ممنوع على الرجال.. مطعم "واوا" متنفس الأفغانيات في كابول

رغم القيود التي تفرضها حركة طالبان على تحركات النساء، يسعى بعضهن على إيجاد متنفس للأفغانيات لينعمن ببعض الحرية، كما فعلت سميرة محمدي حيث افتتحت مطعما خصصته للنساء ومنعت دخول الرجال إليه.
كابول ـ متحدية العادات والظروف السياسية، نجحت الأفغانية سميرة محمدي بالتعاون مع صديقاتها من افتتاح مطعم مخصص للنساء فقط، وسط انخفاض نسبة مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية هناك، وذلك بعد وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان.
وتعجز معظم المطاعم في أنحاء البلاد عن توفير بيئة مناسبة للمرأة، بسبب العادات والتقاليد والثقافة المحلية، رغم احتواء المطاعم على أقسام لـ”العائلات”، إلا أنها بالعادة تكون عبارة عن مساحات ضيقة للغاية ومغطاة بستائر تتيح للنساء إمكانية ارتياد المطاعم بصحبة أزواجهن أو أشقائهن خلال ساعات النهار. ومن ناحية أخرى، لا تستطيع أقسام العائلات في المطاعم التقليدية توفير “الشعور بالراحة” للنساء نظرا لأن جميع العاملين لديهم من الرجال.
لكن هذا المطعم الذي علّق على مدخله لافتة “ممنوع دخول الرجال”، كافة العاملين لديه من النساء فقط.
وشهد حي “خيرخانه” بالعاصمة كابول قبل شهرين، افتتاح مطعم المرأة الأفغانية الذي يوفر خدماته للنساء فقط، من مأكولات تقليدية بالإضافة إلى أجواء مريحة وممتعة.
وتتوزع في المطعم أرائك مريحة تتماشى مع التقاليد المحلية الأفغانية، بالإضافة إلى طاولات وكراس طغى عليها الطابع الكلاسيكي.
والجزء الداخلي من المطعم تم تزيينه بـ”البالونات والحرف اليدوية المختلفة”، كما يتربع فيه حوض للأسماك ومكتبة صغيرة، بما يمكّن الأمهات من ممارسة هواية القراءة والمطالعة فيما يطمئن على أطفالهن الذين يستمتعون بمشاهدة وتأمل أسماك الزينة في الحوض.

وبعد أن منعت طالبان مؤخرا النساء من دخول المتنزهات والحدائق العامة، فإن هذا المطعم تحول إلى ملاذ آمن يمكّن النساء من تناول أطباقهن المفضّلة وممارسة نشاطات اجتماعية، حيث تطالب بعض السيدات بتخصيص مساحة أوسع للعب الأطفال داخل المطعم.
ويقدم المطعم الأطباق الأفغانية الكلاسيكية بالإضافة إلى المأكولات السريعة مثل “البيتزا والساندوتشات والهامبرغر”، فيما توفر إدارة المطعم وجبات للرجال يتم بيعها عبر كوّة خارج المطعم دون أن يتمكن أصحابها من تناولها داخل المطعم.
وقالت محمدي، مديرة المطعم، إنها كانت تعمل خيّاطة في إحدى الورشات، قبل أن تعلن الورشة إفلاسها، وتتجه نحو فكرة تأسيس المطعم.
وأضافت، “في إطار السعي للعثور على وظيفة جديدة التي أصبحت شبه مستحيلة، قمت بالتعاون مع صديقاتي بتأسيس مطعم المرأة الأفغانية فيما يشبه المغامرة”.
وبدأت محمدي في المطعم، الذي أطلقت عليه اسم “واوا”، في تمكين السيدات اللواتي يعانين من صعوبات مادية من خلال توظيفها للأرامل واليتيمات ليحققن دخلًا يعشن به وعائلاتهن.
وترى أن وضع النساء في أفغانستان تغلب عليه البطالة والقلق والاكتئاب، وهو ما دفعها للتفكير بمشروع يدعم العاملات ماديًا والزبونات معنويًا. وأشارت محمدي إلى أنها “تخطط لتوسيع هذا المشروع في المستقبل من خلال افتتاح فروع في جميع الولايات الأفغانية”.
وأعربت عن اعتقادها بأن الأمور في أفغانستان ستتحسن بمرور الوقت، مشيرة إلى أن المطعم يوفر “مساحة مهمة ومتنفسا للمرأة لممارسة بعض النشاطات الاجتماعية”.
وأضافت “الزبونات يعربن عن رضاهن عن الخدمات التي نقدمها، فالمرأة لا تستطيع أن تشعر بالراحة في المطاعم التقليدية، فالرجال يعملون في جميع المطاعم كما أن أبواب المتنزهات والحدائق العامة أغلقت في وجه النساء”.

وأشارت إلى أن “هذا المطعم هو المكان الوحيد الذي يتكون فريق عمله من النساء ويوفر خدماته للنساء فقط”، مضيفة، “تأتي النساء إلى هنا ويطلبن أطباقهن المفضلة يتناولنها في أجواء مريحة وآمنة”.
وذكرت محمدي أن طالبان لم تضع “أي عقبات أو صعوبات أمام منحها التراخيص اللازمة لافتتاح المطعم، بل على العكس، فقد ساعدوها ومنحوها الموافقات اللازمة”.
بدورها، قالت إحدى الزبونات وتدعى سحر أكبري ”كفتاة أفغانية، أنا أدعم جميع النساء وأطلب من النسوة الأفغانيات الإقبال على هذا المطعم من أجل دعمه ودعم النسوة العاملات فيه”.
ولفتت إلى أنها أحبت “مذاق الأطباق الموجودة في المطعم وأنها ستعمل على الترويج للمطعم في موقع يوتيوب”.
يذكر أن طالبان تمنع العائلات والنساء من ارتياد المطاعم ذات المساحات الخضراء كالحدائق في هيرات شمال غربي أفغانستان، وينطبق الحظر على تناول الطعام في الهواء الطلق.
وحسب السلطات فإن القيود الجديدة جاءت بسبب الاختلاط بين الجنسين، أو لأن النساء لا يرتدين الحجاب هناك بشكل صحيح.
ويحظر نظام طالبان على النساء دخول الأماكن العامة كالمتنزهات وصالات الألعاب الرياضية، كما أغلق صالونات التجميل.