التي تتبعها الهيئة، تشمل خمسة محاور تتمثل في الوقاية أولا، ثم الكشف المبكر، والتشخيص المبكر، والبحث العلمي، وكيفية تحسين مسار المريض، وأن رئيس الجمهورية طلب من اللجنة تقديم تقارير دورية عن حالة وضعية مرضى السرطان، والحلول الممكن اتخاذها، حيث ستقوم اللجنة بتقديم أول تقرير خلال ثلاثة أشهر”.
وخلال أشغال اللقاء السنوي للشبكة الوطنية لسجلات السرطان، عبر وزير الصحة عبدالحق سايحي عن التزام الوزارة بمكافحة السرطان والأمراض غير المتنقلة الأخرى، وأن ملف السرطان يعتبر من أولويات رئيس الجمهورية، مثلما تؤكده الزيادة المقررة لفائدة صندوق السرطان المخصص لمواجهة هذا الداء ومكافحته.
وأكد أن “مراقبته تساعد في تسيير وتقييم إجراءات الوقاية والتكفل به، وأنها ترتكز على سجلات السرطان التي تمثل وسيلة لجمع وتدوين وتحليل البيانات المتعلقة به، وذلك بهدف تحديد معدل حالات الإصابة والتوزيع الجغرافي لها مع تحديد الإمكانيات الواجب توفرها”.
وأوضح أنه لـ”ضمان استدامة هذه السجلات وتعميمها على كافة ولايات الوطن، تمت صياغة التنظيم الهرمي للشبكة الوطنية لسجلات السرطان بموجب القرار الوزاري المجسد على شكل تنسيقيات جهوية لإرساء قاعدة بيانات وطنية لهذا الداء، كما تم تحديد يوم 26 أكتوبر يوما وطنيا للشبكة، وأن التحدي الرئيسي هو الحصول على البيانات الموثوقة المعتمد عليها في اتخاذ القرارات للوقاية ومكافحة السرطان للمخطط القادم 2025 – 2030″.
ولفت إلى أن قطاعه يقوم بوضع خارطة طريق للشبكة الوطنية لسجلات السرطان، خلال كل لقاء سنوي بغية تحسين جودة المعلومات من خلال إعطاء الأولوية للتشاور والمشاركة لأجل التزام الجميع بتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة السرطان.
وفي تصريح أدلى به للتلفزيون الحكومي، جدد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية ومكافحة السرطان عدة بونجار حرص الرئيس تبون على تقليص عدد حالات الإصابة والوفيات الناجمة عن داء السرطان، وعلى وضوح وثراء النقاش، حيث تم الحديث فيه بكل شفافية، كما تم خلاله التطرق إلى العديد من المواضيع ذات الصلة ببرنامج عمل اللجنة.
وتابع “رئيس الجمهورية وبعد اطلاعه على العراقيل الإدارية التي تخص اقتناء الكواشف والمستلزمات والمعدات الطبية والأدوية، أسدى تعليمات للتحضير لمرسوم رئاسي من أجل رفع جميع تلك العراقيل للتكفل الأحسن والأمثل بالمرضى، وأنه أسدى تعليمات لوزارة العمل والضمان الاجتماعي من أجل التكفل من خلال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالعلاج الإشعاعي لفائدة الأطفال المصابين بمرض السرطان”.
ولفت إلى أن “اللجنة قدمت خلال هذه الجلسة عرضا حول برنامج عملها للفترة 2024 – 2028 والذي يشمل خمسة محاور أولها الوقاية، التي ستمكن – وفقا لمنظمة الصحة العالمية – من القضاء على أسباب الإصابة، وبالتالي تقليص الحالات إلى أكثر من 50 في المئة وتقليص حالات الوفيات من 30 إلى 20 في المئة”.
وتابع “المحور الثاني من برنامج عملها يتعلق بالكشف المبكر، لاسيما السرطانات الأكثر انتشارا في الجزائر على غرار سرطان الثدي والقولون المستقيم والبروستاتا، وأن الكشف المبكر سيسمح بتفادي تطور الإصابة إلى المستويات الخطيرة والمراحل المتقدمة”.
واستطرد “المحور الثالث والذي يعنى بالتشخيص المبكر سيسمح برفع نسبة الشفاء والتي يمكن أن تصل إلى 97 في المئة بالنسبة لسرطان الثدي على سبيل المثال، أما المحور الرابع المتعلق بالكشف المبكر، فهو يضمن النتائج الإيجابية سواء على المريض من خلال ارتفاع نسبة التعافي، أو على خزينة الدولة من خلال تقليص كلفة العلاج، وأن التكفل بالمريض في بدايات الداء سيحسن من مساره العلاجي”.