"مكتبة في صندوق".. تقدم الحلوى والثقافة لأطفال القرى المصرية

يبحث الفنان المصري محمد الجنوبي عن دعم لتجربته المتمثلة في نشر الثقافة في المدن والقرى البعيدة عن القاهرة، وتتلخص تجربة الجنوبي التي شرع في تنفيذها بالفعل في مشروعه “مكتبة في صندوق” والذي أطلق عليه اسم “سيف” وهو عبارة عن صندوق بحجم كف اليد مصنوع من الورق المقوى في داخله كتاب صغير لا يتجاوز الخمس صفحات.
الأربعاء 2017/11/29
كل أدوات الترغيب متاحة

القاهرة – يعرف الفنان المصري محمد الجنوبي أنّ الكتاب وحده قد لا يكون مثيرا للشراء من قبل الأطفال، رغم كلفته الزهيدة التي لا تتجاوز جنيها واحدا، لذلك أرفق معه مثيرات أخرى باحثا عن دعم لتجربته المتمثلة في نشر الثقافة في المدن والقرى البعيدة عن القاهرة، عبر مشروعه “مكتبة في صندوق”، وهو عبارة عن صندوق بحجم كف اليد مصنوع من الورق المقوّى في داخله كتاب صغير لا يتجاوز الخمس صفحات، وإلى جانب الكتاب يضم الصندوق أيضا قطعة حلوى وصورة للوحة فنية وقلما ملوّنا أو لعبة بلاستيكية صغيرة، إضافة إلى معلومة تاريخية أو علمية مفيدة، واختار الجنوبي لهذا الصندوق الصغير اسم “سيف”، لأن أول القصص التي قام بمعالجتها من خلاله هي سيرة سيف بن ذي يزن.

وبعد بحث طويل لم يجد مؤسسة أو جهة حكومية تقوم بتمويل هذه الفكرة، فلجأ الجنوبي أخيرا إلى تنفيذ فكرته على نفقته الخاصة، ورغم كلفتها المالية الباهظة، إلاّ أنه لا ينتظر منها ربحا، كما يقول، “يكفي أن يغطي العائد تلك الكلفة حتى يُكتب لهذا المشروع الاستمرار والبقاء”.

وبالفعل اتفق مع مجموعة من أصدقائه الكتّاب والفنانين على التعاون معه في وضع الملامح الرئيسية للفكرة، من اختيار الأعمال الأدبية المناسبة إلى تصميم الصندوق والمشاركة في وضع الرسوم الداخلية المصاحبة للقصة حتى تكون جذابة للأطفال.

وتتنوع القصص التي يضمها الصندوق بين القصص المحلية الموجهة للأطفال لكتّاب مصريين، وقصص أخرى عالمية تم ترجمتها وتبسيطها للفئة العمرية التي يستهدفها المشروع وهي بين 6 و15 سنة، وبالفعل تم إنتاج عدد كبير من هذه الصناديق الورقية وتوزيعها على القرى والمدن البعيدة عن العاصمة، والتي تفتقر في الغالب لمثل تلك الخدمات الثقافية.

ويقول الجنوبي إن فكرة الكتاب أتته ذات يوم حين فتح واحدة من علب الدواء واطلع على النشرة الداخلية المرفقة على هيئة مطوية ورقية صغيرة، حينها فكّر في عمل مطوية شبيهة تحمل نصا أدبيا مبسطا للأطفال.

ويضيف صاحب المشروع “نفّذت الفكرة في البداية في أعداد تجريبية كان فيها الصندوق لا يحتوي سوى على تلك المطوية المكتوبة بخط واضح وملوّن، غير أنها لم تكن مثيرة للأطفال، ففكّرت أن أرفق مع القصة عناصر جذب أخرى مناسبة كقطعة حلوى وأقلام ملوّنة وصور، مع تغيير شكل المطوية إلى هيئة كتاب أو كراسة صغيرة لا تتجاوز الأربع أو الخمس صفحات، فلقي الأمر تجاوبا ملموسا من قبل الأطفال، وأكثر ما يسعدني اليوم هو أن أرى أطفالا وهم يطالعون ما في هذا الصندوق من صور وحكايات، مستمتعين في نفس الوقت بالحلوى التي يحتويها”.

وطبّق الجنوبي تلك الفكرة أولا في محافظته أسوان الواقعة في أقصى الجنوب المصري، فهناك توجد العديد من القرى النائية البعيدة عن الخدمات الثقافية، هذه الخدمات التي تكاد تكون قاصرة فقط على القاهرة والإسكندرية.

وما يميّز الفكرة أنها تتيح المعرفة بسعر زهيد في متناول الأطفال الفقراء الذين لا يقدرون على شراء الكتب المخصصة لهم، وهي الفئة التي يستهدفها المشروع، كما يقول الجنوبي، فهو يركز نشاطه بعيدا عن المدن، مستهدفا المناطق النائية والقرى والنجوع الفقيرة. وأكثر ما أحزنه حين حاول التواصل مع مسؤولين في وزارة التربية والتعليم في مصر ليتمكّن من توزيع تلك الكتب على أطفال المدارس، غير أن محاولاته تلك باءت بالفشل بسبب الإجراءات المعقدة والبالية،.

ويقول محمد الجنوبي “لأني أدرك أن المشروع قد يواجه عقبات تحول دون استمراره وعلى رأسها العقبات المادية، فقد لجأت إلى إحدى الجهات الغربية المانحة بعد أن حاولت مرارا مع مؤسسات محلية داخل مصر، غير أن تلك الجهة اشترطت عليّ أن أضع اسمها على غلاف العلبة، بالإضافة إلى رغبتها في التدخل في المحتوى، فرفضت ذلك، لا لشيء إلاّ للابتعاد عن الشبهات والاتهامات الجاهزة التي يتطوّع البعض في إلصاقها بأصحاب مثل هذه المبادرات المموّلة من الخارج”.

16