مناطق ودول تتخذ إجراءات لمواجهة السياحة المفرطة

المسافرون يحاولون عدم إنفاق الكثير من المال في ظل التضخم، من خلال القيام بزيارات سريعة للمقاصد السياحية، وعدم الإنفاق ببذخ على الفنادق الفاخرة.
الثلاثاء 2023/10/10
كثرة الزوار تسبب التلوث

برلين - يبدو ظاهريا أنه لا توجد أمور مشتركة كثيرة بين بالي، وفينيسيا، وأثينا، وآيسلندا وهالشتات بالنمسا، ولكن شهدت الأشهر الأخيرة تحرك المسؤولين والسكان في كل هذه الأماكن لاتخاذ إجراء لمواجهة ما يتصورون أنه “سياحة مفرطة”، حيث تعود أعداد الزائرين لما كانت عليه قبل جائحة كورونا.

وجاء أحدث تصريح من رئيسة وزراء آيسلندا كاترين ياكوبسدوتير، خلال ظهورها في تلفزيون بلومبرغ في سبتمبر الماضي، حيث أعلنت أن الحكومة سوف تفرض ضريبة على السياحة، التي قالت إنها “زادت بشكل كبير للغاية”.

وقالت ياكوبسدوتير “هذا الأمر لا يؤثر فقط على المناخ، ولكن أيضا لأن معظم ضيوفنا يقومون بزيارة الطبيعة غير الملوثة، ومن الواضح أن هذا الأمر يسبب ضغطا”.

وعلى الرغم من أنه لم يتم بعد وضع الصيغة النهائية للإجراءات في آيسلندا، فإن السلطات قدمت في المواقع السياحية الشهيرة الأخرى تفاصيل بشأن الجهود الرامية إلى جني المزيد من الإيرادات من الزائرين، وفي نفس الوقت التحكم في أعدادهم، وذلك من خلال منع الذين لا يريدون إنفاق الأموال.

كاترين ياكوبسدوتير: ضيوفنا يقومون بزيارة الطبيعة غير الملوثة، ما يسبب لنا ضغطا
كاترين ياكوبسدوتير: ضيوفنا يقومون بزيارة الطبيعة غير الملوثة، ما يسبب لنا ضغطا

ويشار إلى أن أعداد الزائرين في أنحاء أوروبا عادت إلى ما كانت عليه خلال عام 2019، أو أعلى، وفقا لبعض المقاييس. وقد سجل النصف الأول من عام 2023 قضاء الزائرين نحو 237 مليون ليلة في غرف تم حجزها عبر شبكة الإنترنت، بارتفاع بنسبة 22.6 في المئة مقارنة بعام 2019، وذلك وفقا لبيانات المفوضية الأوروبية التي تم نشرها في الثالث من أكتوبر الجاري.

وأظهرت البيانات المتعلقة بالطيران، التي نشرها الاتحاد الدولي للنقل الجوي في اليوم التالي، أن عدد الركاب على مستوى العالم بلغ نحو 96 في المئة مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كورونا، وذلك خلال أغسطس الماضي.

ولكن في ظل التضخم وتراجع الأجور الحقيقية، يحاول المسافرون عدم إنفاق الكثير من المال من خلال القيام بزيارات سريعة للمقاصد السياحية، وعدم الإنفاق ببذخ على الفنادق الفاخرة.

وكان مجلس بلدية فينيسيا قد قال الشهر الماضي إنه سوف يتقاضى من المسافرين رسوم دخول بقيمة 5  يوروهات (5.4 دولار). وتأتي هذه الرسوم بعد ما واجهت المدينة خطورة خفض تصنيفها من  جانب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

وفي النهاية تجنبت فينيسيا تخفيض تصنيفها، ولكن في ظل استقبالها لأكثر من خمسة ملايين زائر سنويا، ووجود ضعف العدد من السكان المحليين في أي يوم خلال ذروة موسم الصيف، مازالت تمثل السياحة المفرطة مشكلة.

وأصبح الكثير من سكان قرية هالشتات النمساوية البالغ عددهم 700 شخص أو نحو ذلك، والتي تعرف بمنازلها الجميلة بألوانها الهادئة ومنظر الجبال المحيط بها، يشعرون بالملل من التعامل مع نحو 10 آلاف زائر يوميا.

أعداد الزائرين في أنحاء أوروبا عادت إلى ما كانت عليه خلال عام 2019، أو أعلى، وفقا لبعض المقاييس

وبالمقارنة، يبلغ عدد سكان فرنسا، الدولة الأكثر زيارة في العالم، نحو 67 مليون نسمة، وقد استقبلت نحو 90 مليون سائح خلال 2019، ولكن سكان هالشتات كانوا يستقبلون ما يصل إلى مليون زائر سنويا خلال الأعوام التي سبقت جائحة كورونا.

وخلال أغسطس الماضي، أغلق نحو 100 شخص طريقا ونفقا يؤديان إلى البلدة، رغبة في تقييد عدد السائحين القادمين من فيينا أو سالزبورغ لزيارة سريعة من أجل التقاط صورة “سيلفي”.

وجاءت احتجاجات هالشتات في نفس الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة اليونانية عن وضع حد يومي لزائري معلم أكروبوليس، يقدر بـ20 ألف زائر يوميا.

وكانت وزيرة الثقافة اليونانية لينا ميندوني قد أعلنت فرض هذا الإجراء، الذي سوف يتم تنفيذه ابتداء من أبريل 2024 قبل عطلات الصيف. وقد اشتكت الوزيرة من “العدد الكبير” للزائرين، حيث إن الكثير منهم يتواجدون في نفس الوقت ويتسببون في “اختناقات”.

وعلى الجانب الآخر من العالم، يطالب السكان المحليون والمسؤولون في بالي باتخاذ إجراءات للحد من أعداد الزائرين، التي كانت تتجاوز بسهولة قبل جائحة كورونا عدد سكان الجزيرة البالغ عددهم 4.3 مليون نسمة.

ومع ذلك فإن عدد السياح ليس فقط المشكلة، فالأستراليون المخمورون لطالما أثاروا غضب السكان المحليين، حيث يتسببون في فوضى في كل مكان في منطقة كوتا.

وكان وايان كوستر، حاكم الجزيرة، قد قال مطلع هذا العام “من الضروري إجراء تقييم شامل لتنظيم دخول السائحين الأجانب”.

16