منتجعات وفنادق تستقبل النازحين بدل السياح في جنوب لبنان

مع تصاعد منسوب التوتر جنوب لبنان، اختار نازحون اللجوء إلى مراكز إيواء شملت مدارس وفنادق فخمة وقاعات عامة في مناطق متاخمة للمنطقة الحدودية.
الثلاثاء 2024/07/02
جنوب خال من الزوار

مرجعيون (لبنان)- عند الضفة الغربية لنهر الوزاني في جنوب لبنان أغلق منتجع “القلعة”، وهو أكبر منتجع سياحي في المنطقة الحدودية، أبوابه مع تواصل القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي منذ قرابة تسعة أشهر.

ومنتجع القلعة واحد من منتجعات سياحية كثيرة في المنطقة الحدودية هجرها زوارها، بالإضافة إلى فنادق فخمة تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل.

فبعدما كان المنتجع مقصدا لآلاف السياح الأجانب والمحليين، بات “مقفرا” بانتظار أن تضع الحرب أوزارها، وفق القائمين عليه، فيما أقفل أيضا بمحاذاته 21 منتزها صغيرا يعمل فيها أكثر من 150 عاملا.

وقال صاحب المنتجع خليل عبدالله، “إن المنتجع كان يستقطب خلال فترة الصيف حوالي 10 آلاف سائح أجنبي وعددا مضاعفا من زوار ومغتربين لبنانيين” قبل اندلاع القصف على الحدود.

وتابع عبدالله أنه “في هذه الفترة بات المنتجع مقفرا بانتظار أن تضع الحرب أوزارها”.

◄ فقدان الأمن والاستقرار جنوب لبنان تسبب في إقفال تام وشامل للمنتجعات في المنطقة الحدودية
فقدان الأمن والاستقرار جنوب لبنان تسبب في إقفال تام وشامل للمنتجعات في المنطقة الحدودية

وبالمنطقة الحدودية الممتدة من بلدة شبعا شرقا وحتى الناقورة غربا وبعمق حوالي خمسة كيلومترات شمالي الخط الحدودي باتت معظم المنتجعات السياحية من فنادق ومنتزهات ومسابح وشاليهات “مقفلة” بسبب الأعمال العسكرية المتفاقمة.

وقالت المصادر لوكالة أنباء (شينخوا)، إن “أكثر المنتجعات السياحية تضررا تلك الواقعة في محاور الوزاني وأطراف نبع الدردارة ووادي الحجير والمنتشرة جنوبي نهر الليطاني وأطراف الناقورة”.

منذ 8 أكتوبر الماضي تصاعد منسوب التوتر بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي “المصادقة على الخطط العملية لهجوم على لبنان”.

وانعكس فقدان الأمن والاستقرار في هذه الفترة بجنوب لبنان “إقفالا تاما وشاملا” للمنتجعات في المنطقة الحدودية، وفق فاطمة فقيه وهي مشرفة على أحد المنتجعات السياحية على ضفاف نهر الليطاني.

وقالت فقيه “إن المعروف عالميا أن عماد السياحة الأمن والاستقرار وهما مفقودان في هذه الفترة بجنوب لبنان، مما انعكس إقفالا تاما وشاملا للمنتجعات في المنطقة الحدودية وتلك المحاذية لها”.

◄ مدارس تحولت إلى مراكز إيواء
مدارس تحولت إلى مراكز إيواء

وبسبب القصف المتبادل، تجاوز عدد النازحين من القرى الحدودية بجنوب لبنان 100 ألف شخص، بحسب وزارة الداخلية اللبنانية.

وما بين منازل الأقارب أو البيوت المستأجرة انتقل معظم النازحين، بينما لجأ آخرون إلى مراكز إيواء شملت مدارس وفنادق فخمة وقاعات عامة في مناطق متاخمة للمنطقة الحدودية.

ومن بين هذه الفنادق، يطل مبنى حديث لفندق “الصنوبرة” ذي ثلاثة طوابق فوق هضبة صغيرة مطلة على وادي الحاصباني الغني ببساتينه الخضراء اليانعة شرق جنوب لبنان، حيث تقطن الكثير من العائلات النازحة.

وقال صاحب الفندق وسيم زين الدين، إنه “مع تعرض القرى الحدودية للقصف الإسرائيلي واضطرار الكثير من سكانها للنزوح إلى مناطق أكثر أمنا أبلغت الجهات الرسمية بوضع الفندق تحت تصرفها وفتح أبوابه كمركز إيواء مجاني طيلة فترة النزوح”.

ومنذ ذلك الحين يستقبل الفندق حوالي 45 عائلة من قرى العرقوب، وفق زين الدين.

وأضاف أن “كافة أقسام الفندق مفتوحة أمام النازحين، خاصة الأطفال، حيث الحدائق والباحات وصالات الترفيه كلها متاحة لهم”.

وتتولى بلدية حاصبيا إدارة الفندق في الوقت الحالي وتأمين احتياجات النازحين من ماء وكهرباء ونقل نفايات، إضافة للمساعدات المقدمة من الجهات المحلية والدولية المانحة، بحسب صاحبه.

وأشادت الفتاة اللبنانية جنى يحيى البالغة من العمر (17 عاما) النازحة من كفرحمام بالمعاملة الحسنة، التي يتلقاها النازحون في الفندق.

وتابعت أن “الكهرباء مؤمنة كذلك المياه والطبابة، حيث يأتينا بشكل دوري طبيب صحة عامة يعاين المرضى ويقدم بعض الأدوية مجانا، كما تصلنا مساعدات تموينية شهرية من جهات مانحة متعددة”.

◄ معظم المنتجعات السياحية من فنادق ومنتزهات ومسابح وشاليهات "مقفلة" بسبب الأعمال العسكرية المتفاقمة

وعلى غرار فندق “الصنوبرة” تحول أيضا فندق “روتانا” في بلدة المروانية غربي جنوب لبنان مركزا لإيواء النازحين من المنطقة الحدودية.

وقال النازح من عيترون رائد أخرس الذي يقيم في واحدة من غرف الفندق مع عائلته المؤلفة من خمسة أشخاص منذ حوالي سبعة أشهر “بات الفندق تحت إشراف لجنة إدارة الكوارث في جنوب لبنان بعدما استقبل أكثر من 150 عائلة”.وتابع أخرس “أن منظمة أطباء بلا حدود خصصت عيادة نقالة تحضر يوما كل أسبوع لمعالجة المرضى وتقديم الأدوية مجانا”.

فيما قال النازح سامر قبلان من ميس الجبل المقيم بالفندق “نحن مرتاحون هنا كأننا في بيوتنا فكل عائلة مستقلة في غرفة واسعة مريحة تضم حماما مزودا بالمياه على مدار الساعة”.

ومع تواصل القصف تمر المنتجعات والمؤسسات السياحية في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان بـ”أسوأ وضع”، إذ تضرر معظمها بشكل كبير بعدما باتت هدفا للقصف الإسرائيلي، وفق رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية علي طباجة.

وقال، إن”المنتجعات في المناطق المتاخمة لمواقع الاشتباك مثل حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل والنبطية وجزين والزهراني، نسبة الإشغال فيها محدودة جدا وتتراوح ما بين 20 إلى 30 في المئة بالمقارنة مع الأوضاع العادية.”

وتابع “أن خسارة هذا القطاع في المنطقة الحدودية مرتفعة جدا”، معتبرا أنه “من الصعب تحديدها بدقة لعدم التمكن من الوصول إلى معظمها، وكون نسبة كبيرة منها مقامة حديثا وغير مسجلة في الدوائر الحكومية الرسمية المعنية.”

◄ منتجع القلعة واحد من منتجعات سياحية كثيرة في المنطقة الحدودية هجرها زوارها
منتجع القلعة واحد من منتجعات سياحية كثيرة في المنطقة الحدودية هجرها زوارها

وأشار طباجة إلى أن “التقديرات الأولية في وزارة السياحة تتحدث عن تضرر حوالي 1500 شاليه و500 بيت ضيافة و350 منتجعا سياحيا و25 فندقاً في محافظتي الجنوب والنبطية الحدوديتين بنسب متفاوتة”.

وقال اللبناني ماجد نصر الله، وهو صاحب شاليه في منطقة الدردارة شرق جنوب لبنان، “إن التعثر الحاصل طال قطاع الشاليهات”.

وأشار نصرالله إلى أن هذا القطاع “كان قد شهد نموا كبيرا في السنوات الأربع الأخيرة، وبات قطاعا إنتاجيا هاما يقدر مدخوله السنوي بحوالي 40 مليون دولار ويعمل فيه حوالي 3000 عامل”.

وأضاف “كنا نراهن على عدم استمرار هذه الحرب لفترة طويلة، لكننا الآن في الشهر الثامن، فالأحداث والمواجهات مستمرة، وهذا يعني أن موسم الصيف تبخر هذا العام”.

فيما قال حسان رزق، وهو صاحب بيت ضيافة في منطقة بنت جبيل “نستذكر في هذه الفترة الأيام الجميلة التي عشناها العام الماضي، فقد كان هناك إقبال كثيف وحركة سياحية نشطة، وبدل تأجير بيت الضيافة لمدة 24 ساعة بـ150 دولارا خلال أيام الأسبوع و200 دولار في نهاية الأسبوع”.

وأكد رزق أن خسائره هذا العام تقدر بحوالي 30 ألف دولار.

وبشكل عام تأثر القطاع السياحي في لبنان بالوضع الحدودي المتفجر، فالحجوزات السياحية حتى الآن لم تسجل أرقاما كبيرة، في حين يبقى الاعتماد على اللبنانيين المغتربين الذين بدأوا بالعودة لقضاء فصل الصيف في ربوع بلدهم، وفق طباجة.

16