ملفات شائكة على طاولة ترامب وبوتين في هلسنكي

موسكو - قال السفير الأميركي في موسكو جون هانتسمان، إن اجتماع القمة المقرر في فنلندا بين الرئيسين ترامب وبوتين يهدف إلى الحد من التوترات بين البلدين، وسط تساؤلات حول هدف هذه القمة.
وأضاف هانتسمان “سيحمل الرئيس روسيا مسؤولية أنشطتها المؤذية” في إشارة إلى التدخل في الانتخابات وجهود التسبب في انقسامات بين التحالفات الغربية. وأصرّ هانتسمان على أن “الكرة في ملعب روسيا”.
وتابع “يأمل ترامب في أن يقلل الاجتماع من حدة التوترات، لا يمكنك حل المشاكل إذا لم تتحدث عنها”.
ومن المستحيل تقريبا التنبؤ، بأي قدر من الدقة، بما ستنتهي إليه القمة بسبب عفوية الرئيس الأميركي في التفاوض والأسلوب الغامض الذي يتميز به الزعيم الروسي.
ويرى مراقبون أن هناك فكرة معقولة عن القضايا التي استعد لها الزعيمان ومساعدوهما قبل الاجتماع والمجالات التي يريد كل منهما شيئا فيها من الآخر والمسائل التي لدى كل منهما الاستعداد لتقديم تنازلات فيها.
وشدد كل من ترامب وبوتين في تصريحاتهما عن الترسانة النووية في البلدين الأمر الذي فتح الباب أمام إمكانية حدوث سباق تسلح جديد.
وقال ترامب إن القدرات النووية الأميركية بحاجة لتجديدها، فيما كشف بوتين عن مجموعة من الأسلحة النووية الجديدة وحذر الحكومات الغربية من أنها “تحتاج الآن لأخذ واقع جديد في اعتبارها”، حيث سيكون سباق التسلح خطيرا وباهظ الثمن للجانبين.
وأما إذا تم التوصل إلى اتفاق لتقليل التصريحات الطنانة فسيخرج بوتين وترامب فائزين، وسيكتسب هذا الاتفاق معنى إذا ما تحقق تقدّم صوب تمديد معاهدة ستارت الجديدة للحد من الأسلحة النووية التي ينتهي العمل بها في 2021.
ويريد بوتين أن يخفف ترامب العقوبات التي فرضتها واشنطن بسبب ضم موسكو شبه جزيرة القرم من أوكرانيا ودعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا ودورها في الحرب الأهلية السورية والاتهامات بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية في 2016.
وتخشى إسرائيل حليفة واشنطن، بعد أن دخل الصراع الدائر في سوريا مراحله الأخيرة، أن تبقى قوات إيرانية وقوى تدعمها إيران حول حدودها، وفي القمة ربما يطلب ترامب من بوتين، أقوى الأطراف الخارجية في سوريا منذ التدخل العسكري الروسي فيها، استخدام نفوذه لدى طهران للحد من الوجود العسكري الإيراني.
وسيكون تحقيق ذلك صعبا على بوتين إذ يمثل مجازفة بقطيعة مع حلفائه في طهران وربما يلقي على القوات الروسية مهمة القيام بالنصيب الأكبر مما تبقى من أعمال قتالية في سوريا وهو عبء لا تريد موسكو أن تتحمله.
وأفادت مصادر دبلوماسية غربية وجود اتصالات بين واشنطن وموسكو وتل أبيب تجري لترتيب تفاهمات إزاء الملف السوري يتضمنها البيان المشترك لقمة الرئيسين في هلسنكي.
وكشفت ذات المصادر أن أحد المقترحات المطروحة هو مقايضة الوجود الأميركي بما فيها قاعدة التنف شرق سوريا بالوجود الإيراني، بما في ذلك القواعد العسكرية والميليشيات في كل سوريا، مشيرة إلى رغبة واشنطن في الاحتفاظ بالقاعدة الموجودة في زاوية الحدود السورية العراقية الأردنية لمراقبة تنفيذ إخراج إيران.
ومن الممكن أن يتفق بوتين وترامب في هلسنكي على إعادة حجم البعثتين الدبلوماسيتين إلى ما كان عليه من قبل، بعد تقلص الوجود الدبلوماسي الروسي في الولايات المتحدة وحجم البعثات الدبلوماسية الأميركية في روسيا بعد جولتين من عمليات الطرد الدبلوماسي الانتقامية بعد حادثة تسميم العميل سيرجي سكريبال في لندن، حيث لن يغير ذلك شيئا في جوهر العلاقة الأميركية الروسية لكنه سيمثّل رمزا لبداية جديدة.
ومنذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في العام 2014 صعّد حلف شمال الأطلسي (الناتو) مناوراته العسكرية في شرق أوروبا. ويقول زعماء الحلف إن الهدف من ذلك هو طمأنة أعضاء الحلف الذين يخشون اعتداء روسيا.
وقد أغضب ذلك روسيا التي تقول إن حلف شمال الأطلسي أصبح يمثل عبئا على فنائها الخلفي، حيث شبه الكرملين ذلك بنشر روسيا صواريخ في المكسيك. وإذا قلص ترامب حجم التدريبات العسكرية فسيمثّل ذلك انتصارا كبيرا لبوتين. وقال دبلوماسيان كبيران في حلف شمال الأطلسي لرويترز إنهما مستعدان لكل الاحتمالات بما في ذلك أن يعلن ترامب في أسوأ الحالات تجميد المناورات العسكرية الأميركية أو سحب القوات من منطقة البلطيق.
وقال مسؤول أميركي كبير لوكالة رويترز إن كل رئيس أميركي منذ نهاية الحرب الباردة حاول إصلاح العلاقة مع موسكو، ولكن في نهاية الجهود عادت بنتائج عكسية، مضيفا “في كل حالة أدى ذلك إلى دورة ازدهار، ثم انحدار ما يجعل العلاقة بينهما أسوأ”.
والتقى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مع مسؤولين روس في زيارة نادرة إلى موسكو الثلاثاء الماضي، لبحث قضايا حساسة من بينها أوكرانيا وسوريا والتدخل الروسي المزعوم في انتخابات الرئاسة الأميركية تمهيدا لقمة الرئيسين.
وتأتي الزيارة في وقت يرتفع فيه التوتر بين روسيا والغرب بشأن العديد من النزاعات والخلافات السياسية، حيث التقى الوفد بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وعدد من أعضاء البرلمان الروسي.
وقال السيناتور عن ولاية ألاباما ريتشارد شيلبي “نحن نعرف أن هناك بعض الخلافات بعضها أساسي، وبعضها أقل أهمية، وناقشنا بعضها مع لافروف ورئيس الدوما”.
وكان صرح للتلفزيون عقب اجتماع بلافروف في وزارة الخارجية “نحن ندرك أن العالم سيكون أفضل إذا تراجع التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا”، مضيفا “نأمل أن يشكل ما سيصدر عن لقاء بوتين-ترامب في هلسنكي بداية يوم جديد”.