ملف خدم المنازل مظهر لارتباك كويتي في معالجة اختلالات سوق العمل

ملف العمالة الوافدة تحول إلى مشغل رئيسي للدولة الكويتية نظرا لتشعباته الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأخلاقية والأمنية.
السبت 2019/04/27
لا حاجة للأفريقيات بعد عودة الفلبينيات

الكويت - وسّعت السلطات الكويتية قائمة الدول الأفريقية المحظور جلب العمالة المنزلية منها، من خمس دول إلى عشرين دولة لا توجد لها سفارات في الكويت، منهية بذلك الاستثناء الذي كانت قد اضطرّت لاتخاذه لسدّ النقص في هذا النوع من العمالة المطلوبة على نطاق واسع في البلاد، وهو نقص تفاقم لدى اندلاع أزمة حادّة العام الماضي مع الفلبين المصدر الرئيسي لخدم المنازل في الكويت بسبب تعرّض بعض الخادمات للاضطهاد ومقتل إحداهن.

وانتهت تلك الأزمة في مايو 2018 بتراجع مانيلاّ عن الحظر الذي فرضته لفترة وجيزة على سفر مواطنيها للعمل بالكويت بعد استجابة سلطاتها لبعض الشروط المتعلّقة بتحسين أوضاع الفلبينيين العاملين بالبلد، لكنّها كشفت مجدّدا الخلل الكبير في سوق العمل الكويتية والارتباك في معالجته.

وتكاد مشكلة خدم منازل تتحوّل إلى معضلة في الكويت، ومشغلا رئيسيا من مشاغل الدولة، في انعكاس لتراكم الأخطاء في سياسة التشغيل بالبلد، ورسوخ عقلية الترفع عن عدد كبير من الأعمال والمهن لدى غالبية أفراد مجتمع تعوّد اليسر والرخاء المتأتي أساسا من سخاء الدولة وثراء تقديماتها الاجتماعية.

وكانت الإدارة العامة لشؤون الإقامة قد عمّمت بالكويت على إداراتها أسماء خمس دول أفريقية جديدة تم وقف جلب العمالة المنزلية منها بموجب كتاب من وزارة الخارجية، ليرتفع بذلك عدد الدول الأفريقية الموقوفة إلى عشرين دولة.

وكان عدد من تلك الدول قد أثار قضية اضطهاد عماله في الكويت، وتحديدا النساء العاملات في المنازل مشيرا إلى تعرضهن لعمليات استغلال، من ضمنها الاستغلال الجنسي. وبالنسبة لدعاة إعادة تنظيم ملف العمالة الوافدة، فإنّ الأزمات المتلاحقة في العمالة المنزلية مظهر من مظاهر الفوضى والاختلال في سوق الشغل بالبلد.

وعلى سبيل المثال يعمل أزيد من ربع مليون فلبيني في الكويت، حوالي ستين بالمئة منهم في العمالة المنزلية، وهو ما يفسّر الصدى الكبير الذي كانت قد أخذته قضية عاملات المنازل السنة الماضية وتطوّرها إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين.

وسوق الشغل في الكويت غارقة بعمالة وافدة في مختلف القطاعات بما في ذلك المهن البسيطة التي لا تتطلب كفاءة خاصّة. وسرّع ارتفاع فاتورة تحويلات العمّال الأجانب، في مقابل تراجع المداخيل المتأتية من بيع النفط، خلال السنوات الماضية، عملية التفكير في توطين العمالة، لكن تطبيق ذلك مازال يصطدم بعدّة عوائق، ليس أقلّها رفض غالبية الكويتيين العمل في مهن بسيطة ذات عوائد مالة متدنيّة.

كذلك تتحدّث مصادر كويتية عن فساد في عملية استقدام العمالة الوافدة من خلال التلاعب بعملية إبرام عقود العمل وإسناد التأشيرات والإقامات، ونشأت عن ذلك مظاهر اجتماعية وأمنية مثل استشراء ظاهرة التسوّل والجرائم الصغرى من نشل واحتيال وغيرهما.

3