منطقة جبال ألجاو الريفية بألمانيا تستقبل الزوار بالمناظر الخلابة

بروتن (ألمانيا) - هذا هو المكان المثالي الذي يمكنك أن تعيد فيه النقاء لقلبك وروحك، وستجد قبالتك ثلاث أرائك للجلوس عليها، وتشاهد صليبا خشبيا يرتفع في السماء الزرقاء الصافية، ثم تشاهد أمامك بستانا حافلا بأشجار التفاح، وهناك على مرمى البصر أيضا مجموعة من الورود تضفي لمسات دافقة من اللون البرتقالي، على المشهد الطبيعي الرائع الذي ينتظر رساما ليسجله في لوحة بديعة.
وعند الصعود على جبل هومله ستجد نفسك في نقطة مراقبة، تشاهد فيها من علٍ معالم بلدة بروتن الألمانية، وتطالعك منها المناظر الطبيعية الخلابة الممتدة أسفل والتي تحضّك على الاستمتاع بكل مشهد منها.
وهنا يمكن أن نقول مرحبا بكم في سلسلة جبال ألجاو بمنطقة الألب داخل ولاية بافاريا الألمانية، وهنا أيضا من السهل على الزوار أن يلاحظوا ما تتمتع به المنطقة، من ثراء في الجبال والغابات والمراعي والأراضي المكسوة بالحشائش، وفي المقدمة تطالعنا كنيسة القديس نيكولاس المشيد سقفها من القرميد، وبرجها الذي يشبه زهرة كف الذئب المقلوبة.
وهذا المنظر الجبلي الريفي لا يبعد كثيرا عن قلعة نيوشوانشتاين الأسطورية، كما أنه قريب من الحدود مع النمسا، وعندما تهبط من جبل هومله ستجد أنك على مسافة قصيرة من برجر موس وهي منطقة مستنقعات محمية على حافة بلدة بروتن، وتعد موقعا يتمتع بالخصوصية وسط كثير من الكنوز الطبيعية بالمنطقة. وتقول المرشدة السياحية المتخصصة في جولات المستنقعات مانيولا فوجل، وهي تقود ضيوفها عبر المستنقع وسط غسق المساء “تتغير مناظر النباتات والأزهار كل أسبوع، وستجد على الدوام منظرا جديدا.”
وتنمو هنا نباتات متنوعة مثل الرتم والخلنج، إلى جانب بساتين الفاكهة وزهور كف الذئب ولدغة الشيطان وخوخ الماء الأرجواني، كما عادت خمسة من القنادس إلى المنطقة، وتتذكر فوجيل الزمن الذي كان يتم فيه جمع مواد نباتية متفحمة تستخدم كوقود في منطقة ألجاو، وهي مهمة كان على جدتها ماريا المساعدة فيها.
وهناك عمل يدوي من نوع آخر يمكن مشاهدته في المنطقة، ابتكره هانز هشنبرجر ويمارسه داخل ورشة للنسيج اليدوي تديرها أسرته، واخترع وصنع نول نسج يعمل بضغط الهواء، ويقول هشنبرجر الذي يبلغ من العمر 70 عاما ضاحكا “ولكنني لم أسجل براءة اختراع لهذا الابتكار،” وتأتي المواد الخام المستخدمة في السجاد الذي ينسجه أساسا من الأغنام التي ترعى في جبل ألجاو، ويقول هشنبرجر إنه عندما بدأ هذا العمل في الثمانينيات من القرن الماضي، كان صوف الأغنام يعد من مخلفات عمليات ذبحها، وكان ينظر إلى نشاطه في النسج وقتذاك على أنه غريب، واليوم ازدهر الطلب على منتجاته.
ولاحظ هشنبرجر شيئا آخر، حيث بدأ الزبائن الآن في إحضار قطع من فضلات الأقمشة المتبقية لديهم، من الستائر والملابس والجوارب وأغطية الفراش، ويتسلم الرجل هذه البقايا لينسج منها أغطية للأرضيات وكل منها له شكل فريد، وبالتالي يتم صنع أشياء جديدة من المخلفات القديمة، مما يعد نوعا من إعادة التدوير على نطاق صغير للحفاظ على البيئة، ويقول هشنبرجر “في تلك الأيام لم يكن لدى الناس الكثير، لذلك كانوا يجلبون الملابس القديمة للنساج لصنع سجادة منها، تماما كما نفعل الآن.”
وهناك حرفي آخر هو ألكسندر إندريس الذي يعد نافخ الزجاج الوحيد في بلدة بروتن، ويقول إندريس الذي يبلغ من العمر 59 عاما “لدي حرفة ساخنة” وهو يعني ما يقول حرفيا، ذلك لأن درجة الحرارة في الموقد الذي يستخدمه في العمل تصل إلى 2500 درجة مئوية. ويمكنك مشاهدته وهو يعمل في الورشة الخاصة به، وهو الآن مشغول تماما بإنجاز طلب بتصميم مجموعة من الأعمال الفنية الزجاجية المصغرة للأطفال، ويقول “إنني أصنع حاليا ثلاثة ثعابين كوبرا وسحلية وسنجاب.”
غير أنه في مرحلة ما يكون الوقت قد حان للعودة إلى الهواء الطلق مرة أخرى، واحتضان العجائب الطبيعية التي تكون في الانتظار، وعندما تكون في بلدة بروتن تجد نفسك مستسلما بشكل تلقائي لإغراء الجبال، وتبدأ نزهة الصعود إلى مراعي جبل كابلر بالألب بمضيق هولشلوشت، حيث يقع شلال على قمة جرف جبلي على شكل ذيل حصان أبيض، وبعد فترة من السير على الأقدام لمسافة طويلة فوق الحجارة، وبقايا الجذور وعبر غابة جبلية تصل في النهاية إلى مروج جبال الألب.
وهناك سترى مجموعات من الفراشات تتراقص، ويصل إلى أنفك عبق النعناع البري عبر الهواء، بينما تشاهد نبتات الشوك الفضية تتلألأ تحت أشعة الشمس. ومشاهد وادي بروتن الممتدة على الطريق المؤدي إلى جبل زوجسبيتزي، (حيث توجد أعلى قمة في ألمانيا على ارتفاع 2962 مترا فوق سطح البحر) تثير الإلهام دائما، ويصف مشغلو المحطة الجبلية جبل كابلر بأنه “شرفة ألجاو” وهو وصف يليق به.
ولا يقل جمالا عما حوله منظر أطلال فالكنشتيان التي تعد أعلى بقايا قلعة في ألمانيا، حيث يبلغ ارتفاعها قرابة 1300 متر فوق مستوى سطح البحر، وهنا خطط لودفيج الثاني الملك الأسطوري لبافاريا (1845-1886)، لبناء قلعة نيوشوانشتيان الخرافية وهو مشروع لم يتحقق.
كما توجد فرص رائعة لركوب الدراجات في منطقة أوستالجاو، وهي القطاع الشرقي من السلسلة الجبلية، ويوجد حصن في هذا المكان وطريق مؤدٍّ إلى قلعة، يبلغ طوله 40 كيلومترا، يأخذ شكلا دائريا ويحتضن بلدة فوسن ذات المناظر الخلابة. وتبدأ شمالي بلدة برونتن جولة الثمان بحيرات التي تبلغ مسافتها 25 كيلومترا، وهي جولة تتيح الكثير من فرص تناول المشروبات والأطعمة المنعشة على طول الطريق.