مماطلة بايدن تعرقل هزيمة أوكرانيا لروسيا

الافتقار إلى الطائرات الحربية الكافية هو أحد الأسباب الرئيسية وراء تأجيل كييف لهجوم الربيع المرتقب منذ وقت طويل لتحرير شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.
الثلاثاء 2023/06/06
"إف - 16" مقاتلات قد تحسم الصراع لصالح كييف

واشنطن - تطلّب الأمر من الرئيس الأميركي جو بايدن منعطفا رئيسيا حتى يوافق في نهاية المطاف على تزويد أوكرانيا بطائرات “إف – 16” الحربية. ورغم ذلك، فإنه في ظل التأخيرات غير المعقولة التي أثرت على التزامات إدارة بايدن الأخرى الخاصة بتزويد كييف بأسلحة متقدمة، تظل المخاوف قائمة بشأن ما إذا كانت الطائرات سوف تصل فعلا في الوقت المناسب لتحقق اختلافا ملموسا في الجهد الحربي الأوكراني.

ويقول الباحث البريطاني كون كوفلن محلل شؤون الدفاع لدى صحيفة “ديلي تليغراف” في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكبار مستشاريه العسكريين ظلوا طوال شهور يناشدون حلفاءهم الغربيين تزويدهم بالطائرات الحربية الغربية، وهم يسعون لتحقيق انتصار حاسم ضد أعدائهم الروس.

وعلى الرغم من أن سلاح الجو الأوكراني فاق التوقعات بالنسبة إلى مواجهته للقصف الجوي الروسي، ثارت تساؤلات بشأن قدرة الأسطول الأوكراني المتهالك من طائرات ميغ التي ترجع إلى العهد السوفييتي، والتي تكبدت خسائر كبيرة للغاية أثناء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، على مواصلة توفير الغطاء الجوي المطلوب لمواصلة العمليات العسكرية.

كون كوفلن: بايدن يماطل ويراوغ في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية
كون كوفلن: بايدن يماطل ويراوغ في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية

ويتردد أن الافتقار إلى الطائرات الحربية الكافية هو أحد الأسباب الرئيسية وراء تأجيل كييف لهجوم الربيع المرتقب منذ وقت طويل لتحرير شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم من الاحتلال الروسي.

وكما اعترف زيلينسكي نفسه مؤخرا بأنه دون ترسيخ التفوق الجوي أولا، يمكن أن تتكبد القوات الأوكرانية خسائر جسيمة في الأرواح إذا تقدمت بدون غطاء جوي مناسب. واعترف الرئيس الأوكراني في مقابلة نشرت مؤخرا “سوف نخسر عددا كبيرا للغاية من الأفراد”.

وأوضح كوفلن أنه من ثم فإن قرار الرئيس بايدن دعم الجهود الغربية لتزويد أوكرانيا بطائرات “إف – 16” المتفوقة للغاية مقارنة بأسطول أوكرانيا الحالي من طائرات ميغ، يمكن أن يغير قواعد اللعبة بالنسبة إلى الأوكرانيين، حتى لو كان تردد إدارة بايدن بالنسبة إلى القضية يعني إمكانية مرور شهور قبل أن تشارك أي طائرة “إف – 16” في القتال بالفعل.

ويقول كوفلن إن المماطلة والمراوغة كانتا السمتين الرئيسيتين لتعامل بايدن مع أزمة أوكرانيا، حيث يبدو الزعيم المفترض للعالم الحر عاجزا عن اتخاذ قرار بشأن أفضل السبل لتزويد الأوكرانيين بالأسلحة التي يحتاجون إليها لهزيمة أعدائهم الروس.

وفي أعقاب نداء زيلينسكي العلني مطالبا بتزويده بالمقاتلات الغربية الحديثة مثل “إف – 16”، رد بايدن في بادئ الأمر باستبعاد إرسال هذه الطائرات إلى أوكرانيا، لأنه نظرا لأنها من إنتاج الولايات المتحدة، فإنها تتطلب موافقة واشنطن قبل إرسالها إلى أي طرف ثالث.

وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية أعلنت أن كييف بحاجة إلى 48 مقاتلة أميركية من طراز “إف – 16” للعودة إلى ما سمته بـ“حدود عام 1991”.

لكن بايدن في حديث مع شبكة “أي.بي.سي” في فبراير الماضي، أعلن أن أوكرانيا “ليست بحاجة إلى طائرات ‘إف – 16’ الآن”، وقال “أستبعد ذلك في الوقت الحالي”، بينما في الشهر التالي قال كوليم كال وهو من كبار مسؤولي السياسة الخارجية بالبنتاغون لأعضاء الكونغرس الأميركي إنه حتى لو وافق الرئيس بايدن على تزويد أوكرانيا بطائرات “إف – 16″، يمكن للأمر أن يستغرق عامين لتدريب وتجهيز الطيارين الأوكرانيين.

وفقط بعد أن دعم عدد من الحلفاء الأوروبيين البارزين وبينهم المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وبولندا تشكيل “تحالف طائرات” غربي لتعزيز الجهد الحربي الأوكراني، وافق بايدن في نهاية المطاف على إمكانية تزويد أوكرانيا بالطائرات، مفترضا أن هناك أعدادا كافية من الطائرات متاحة لتوفيرها للقضية الأوكرانية.

ee

وفي الوقت نفسه، سارعت إدارة بايدن إلى الحد من توقعات تزويد أوكرانيا بالطائرات في أي وقت قريب، وقالت إنه عندما يتحقق ذلك، ليس من المحتمل أن يسفر عن أي اختلاف كبير في الجهد الحربي الأوكراني، وهذا ليس تماما التأييد القوي للدعم الذي كان يتوقعه الأوكرانيون.

وكان فرانك كيندال وزير القوات الجوية الأميركية ضمن عدد من كبار المسؤولين الذين دعوا إلى توخي الحذر إزاء ذلك الإعلان، حيث أشار إلى أن الأمر يمكن أن يستغرق عدة شهور لبحث تفاصيل تزويد أوكرانيا بالطائرات.

وقال كيندال “سوف يحتاج الأمر إلى عدة شهور على الأقل لتكون لديهم تلك الإمكانية، وهناك قدر كبير للغاية من التفاصيل يتعين تسويتها”. وأضاف “إن ذلك سوف يوفر للأوكرانيين قدرة إضافية ليست لديهم الآن. لكن لن تكون عاملا أساسيا في تغيير قواعد اللعبة”.

زيلينسكي نفسه اعترف مؤخرا بأنه دون ترسيخ التفوق الجوي أولا، يمكن أن تتكبد القوات الأوكرانية خسائر جسيمة في الأرواح

وكان وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أعلن أيضا أن كييف لن تكون قادرة على استخدام مقاتلات “إف – 16” خلال الهجوم المضاد الصيفي.

وجاءت تصريحات ريزنيكوف خلال مقابلة خاصة قال خلالها “لن تغيّر طائرات ‘إف – 16’ الكثير من الأشياء هذا الصيف، وسوف يستغرق الأمر وقتًا لإعداد طيارينا، حيث سينظم شركاؤنا دورات تدريبية للطيارين والمهندسين والفنيين”، معتبرًا أن أوكرانيا ستكون مستعدة لنشر مقاتلات “إف – 16” في الخريف أو الشتاء المقبل.

ويرى المحلل كوفلن أن إحدى العقبات الرئيسية التي يتعين التغلب عليها هي إيجاد مقاتلات “إف – 16” يمكن منحها لأوكرانيا في المقام الأول. فالولايات المتحدة، رغم استعدادها لتوفير التدريب والدعم، أوضحت أنها لا تريد إرسال الطائرات الأميركية لأوكرانيا، وذلك أساسا لتجنب إدارة بايدن إغضاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

من ناحية أخرى، تقول الدول الأوروبية، مثل هولندا وبلجيكا والدنمارك وبولندا، التي تستخدم مقاتلات “إف – 16” والتي قادت حملة إرسالها إلى أوكرانيا، إنها لا تمتلك أعدادا كافية من الطائرات لمنحها للأوكرانيين.

واختتم كوفلن تقريره بالقول إن كل ذلك يشير إلى أن إعلان بايدن بشأن إرسال مقاتلات “إف – 16” إلى كييف، بدلا من أن يوفر تحسنا ملموسا للقدرات القتالية لأوكرانيا، يثبت أنه ليس أكثر من مجرد لفتة جوفاء تثير شكوكا حول ما إذا كان لدى إدارة بايدن أي اهتمام حقيقي بانتصار أوكرانيا في هذه الحرب الدموية.

7