مناهج الأزهر بين طي صفحات العنف وكتابة سطور التنوير

القاهرة - أصبحت المناهج الأزهرية في الآونة الأخيرة موضع اتهام، وربط البعض بينها وبين ما يقوم به طلبة جامعة الأزهر من مظاهرات وأعمال تخريب داخل الحرم الجامعي، مما دفع إلى اتهامها بالتحريض على العنف وإفساد عقول الطلبة، ونادى البعض بضرورة تعديل هذه المناهج في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، وتعديل الاستراتيجية التي بنيت عليها، خاصة أنّ الأزهر لا يزال ينظر إليه كثيرون، باعتباره أحد منارات العلوم الإسلامية على مستوى العالم.
في إطار الجدل الدائر حول المناهج الأزهرية، كان وزير الأوقاف المصرية، محمد مختار جمعة، قد طالب بتعديل هذه المناهج، مؤكدا أن بعضها يحتاج إلى جراحة سريعة في بعض الموضوعات، وأن لجنة إصلاح التعليم بالأزهر أقرت بالفعل ضرورة حذف بعض الأجزاء والمواضيع التي كتبت في ظروف معينة وناسبت عصرها وزمانها وبيئتها، وباتت الآن في حاجة إلى المراجعة والتنقيح والتطوير.
وفي سياق متصل، قال محمد عبدالعاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر في تصريح لـ“العرب”: “إنّ الأزهر قائم على أسس سليمة في محاربة التطرف”، نافيا إصابته بـ“الترهّل” كما يتهمه البعض، رافضا الربط بينه وما تقوم به الجماعات التكفيرية التي ظهرت منذ فترة، مؤكدا أنّه حارب التكفير من خلال المناهج التعليمية والقوافل على حد سواء.
كما أوضح رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أنّ الفكر التكفيري ظهر بسبب قلة فهم الدين والخطاب الديني السطحي الذي تقدمه بعض القنوات الفضائية”، مؤكدا أنّ هناك لجنة تم تشكيلها لتعديل مناهج الأزهر منذ فترة من أجل مواكبة العصر.
عبدالحي عزب: "المناهج تعرض الرأي والرأي الآخر والهجوم عليها يؤجج التطرف"
من جهته، قال محمد عبدالفضيل القوصي وزير الأوقاف الأسبق، في تصريح لـ“العرب”: “لو كانت مناهج الأزهر تدعو إلى التّعصب لأغلقت الدولة أبوابه منذ زمن طويل”، مشيرا إلى “أنّ جوهر تلك المناهج يجعل الطالب الأزهري ينفر بطبعه من الفكر التكفيري والعنف، ويعتبره منافيا لآداب الإسلام، لأنّ علم الأزهر هو علم عقائد ويقوم على منهج ارتضته الأمة أجيالا طويلة وهو المنهج الأشعري الذي يرجع إلى عصر الأمام أبي الحسن الأشعري الذي صاغ تلك العقيدة، أخذا عن الصحابة”.
محمد عبدالفضيل القوصي: "الطالب الأزهري ينفر بطبعه من الفكر التكفيري"
وفي ذات السياق، أوضح القوصي “أنّ هذا المنهج البسيط يؤكّد أنّ باب الإيمان مفتوح لكل من شهد الشهادتين، ومن ثم فإن باب الشرك أصبح محصورا في إنكار ألوهية الله ورسالة الرسول وبهذا الفهم العميق البسيط ابتعد المسلمون عن الاتهام بالشرك أو الكفر، ومن ثم عن استباحة الدماء والأرواح والأنفس، وهو ما راعته وقامت عليه مناهج الأزهر”.
كما غزتهم وغذّتهم بأفكار تقوم على تعقيد مفهوم الإيمان، موضحا أنّ هناك جهات مختلفة أسهمت في هذا الاتجاه، منها شيوع الفكر المتشدد الوهابي وأفكار ابن تيمية التي اختلطت بأفكار الخوارج القدامى والمعاصرين الذين غفلوا عن سماحة الإسلام وما يدعو إليه من برّ ورحمة وأهملوا هذه المبادئ.
كما أنه لم يستبعد وجود قلّة من بين أساتذة جامعة الأزهر، تسبّبت في ترسيخ هذا الفكر داخل عقول الطلبة، لأنهم نسوا أساليب الدعوة التي جاء بها القرآن الكريم في قوله تعالى في آخر سورة النحل “ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”، مؤكدا أنّ مواقع التواصل الاجتماعي كان لها بالغ الأثر في تسرّب الفكر العنيف تحت اسم الجهاد والتكفير إلى بعض الشباب.