منتدى أبوظبي للسلم.. عقد من الإسهامات في تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام العالمي

أبوظبي - يحتفل منتدى أبوظبي للسلم بملتقاه العاشر اعتبارا من الرابع عشر من نوفمبر القادم ولمدة ثلاثة أيام في عاصمة التسامح والسلام أبوظبي، تحت شعار"من أجل سلام مستدام- التحديات والإمكانات" بحضور رسمي وعلمي كبير ومشاركة نخبوية إماراتية وعربية ودولية واسعة.
ويأتي اختيار هذا الشعار في الوقت الذي أعلنت فيه الإمارات عام 2023 "عام الاستدامة"، ليكون المنتدى بعنوانه ومحاوره مشاركة فكرية فاعلة لإبراز مركزية السلم وضرورته لتعزيز التنمية المستدامة.
ومن خلال استضافة المنتدى لكوكبة من أبرز العلماء والباحثين وقادة ودينين ووزراء ومسؤولين، يوفر فَضاء لنشر رسالة السلم والتعاون على الخير والإسهام الإيجابي في تصحيح المفاهيم، باعتماد المنهجية العلمية الصحيحة والرَّصينة، وكيفية مواجهة الحروب التي تفتك بالبشرية ودور الشباب والمرأة في تحقيق السلم العالمي، وعالمية السلام في مواجهة عولمة الحرب، ودور القيادات الدينية في تحقيق السلم.
ويحمل المنتدى هذا العام رمزية خاصة من حيث كونه فرصة للتوثيق، والتذكير بإنجازات المنتدى في العقد الماضي، وإسهاماته المشهودة في السلم العالمي ومبادراته الرائدة في مختلف الميادين، ومناسبة للتباحث حول مستقبل السلام العالمي، وطرق استدامته.
ويناقش عدة محاور من أبرزها، السلم المستدام المفاهيم والإنجازات؛ مفهوم السلم المستدام وتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة؛ أزمات العالم المعاصرة والسلم المستدام؛ السلم المستدام والتنمية المستدامة؛ الديبلوماسية الدينية والثقافية والتدابير الوقائية.
ويأخذ منتدى هذا العام في الاعتبار رمزية الاحتفاء بمضي عشر سنوات على انطلاقة المنتدى، فطيلة عقد من الزمن حقق فيه الكثير من أهدافه، وأنجز العديد من مبادراته الرائدة على الصعيدين المحلي والعالمي، بدعم من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ورعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية.
ومن المبادرات البارزة، إعلان مراكش (2016) الذي يعتبر علامة فارقة في استلهام روح صحيفة المدينة المنورة التاريخية، فيما كانت قوافل ودروب السلام من أبوظبي إلى أميركا والرباط بادرة إيجابية لاستنبات بذور التعايش بين المجتمعات.
كما جاء ميثاق حلف الفضول الجديد (المُوقع في أبوظبي 2019) تتويجا لهذه الجهود وليكون موئلا للساعين إلى الخير والعاملين على نشر السلام.
وفي نفس السياق، أصدر المنتدى إعلان أبوظبي للمواطنة الشاملة (2021)، الذي شكل نقلة في التعاطي مع موضوع المواطنة وما يمكن للدولة الوطنية الحديثة أن تتيحه لمواطنيها من العيش السعيد تحت سقف من التعايش والتسامح.
وتثمينا لجهود القادة والعلماء، واجتهادات الباحثين، وتقديرا للمبادرات الحميدة والمساعي السديدة لخدمة السلم، أصبحت جائزة الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما الدولية للسلم، مناسبة للتنويه والتنبيه على الجهود المبذولة في السلم والتقدير والتشجيع للقائمين عليها، كما جاء المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم ليكون محط لقاء القادة والعلماء الأفارقة ورافعة لجهود السلم في القارة.
ومن خلال هذه المحطات ساهم المنتدى في حمل مشعل السلم، ورفع راية السكينة في العالم انطلاقاً من أبوظبي، عاصمة التسامح والسلام.
ويطمح المنتدى في ملتقاه العاشر إلى رسم استراتيجية جديدة لأعماله، تستلهم ما تم إنجازه، وتستشرف الأفق المستقبلي من خلال توسيع الشراكات وتنويع الشركاء جغرافياً ووظيفياً، من أجل بناء مبادرات جديدة تسهم في نشر قيم السلم ووقف الحرب وتعزيز التعايش السعيد، والوصول بجهود السلام إلى شرائح واسعة من المجتمعات الإنسانية حول العالم، من خلال بناء المؤسسات وتوفير محتوى رسالي عبر المناهج التعليمية والوسائط الفنية والتقنية وغيرها.
ويأتي الملتقى العاشر للمنتدى في ظرف استثنائي في ظل التقلبات الجيوسياسية وانتشار النزاعات، بينما كانت دولة الإمارات سباقة في إرساء مقاربة شاملة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي ودعم قيم التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأديان والطوائف.
وهي المقاربة التي أرسى دعائمها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في استكمال لمسيرة الأب المؤسس الراحل الشيخ زايد.
وأهلت تلك المقاربة دولة الإمارات للمرة الرابعة على التوالي لتكون في المرتبة الأولى من بين أكثر دول العالم أمانا، محافظة بذلك على مركزها ومكانتها كوجهة عالمية آمنة بمستوى منخفض جدا لمخاطر النشاط الإرهابي، وفق النتائج السنوية الصادرة عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي.
ولم تأت تلك النتيجة من فراغ، فمن السلف إلى الخلف حرصت القيادة الإماراتية على تبني مقاربة شاملة على قاعدة استدامة النمو ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود وتحصين الداخل ثقافيا والاستثمار في تطوير البنى التحتية ومواكبة جهود التنمية بتشريعات تتلاءم مع المعايير الدولية، ما أهلها لتكون من بين أكثر الوجهات العالمية الآمنة على مختلف الأصعدة. ويلعب الاستقرار السياسي فيها دورا مهما في تعزيز هذه الريادة.
ومعهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن هذا المؤشر الذي يعتمده في تقييمه للدول الأكثر أمانا، اعتبر الإمارات من أكثر الدول أمانا من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة ومن أكثر الدول أمانا في العالم، بمستوى "منخفض جدا" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي.
ويقوم مؤشر الإرهاب العالمي على تحليل مختلف الظروف الاجتماعية والاقتصادية والعوامل الجيوسياسية المؤثرة، بينما يوفر نبذة شاملة للتوجهات والأنماط المؤثرة في الإرهاب خلال العقدين الأخيرين.
وبمحافظة الإمارات على المرتبة الأولى بين الدول الأكثر أمانا للسنة الرابعة على التوالي، تكون بذلك رسخت وجاهة سياساتها ومقاربته الشاملة في مكافحة الإرهاب ونشر قيم التسامح والتعايش بين الأديان والطوائف وتعزيز المسار التنموي وهو ما يفسر إلى حد كبير النقلة النوعية التي أحدثتها أبوظبي في السنوات الأخيرة.
وتنظر الدول الغربية للإمارات كلاعب وازن في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي من خلال حراك لا يهدأ لحل الأزمات وتهدئة التوترات.
واعتمدت أبوظبي في الفترة الأخيرة سياسة تصفير المشاكل والتركيز أكثر على دعم النمو المستدام وتعزيز الاقتصاد والاستفادة من موارد الدولة المتاحة ومن الشراكات الواسعة.
وسيقام على هامش المنتدى معرض خاص لعرض تجارب المنظمات العاملة في حقل السلام والتعايش في مناطق مختلفة من العالم.