ملك هولندا يتخلى عن العربة الذهبية

في إطار التنديد بالحقبة الاستعمارية الهولندية تواجه العائلة الملكية انتقادات بسبب استعمالها لعربة ذهبية تحمل نقوشا وصورا مثيرة للجدل تظهر طفلا جاثيا على ركبتيه وهو يقدم غلالا لشابة بيضاء ترمز إلى هولندا.
أمستردام – أعلن ملك هولندا فيليم ألكسندر الخميس عدم استخدام العربة الذهبية من جانب الأسرة الملكية الهولندية، بعدما تشوهت سمعتها جراء تزيينها بصور اعتُبرت على نطاق واسع بأنها عنصرية.
والعربة الذهبية التي قدمتها مدينة أمستردام هدية للملكة فيلهيلمينا في عام 1898، واحدة من رموز الملكية الهولندية، لكن ينظر إليها الكثيرون على أنها تمثل عنصرية وقمعا طوال 200 عام عندما كانت البلاد قوة استعمارية.
وقال منتقدون إن جهة واحدة للعربة، التي تجرها الأحصنة، مزينة برسوم تمجد الماضي الاستعماري للبلاد.
وتحمل الصورة، محل الجدل، اسم “تقدير من المستعمرات”، وتظهر أشخاصا سودا وآسيويين، أحدهم جاثيا على ركبتيه وهو يقدم غلالا من بينها الكاكاو وقصب السكر لشابة بيضاء جالسة، تمثل هولندا.
وقال الملك، عن العربة المعروفة باسم “”خاودن كوتس” أو العربة الذهبية بالهولندية، إننا “لا نستطيع أن نكتب التاريخ من جديد، لكننا نستطيع أن نحاول معا تقبله والتعامل معه”، مضيفا أن العربة لن يتم السماح باستخدامها طالما ظل التاريخ الاستعماري لهولندا أمرا مثيرا للجدل.
وأعلن الملك، عن قراره في شريط فيديو قال فيه إنه يتقبل أن الصور المرسومة على العربة فيها إهانة لقطاع كبير من الناس، ودعا البلاد إلى مواجهة ماضيها الاستعماري مجتمعة.
وقال: “لا فائدة من التنديد بما جرى من منظور زماننا هذا”. وأضاف قائلا “مجرد منع قطع ورموز تاريخية ليس حلا على الإطلاق. بل المطلوب هو بذل جهود مبنية على التشاور تتناول المسائل بعمق وعلى المدى الطويل. وهي جهود تجمّعنا بدل أن تقسمنا”.
وأشار إلى أنه “مادام البعض ممّن يعيشون في هولندا يشعرون بالتمييز ضدهم في حياتهم اليومية، فإن الماضي الاستعماري سيظل ماثلا بيننا”.
وفي وقت سابق، أكدت المديرة الفنية لمتحف أمستردام مارغريت سكافماكر أن العربة المزخرفة بالذهب والتي تستخدمها العائلة الملكية لمناسبات كبرى مثل العمادة والزفاف وغيرها، باتت “موضوعا سجاليا”.
وأوضحت أن الرسوم “التي تصور الماضي الاستعماري الهولندي تحرج العديدين في هولندا”.
وبدأت عملية ترميم كاملة للعربة في سبتمبر 2015، بعد قليل على نقلها أفراد العائلة المالكة في مراسم مهيبة عبر شوارع لاهاي إلى البرلمان خلال يوم احتفالي تقليدي أمام أنظار حشود غفيرة.
وفي ضوء حركة “حياة السود مهمّة” في الولايات المتحدة، عاد الجدل حول الماضي الاستعماري والعبودية إلى الظهور في هولندا كما في دول أوروبية أخرى.
وتناولت العديد من المتاحف الموضوع، من بينها متحف ريكسموزيوم في أمستردام، الذي افتتح مؤخرا معرضا تحت عنوان “العبودية”.
وتوقف العربة حاليا خلف واجهة زجاجية في وسط متحف أمستردام، فيما علّقت في القاعات المحيطة آراء مختلفة ومتباينة حول أصول العربة التي أهداها سكان أمستردام إلى الملكة فيلهيلمينا في أواخر القرن التاسع عشر.
وكانت الآراء منقسمة حتى في تلك الفترة حول ما إذا كان من اللائق أن تمتلك العائلة المالكة وسيلة نقل بهذه الفخامة.
وكتبت صحيفة “دي لوكوموتيف” الملتزمة عام 1896 “ألا يعرف الناس أن عربات كهذه مطابقة لأيديولوجيات ما قبل مئة عام وأكثر، لم تعد تلائم عصرنا؟”.
ودافع رئيس الوزراء الحالي مارك روتي عن العربة “الرائعة” وقال في تصريح معروض في المتحف “إعادة كتابة التاريخ مع تشويه صورة العربة الذهبية، أمر لا أؤيّده”.
وصرح الملك البالغ 54 عاما العام الماضي أن العربة المذهبة “جزء من التراث الثقافي الهولندي” مشددا في المقابل على وجوب محاربة التمييز.
وأضاف “إنني أتابع الجدل، ولو أنني لا أشارك فيه”. مؤكدا “بعدما تستعيد العربة روعتها كاملة، عندها نقرر المحطات التالية الواجب اتباعها”.