مناورة جديدة من تيار باسيل لحل الخلاف على تشكيل حكومة جديدة

بيروت – مضى زعيم التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، في تأكيد مساعيه لإنجاح المبادرة الفرنسية في تشكيل حكومة لبنانية جديدة باقتراحه إسناد الوزارات السيادية إلى طوائف أصغر في لبنان، رغم تمسّك حليفه الشيعي حزب الله باختيار من يشغل وزارة المالية.
واقترح زعيم التيار الوطني الحرّ الذي أسسه الرئيس اللبناني ميشال عون، والذي يتحالف مع جماعة حزب الله الشيعية “القيام بتجربة توزيع الوزارات المعروفة بالسيادية على الطوائف الأقل عددا وبالتحديد على الدروز والعلويين والأرمن والأقليات المسيحية”.
ويبدو أن باسيل يستمر في نهج المسايرة الواضحة للمساعي الفرنسية، دون قطع مع حلفاءه في الداخل، وبتقديمه هذه المقترحات فإنه ينزه حزبه من أي محاولات ضمنية لعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، في حال رفض الثنائي الشيعي مبادرته، وبالتالي فإنه يسعى لكسب ود فرنسا لضمان مظلة خارجية داعمة له في ظل وجود إمكانية كبيرة لإقدام واشنطن على فرض عقوبات عليه.
وفرضت الولايات المتحدة قبل أيام عقوبات على وزيرين سابقين في لبنان بتهمة تورطهما في الفساد، وتقديم دعم لحزب الله. وتقضي العقوبات بتجميد جميع أصول وزير المالية السابق التابع لحركة أمل الشيعية علي حسن خليل، ووزير النقل السابق يوسف فنيانوس المقرب من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وتقضي أيضا بفرض عقوبات جنائية على من يجري معاملات مالية مع أي منهما، وشكل إدراج الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس جرس إنذار لرئيس التيار الوطني الحر بإمكانية أن يجد نفسه هو الآخر في اللائحة التالية.
ولم يصدر حتى الآن رد عن مسؤولين في فصائل شيعية تصر على أن تختار هي من يشغل العديد من المناصب، لكن متابعون كثر يقولون إن الفكرة لن يكتب لها النجاح على الأرجح.
وقال باسيل في تصريحات سابقة "لن نشارك في الحكومة لكن سنساعدها بإنجاز الإصلاح، ونواكبها ونساعدها من المجلس النيابي".
وأكدّ "نحن مع المداورة (في توزيع الحقائب الوزارية)، ولو حصلت طائفة على وزارة عدّة مرّات، بما فيها هذه المرّة، فهذا لا يخلق عرفا"، في انتقاد لموقف الثنائي الشيعي المتمسك بحقيبة المالية.
ولم تثمر جهود لبنان لتشكيل حكومة جديدة سريعا عن شيء بسبب خلاف على كيفية اختيار الوزراء في بلد تتحدد فيه الولاءات السياسية على أسس طائفية.
وانقضت في 15 سبتمبر أيلول مهلة تم الاتفاق بشأنها مع فرنسا لتشكيل حكومة جديدة. وتقود باريس جهود إنقاذ لبنان من أسوأ أزماته منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990، وعبرت عن غضبها ونصحت بيروت بالتحرك “دون تأخير".
ويصر رئيس الوزراء المكلف بدعم فرنسي واضح على حكومة مصغرة مؤلفة من اختصاصيين خارجة عن عباءة القوى السياسية، تتولى الإشراف على ورشة الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة.
وتمارس فرنسا ضغوطا على سياسيين من طوائف لبنانية مختلفة لتشكيل حكومة في وقت قريب للبدء في إصلاحات مطلوبة داخليا ودوليا، لكن العملية وصلت إلى طريق مسدود بسبب خلافات تداخل معها البعد المحلي بالإقليمي والدولي في علاقة بالصراع الأميركي الإيراني.
وصدر البيان بعدما ترأس جبران باسيل زعيم الحزب وصهر الرئيس اجتماعا للهيئة السياسية للحزب. وينتمي باسيل للطائفة المارونية أكبر الطوائف المسيحية في لبنان.
ويرغب رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، وهو سني وفقا لنظام المحاصصة الطائفية المعمول به في لبنان، في تغيير شامل لقيادة الوزارات التي ظلت حكرا على الطوائف نفسها لسنوات.
وتريد الجماعتان الشيعيتان الرئيسيتان في لبنان وهما حركة أمل وحزب الله المدعوم من إيران اختيار الشخصيات التي ستشغل عددا من المناصب من بينها وزير المالية وهو منصب كبير عادة ما يطلق عليه وزارة “سيادية”.
وقال مسؤول في التيار الوطني الحر إن الحزب لم يناقش فكرة توزيع الوزارات مع حزب الله أو حركة أمل. وأضاف المسؤول “نقترح استراتيجية خروج للعالقين على شجرة بدون سلم”.
وسيكون لوزير المالية دور حيوي بينما يرزح لبنان تحت وطأة ديون ثقيلة ويصيب الشلل مصارفه ومع سعي البلاد لاستئناف محادثات متعثرة مع صندوق النقد الدولي وهو ما يمثل أول خطوة وفقا لخارطة طريق وضعتها فرنسا.
ويرى مراقبون أن فشل تشكيل حكومة لبنانية سيقود لبنان إلى المجهول، وستجد القوى السياسية المتحكمة في المشهد نفسها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي وربما عقوبات .