مكافحة الوباء تتطلب جيشا من الشباب في الصفوف الأولى

مبادرات إماراتية للشباب تغطي كافة جوانب التعامل مع الأوبئة والحد من تأثيراتها المجتمعية.
الأحد 2020/03/29
المسؤولية تتضاعف أمام الأوبئة

تحتاج الدول خلال هذه الفترة الحرجة إلى تأهيل وتدريب أكبر عدد ممكن من الشباب لمواجهة الأعباء المرتبطة بتفشي وباء كورونا، لذلك أطلقت المؤسسة الاتحادية للشباب في الإمارات مبادرات لتعزيز دورهم في التعامل مع الأوبئة والحد من تأثيراتها على كافة مناحي الحياة.

أبوظبي  – “اِلزموا منازلكم” إجراء حكومي طالبت به الحكومات في أنحاء العالم للحد من تفشي وباء كورونا، لكن في نفس الوقت يتطلب هذا الإجراء عددا كبيرا من المتطوعين لتلبية حاجات السكان ومراقبة تطبيق الحجر المنزلي والأهم ميدان الرعاية الصحية الذي أصبح يحتاج جيشا من الشباب المؤهلين القادرين على تحمل العبء الكبير.

ويؤكد خبراء الصحة أن الدول الآن في أمس الحاجة إلى تأهيل أكبر عدد ممكن من الشباب للتعامل مع الوباء، وبأقصى سرعة أيضا، وهو ما يشكل تحديا كبيرا، لهذا تكتسب المبادرات الوطنية التي تقوم بها الحكومات أهمية كبيرة، ومنها مبادرة المؤسسة الاتحادية للشباب في الإمارات التي أطلقتها منذ أيام، لرفع جاهزية الشباب تجاه الأوبئة.

وتوجه سعيد النظري مدير عام المؤسسة الاتحادية للشباب في الإمارات بدعوة مفتوحة للشباب الإماراتي للمشاركة في 9 مبادرات وطنية لتعزيز دور الشباب الإماراتي في التعامل مع الأوبئة والحد من تأثيراتها المجتمعية وكافة مناحي الحياة في الإمارات.

دليل استثمار الوقت في المنزل لمساعدة الشباب على ابتكار حلول وآليات من أجل توظيف طاقتهم وأوقاتهم

وقال النظري “نراهن على مرجعية القيم والشخصية والحس الوطني العالي التي يتمتع بها الشباب الإماراتي، بالإضافة إلى المهارات والقدرات التي ستمنح هذه المبادرات أبعادا جديدة وتعظّم من أثرها في المجتمع”.

وتحتفي المبادرات بالكوادر الشابة في الصفوف الأولى في مواجهة الأزمات في عدد من الجهات داخل البلاد، كما ستعمل على تدريب الشباب على طرق الوقاية من الأوبئة والمشاركة في الاعتناء بكبار السن، وكذلك تدريبهم حول كيفية صناعة المحتوى التوعوي الصحيح وصياغة الرسائل المؤثرة للمجتمع خلال انتشار الأوبئة، بالإضافة إلى ترسيخ العادات والقيم في التعامل مع الأوبئة في مخيلة وثقافة الشباب، واستثمار روح المشاركة للحد من آثار تلك الأوبئة، وإطلاعهم على كيفية الاستثمار الأمثل للوقت أثناء العمل من المنزل وغيرها.

وأوضح النظري “قام شباب الإمارات بتصميم هذه المبادرات من واقع تجاربهم ومتابعتهم اليومية وبما يلائم احتياجاتهم؛ وقد تم اعتمادها وفق رؤية تراعي تفعيل برامجنا ومبادراتنا الشبابية الوطنية وتوظيف أهدافها”.

متغيرات كبرى

شما المزروعي: الشباب هم من يقودون إنتاج المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، ودورهم أساسي في نشر التوعية
شما المزروعي: الشباب هم من يقودون إنتاج المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، ودورهم أساسي في نشر التوعية

وتأتي المبادرات الحكومية التسع، مع تسارع الأحداث المرتبطة بتفشي وباء كورونا وما رافقها من متغيرات كبرى تؤكد على الأهمية الكبرى للدور المجتمعي للشباب في الوقاية لحماية المجتمع والاستثمار في قدراتهم وطاقاتهم من خلال تدريبهم وتثقيفهم بشكل متخصص وإكسابهم المعارف والمهارات المتنوعة من أجل المساهمة الفاعلة في الوقاية من الأوبئة، والمشاركة في إدارة الأزمات ومعالجة آثارها على المديين القصير والبعيد، والبدء بتنفيذ خطط استراتيجية للتعامل مع مختلف الأزمات في المستقبل.

وأولى المبادرات “أساسيات الوقاية من الأوبئة” وتنظم أكبر دورة رقمية على مستوى الوطن العربي للوقاية من الأوبئة، والهادفة إلى تزويد الشباب بالمعرفة والأدوات والممارسات من قبل المختصين، بالتعاون مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع ووزارة التربية والتعليم والهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية.

وتجيب الدورة على كافة استفسارات الشباب حول التعامل مع المرحلة الراهنة وتفعيل دورهم بمساهمتهم بجانب الحكومة في وقاية المجتمع من الأوبئة.

الشباب هم من يقودون إنتاج المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، ودورهم أساسي في نشر التوعية

وقال عبدالرحمن العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع “في ظل التحديات العالمية الراهنة وانتشار الأوبئة بشكل غير مسبوق وعلى نحو متسارع فإن مسؤولية شباب الإمارات تتضاعف من أجل وقاية المجتمع وحمايته من الأمراض، ونراهن على طاقاتهم للتغلب على تلك الأزمات وإيجاد حلول عملية لها لنسهم معاً في بناء مجتمع صحي وسليم”.

وأضاف “نسعى إلى تفعيل المبادرات الوطنية الهادفة من خلال مجلس شباب وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المشاركة”.

وتخصّص مبادرة “دليل الاعتناء بكبار المواطنين”، لإشراك الشباب الإماراتي في الاعتناء بكبار المواطنين؛ وإعداد دليل إرشادي للاعتناء بهم ووقايتهم من الأوبئة بالتعاون مع وزارة تنمية المجتمع حول كيفية استخدام أحدث الوسائل والآليات للعناية بكبار السن في المجتمع من أجل وقايتهم من مختلف الأمراض والأوبئة.

ومن اللافت في هذه المبادرات الحملة المرافقة التي تقوم بها شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة الدولة لشؤون الشباب، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الاتحادية للشباب، حيث توجهت عبر مجموعة تغريدات على حسابها على تويتر لحث الشباب على المشاركة في هذه المبادرات.

وأكدت على ثقتها في قدرة الشباب على إضافة أبعاد جديدة إيجابية في إدارة ملفات الدولة الحيوية، خاصة التي تتعلق بالأوبئة، وتقديم خبراتهم لخدمة مجتمعهم ووطنهم.

وتتيح مبادرة صناعة المحتوى الفرصة أمام الشباب في الإمارات للمشاركة في صناعة محتوى توعوي باللغتين العربية والإنجليزية للوقاية من الأوبئة والفايروسات، وكيفية صياغة رسائل مؤثرة للمجتمع للمساهمة في إكساب أفراد المجتمع المعرفة وطرق وأساليب الوقاية للحد من انتشار الأوبئة بين أفراد المجتمع.

منصة رقمية

وأشارت المزروعي إلى أن الشباب هم من يقودون إنتاج المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، ودورهم أساسي في نشر التوعية، لذلك سنعمل وبالتعاون مع المجلس الوطني للإعلام على دعمهم بإنتاج محتوى هادف يساهم في زيادة الوعي لطرق الوقاية من الأوبئة؛ عبر توفير المعدات المتخصصة.

عبدالرحمن العويس: مسؤولية شباب الإمارات تتضاعف من أجل وقاية المجتمع
عبدالرحمن العويس: مسؤولية شباب الإمارات تتضاعف من أجل وقاية المجتمع 

كما تشمل المبادرات إطلاق منصة إلكترونية تتيح الفرصة للشباب الإماراتي للوصول إلى جميع فرص المشاركة في الخدمة المتاحة للتعامل مع المرحلة الحالية للوقاية من الأوبئة، وذلك بالتعاون مع مختلف الجهات ذات الصلة في الدولة.

وتهدف المنصة الرقمية إلى تشجيع الشباب على تبني ثقافة العمل التطوعي للمساهمة في مختلف الجهود داخل المجتمع، بخاصة في أوقات الطوارئ التي تتطلب من الجميع التكاتف والمساهمة في جهود الدولة لحماية البلاد والمواطنين.

من جهتها، قالت نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة “إن العادات والتقاليد الأصيلة التي يرتكز عليها شباب الإمارات تعدّ من أهم مقومات التعامل مع الأوبئة والحد من انتشار آثارها السلبية وذلك بهدف الحفاظ على صحة وسلامة المجتمع الإماراتي خلال الفترة الراهنة والمستقبل”.

وتناولت أيضا إحدى المبادرات إنشاء “دليل استثمار الوقت في المنزل” لمساعدة الشباب على ابتكار حلول وآليات من أجل توظيف طاقتهم وأوقاتهم في تنفيذ العديد من الأعمال، خاصة في حال العمل من داخل المنزل.

التحلي بالمسؤولية

ويشجع الدليل الشباب على استغلال أوقاتهم في المنزل على النحو الأمثل من خلال تفعيل الهوايات والأنشطة المثمرة التي تصقل مهاراتهم وتعزّز قدراتهم في تخصصهم وكل مجالات الحياة المتنوعة.

وتهتم مبادرة “وقف الشباب للوقاية”، بمشاركة الشباب والمؤسسات في تخصيص أوقاف لحماية المجتمع من الأوبئة والفايروسات، مثل المعقمات وغيرها من الأدوات والمعدات المهمة لهذا الغرض، وبشكل يسهم في استدامة العمل الوقفي في مجال الوقاية من الأوبئة والأمراض.

وقال محمد سعيد النيادي، المدير العام لـ”الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف “على الشباب معرفة الدور الأساسي الذي يؤدونه في الحد من السلوكيات غير المقبولة. إنني على ثقة بقدرة تأثير عيال زايد على مجتمعاتهم بشكل إيجابي لضمان وقاية المجتمع وأفراده، ومؤمن بإمكانية كل شاب وشابة على تعزيز روح الالتزام الوطني في هذه الفترة الحرجة”.

وأضاف النيادي “أناشد شبابنا للتحلي بالمسؤولية والمساهمة بشكل فاعل في هذه الفترة من أجل تجاوز هذه الأزمة، والمشاركة بروح إيجابية لأداء الواجب الوطني”.

وإلى جانب مبادرات  المؤسسة الاتحادية للشباب، أطلقت أكاديمية أبوظبي الحكومية البرنامج الرقمي “جيل أبوظبي القادم” بالتعاون مع منصات التعليم الإلكترونية العالمية كجزء من مشروع “منصة المهارات الشبابية” والذي يهدف إلى بناء المهارات والمعارف المطلوبة للشباب في العالم الرقمي وتعزيز مفهوم استمرارية التعلم لديهم للتأقلم مع التغيرات المستمرة في مستقبل سوق العمل ومواكبة آخر المستجدات بما يضمن التفوق والتميز في أدائهم الوظيفي.

ويستهدف البرنامج جميع الشباب الإماراتيين والمقيمين في أبوظبي والذين تبلغ أعمارهم بين 18 و35 عاما ودون خبرة مسبقة .

وتم وضع “برنامج جيل أبوظبي القادم” بالمشاركة مع أفضل الخبراء في القطاع التكنولوجي من أبرز المؤسسات والشركات العالمية منها “آي بي إم” و جامعات عالمية مرموقة منها جامعة كولورادو بولدر، وغيرها.

ويقدّم فرصة التعلم العملي عن طريق العمل على مشاريع واقعية يقوم بتقييمها شخصيا خبراء من المنصات الإلكترونية العالمية كما سيوفر البرنامج إرشادا ودعما فرديا على مستوى عالمي وستتاح أيضا الفرصة للملتحقين في البرنامج بالتعلم وفق جدولهم الشخصي من خلال التحكم في خصائص منصات التعلم الإلكتروني المتاحة.

ويبدأ البرنامج في شهر أبريل المقبل بالتعاون مع منصة كورسيرا أكاديمية علوم البيانات، وتحتوي الأكاديمية الرقمية على العديد من المسارات لتطوير مهارات الشباب في “تحليل البيانات” و”علوم البيانات” و”الذكاء الاصطناعي” بما يكسبهم المهارات الأساسية المتعلقة بالبيانات والتي يمكن تطبيقها عبر الوظائف والقطاعات.

كما سيتعرّف المشاركون على كيفية تحليل البيانات وإنشاء نماذج باستخدام برنامج إكسل ولغة استعلام قواعد البيانات وعرض البيانات باستخدام لغة البرمجة بايثون.

وقالت علياء عبدالله المزروعي مدير عام أكاديمية أبوظبي الحكومية بالإنابة “ستدعم الأكاديمية برنامج ‘جيل أبوظبي القادم’ من خلال توفير شهادات مهنية لتطوير مهارات الشباب الأمر الذي سيمكّنهم من مواكبة المتغيرات العالمية في سوق العمل والناتجة عن التطور المتسارع للتكنولوجيا وسيمنحهم الفرصة المثالية لتجديد وتطوير المهارات المستقبلية بصورة فعالة تتماشى مع متطلبات العمل المتغيرة”.

19