منظومة صواريخ أس-400 تعلق أردوغان بين موسكو وواشنطن

العلاقات المتوترة سلفا بين أنقرة وواشنطن قد تتعرض إلى ضربة جديدة في ظل احتمال فرض الأخيرة عقوبات، إذا مضت تركيا قدما بصفقة البطاريات الروسية.
الجمعة 2019/03/29
أس- 400 أو العقوبات

فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استبعاد فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية الأميركية على بلاده، بعد أن رفضت الولايات المتحدة مقترحاته بشأن اقتناء بلاده لمنظومة الصواريخ الأميركية باتريوت تزامنا مع شراء منظومة أس400- الروسية، فيما يشير محللون أن الاقتصاد التركي المتأزم غير قادر على امتصاص تداعيات عقوبات أميركية إضافية.

أنقرة- يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه عالقا بين حليفه الأميركي في حلف شمال الأطلسي وشريكه الروسي، ومُخاطرا بإثارة غضب الطرفين تجاهه، مع اقتراب تسلّم أنقرة شحنة الصواريخ الروسية أس400-.

وقد تتعرّض العلاقات المتوترة سلفا بين أنقرة وواشنطن إلى ضربة جديدة في ظل احتمال فرض الأخيرة عقوبات، إذا مضت تركيا قُدماً بصفقة البطاريات الروسية التي يتوقع وصول أول شحنة منها خلال الصيف.

وحذّر في الآونة الأخيرة المتحدث باسم البنتاغون تشارلز سامرز من أن تركيا تضع نفسها في مواجهة “تداعيات خطيرة”، وهو تهديد يجب أخذه على محمل الجد، وفق محللين. لكن إذا تراجعت تركيا، فإن الرئيس أردوغان سيخاطر بإثارة غضب موسكو، شريكه الإستراتيجي في سوريا.

وقد يضع ذلك على المحك اتفاقا جرى التوصل إليه بين موسكو وأنقرة لمنع هجوم للنظام السوري في محافظة إدلب الحدودية مع تركيا والتي تسيطر عليها جماعات جهادية. وقد تلجأ روسيا، وفقا لخبراء، إلى السلاح الاقتصادي عبر كبح ذهاب الملايين من السياح الروس إلى تركيا التي تعاني من تباطؤ اقتصادي هو الأول في عشر سنوات.

وتبدي الدبلوماسية الأميركية السابقة والباحثة في معهد بروكنغز أماندا سلوت اعتقادها بأن “الإدارة الأميركية والكونغرس لا يطلقان تهديدات فارغة، ثمة قلق فعلي في واشنطن وفي أوروبا إزاء شراء حليف في الأطلسي معدات دفاعية روسية”.

باتريك شاناهان: للحفاظ على مقاتلات أف35- تحتاج تركيا شراء منظومة باتريوت
باتريك شاناهان: للحفاظ على مقاتلات أف35- تحتاج تركيا شراء منظومة باتريوت

ويخشى الأميركيون من أن تُستخدم تكنولوجيا بطاريات أس400- لجمع بيانات حول طائرات الناتو العسكرية، وأن تصل هذه المعلومات إلى روسيا، كما يشير هؤلاء إلى مشاكل حول التوافق التشغيلي للأنظمة الروسية مع أنظمة الناتو.

ويصر أردوغان على القول إن أنقرة بحاجة إلى منظومة أس400- للدفاع عن حدودها، فيما توجه إلى روسيا لعدم توفر سلاح بديل مقنع لدى الجانب الأميركي. وأعلن مؤخرا “لا مجال للتراجع بالنسبة إلينا”. ويمكن، وفقا لخبراء، أن تُلاحق تركيا من خلال قانون كاتسا (قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات)، الذي يفرض عقوبات اقتصادية على كل كيان أو بلد يوقع عقود تسليح مع شركات روسية.

ودعا مسؤولون أميركيون وجنرالات مرارا إلى وضع حد للمحادثات حول تسليم مقاتلات أف35- الأميركية إلى تركيا في حال حازت الأخيرة على منظومة أس400-. وتعتزم تركيا شراء مئة مقاتلة من هذا الطراز، فيما بدأ طيارون أتراك بالتدرب مع نظرائهم في الولايات المتحدة.

واستثمرت أنقرة نحو مليار دولار في هذا البرنامج، وبالتالي فإن أي قرار أميركي يمنع وصول المقاتلات سيمثّل خرقا للعقد، فيما تؤكد مصادر أن واشنطن سوف تكون مستعدة لتعويض أنقرة ماديا.

ووافقت واشنطن في العام الماضي على بيع صواريخ باتريوت الأميركية إلى أنقرة، من دون أن تتمكن من دفعها نحو التخلي عن منظومة أس400-. وأعلن وزير الدفاع الأميركي بالإنابة باتريك شاناهان، الثلاثاء، رغبته “الأكيدة” في الحفاظ على الاتفاق حول مقاتلات إف35- مع تركيا. غير أنه في سبيل ذلك، “نحتاج أن تشتري تركيا منظومة باتريوت”.

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أعلن في بداية مارس أن المفاوضات المتعلقة باحتمال شراء الصواريخ الأميركية انطلقت. غير أن الوقت يضغط، إذ في ختام الشهر الجاري تنتهي مهلة العرض الرسمي للباتريوت.

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 15 فبراير على مشروع قانون الإنفاق الذي يمنع نقل مقاتلات الجيل الجديد من طراز أف35- إلى تركيا. ومن غير المعروف بعد ما إذا كان هذا الحظر سيتضمن تسليم الطائرتين الأخريين من طراز أف35- إلى الحكومة التركية. وتبقى الطائرتان في الولايات المتحدة حيث يتلقى الطيارون الأتراك التدريبات.

وتقول أماندا سلوت إنه من “غير المرجح” أن يؤدي هذا الخلاف التركي الأميركي إلى “قطيعة دائمة”. ولكن “سوف يؤثر بشدة على علاقات متوترة أصلا، ويطرح أسئلة جديدة في واشنطن حول موثوقية الحليف التركي”.

5