"ملتقى رمضان لخط القرآن": فعالية لكتابة القرآن بخطوط عربية نادرة

ملتقى رمضان لخط القرآن، الذي افتتح في الأول من يوليو بدبي، فعالية تسعى إلى ربط الصلة بين البعد الديني والبعد التاريخي والثقافي، إذ أن الملتقى الذي انتظم في دورته الثامنة تحت شعار “30 جزءا، 30 خطاطا ومصحف واحد” يهدف إلى كتابة نسخة كاملة من القرآن الكريم باعتماد نوعيات نادرة من الخط العربي مثل: المحقق والريحاني. الدورة الجديدة مثلت حالة خاصة لأنها استدعت الخطاطين إلى مغامرة تقوم على إحياء خطوط من قبيل الخط الريحاني والمحقق التي ابتدعها ابن البواب في بداية القرن الخامس للهجرة.
الاثنين 2016/07/04
إعادة الاعتبار للمحقق والريحاني

دبي - تواصل الحرص على تنظيم ملتقى رمضان لخط القرآن في دورته الثامنة، أكد أن الفعالية اشتدّ عودها، ودخلت سن النضج، حيث أصبحت للملتقى الذي تنظمه وزارة الثقافة في الإمارات انعكاسات إيجابية على الخط العربي والمهتمين به ليس في دولة الإمارات فقط، بل في دول المنطقة ككل في ظل تميز هذا الحدث الذي يستمر على مدى 3 أيام متوالية بإنجاز نسخة فريدة من القرآن الكريم للمرة الثامنة والمكتوبة يدويا بالأدوات التقليدية للمصحف.

عفراء الصابري وكيلة وزارة الثقافة وتنمية المعرفة تؤكد هذا التصور بقولها إن الملتقى يساهم بشكل مباشر في الحفاظ على أحد الفنون التي تعبر عن هويتنا العربية الإسلامية الخالصة، كما سيبقى شاهدا على مرّ التاريخ للإمارات باهتمامها الكبير بالقرآن في شهر القرآن.

جاء ذلك خلال متابعتها لفعاليات اليوم الثاني من الملتقى والذي حظي بمتابعة كبيرة من المهتمين بجماليات الخط العربي.

وقالت الصابري إن الملتقى أصبح واحدا من أهم مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة على مستوى الوطن العربي والعالم لدعم الحركة الثقافية والفنية داخل الدولة وخارجها.

مشيرة إلى أن أهمية استمرار هذا الملتقى تأتي للتأكيد أيضا على هويتنا العربية والإسلامية حيث يأتي الخط العربي في مقدمة الفنون الراسخة، باعتباره أحد أهم مكونات هويتنا العربية والإسلامية الأصيلة القادرة على التواصل مع الآخر، وإحداث الأثر الإيجابي لتقديم رؤية ثقافية جديدة ذات مضمون ثقافي قادر على إثراء الوطن

العربي والإسلامي وكذلك العالم بزخم ثقافي وفني نابع من تراثنا وحضارتنا العريقة. وأشارت الصابري إلى أن الملتقى يساهم بشكل فعّال في فتح حوار تفاعلي بناء لصالح ثقافتنا العربية والإسلامية، كما يؤكد أننا نواصل النهضة الشاملة في الدولة بكل المجالات مستشرفين آفاق المستقبل جنبا إلى جنب مع تمسكنا بكل تراثنا العربي الراسخ الأصيل.

من جانبه أشاد الخطاط التركي محمد أوزجاي العضو في لجنة التحكيم بملتقى رمضان لخط القرآن الكريم بالجهود الكبيرة المبذولة من أجل أن يظل الملتقى نافذة كبيرة يطل منها جمهور الخط في كل مكان على إبداعات خطاطي العالم.

مضيفا أن الملتقى في دورته الثامنة حفر مكانة بارزة له على مستوى العالم لكونه استطاع جمع خطاطين بارزين من مدارس ومشارب مختلفة في مكان واحد وفي توقيت واحد ولمدة زمنية محددة بهدف إنجاز نسخة واحدة من المصحف الشريف، فتجتمع في النسخة الواحدة إبداعات متضافرة وليس إبداعا واحدا.

وأوضح أن الدورة الثامنة تمثل حالة خاصة لأنها ذهبت بالخطاطين إلى الماضي البعيد لتعيد معهم بعث خطّيْ المحقق والريحاني من جديد.

مؤكدا أن خط القرآن الكريم يدويا، كما كان يحدث في القرون السابقة، يضيف اللمسة الإنسانية إلى الخط في كل نسخة.

نجاح الملتقى يتمثل في قدرته على التطرق إلى نوعيات من الخطوط كانت رائجة قبل قرون وأهملت لصالح خطوط أخرى

متمنيا أن تحظى فعاليات الملتقى بمتابعة من محبي الخط على مستوى الدولة لكي يستمتعوا بجماليات الخط العربي الذي لا يقل من حيث القيمة والإبداع عن أرقى الفنون التشكيلية العالمية.

وأكد عبدالرضا بهية العضو بلجنة التحكيم في الملتقى أن علامات نجاح الملتقى تتمثل في قدرته على المغامرة والتحدي بالتطرق إلى نوعيات من الخطوط كانت بارزة قبل قرون ولكنها أهملت لصالح خطوط أخرى، مشيرا إلى أن اختيار المحقق والريحاني لكي تكتب به النسخة الثامنة من كتاب الله ينتصر لهذه الخطوط الرائعة ويضع الخطاطين المشاركين في الدورة الثامنة أمام تحدّ واضح لإثبات قدراتهم ومواهبهم، مؤكدا على أن البادرة وكما رصدتها لجنة التحكيم مغامرة ناجحة للغاية.

وعن وجود عدد كبير من الشباب ضمن الخطاطين المشاركين هذا العام أكد هنية أن هذه الظاهرة تمثل أهم عوامل نجاح الملتقى حيث قدم حالة متميزة للخط العربي دفعت الكثيرين للدخول إلى عالم الخطوط واحترافها، ومن هنا يأتي الإقبال الكبير من جانب الخطاطين للمشاركة به كل عام، وهي حالة تستوجب الإشادة بدور وزارة الثقافة وتنمية المعرفة وعلى رأسها الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة لجهوده المخلصة في دعم كل ما يرتقي بالثقافتين العربية والإسلامية وفنونهما، ليس محليا فقط وإنما على مستوى مختلف أنحاءالعالم.

وقد عبر عبيدة محمد صالح البنكي العضو بلجنة التحكيم في الملتقى عن تقديره لدولة الإمارات لدعمها الكبير والمستمر للخط العربي والذي كان له عميق الأثر في استعادة الخط العربي لدوره كأحد أهم الفنون العربية، مؤكدا أن ملتقى رمضان لخط القرآن أفرز بالفعل العشرات بل المئات من الخطاطين على مستوى العالم، الذين عملوا على تحسين إبداعاتهم بل وتسابقوا للمشاركة في الملتقى، وهذا بلا شك يمثل نهضة حقيقية للخط العربي.

وعن دخول خط الريحاني في الدورة الثامنة وهو الخط الذي عانى الكثير من الإهمال خلال القرون الأخيرة لصالح النسخي والثلث، وقدرة الخطاطين على إجادته وإحيائه مرة أخرى، أوضح البنكي أن الملتقى وضع خط الريحاني كهدف أمام الخطاطين، وأنهم جميعا بحثوا في قواعده وما توفر لديهم من مخطوطات قديمة كتبت به، وبذلوا جهودا ضخمة لإنجاز جزء من القرآن الكريم بخطيْ المحقق والريحاني، مؤكدا أنهم نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، وأن هذا الملتقى سيكون له الفضل الأكبر في بعث الخط الريحاني من جديد، بل سيؤرخ لهذا الخط بداية من هذا الملتقى منبها إلى أن خط الريحاني به جماليات رائعة ستكشف عنها المستويات الراقية للخطاطين المشاركين في الدورة الثامنة من ملتقى رمضان التي ستعدّ تراثا فنيا وثقافيا متفردا لدى وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.

من جانبه قال الخطاط محمد جابر إن مشاركته في الدورة الثامنة من الملتقى تعدّ تتويجا لجهوده في تحسين مستواه مؤكدا أن المشاركة في حدّ ذاتها شرف كبير بأن يُخط كتاب الله وسط هذه الكوكبة من خطاطي العالم، مؤكدا أن الكتابة بالمحقق والريحاني تمثل تحديا لكافة الخطاطين، إذ جعلتهم يدرسون جماليات هذا الخط للوصول إلى الإجادة المطلوبة معبرا عن عميق شكره لوزارة الثقافة لما تقوم به من دور لرعاية الخط العربي حتى أصبحت جائزة البردة وملتقى رمضان كأنهما عيدان لكافة الخطاطين.

وعن خط الريحاني أوضح الخطاط السعودي أحمد حسن أبوسرير أنه لم يكن له أن يظهر من جديد لولا هذا الملتقى الذي مكن 30 خطاطا من إبراز مواهبهم في الكتابة به، وقد مثل ذلك تحدّيا لأن الخطاط يخط بنوعية من الخطوط يندر أن يجد لها نماذج كثيرة، سواء في الوقت الحالي أو حتى في المخطوطات القديمة، كما عبّر عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث الثقافي الكبير.

12