مقديشو تقطع الطريق أمام مساع إيرانية لنشر التشيع في البلاد

الجمعة 2016/06/10
علي حلني: الصومال جزء من التحالف العربي في مواجهة إيران ودعمها للحوثيين

القاهرة – اقتدى الصومال، مؤخّرا، بدول كثيرة عضوة في جامعة الدول العربية، وقام بقطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران. وقد اعترف الكاتب والصحافي الصومالي علي حلني، في حوار مع “العرب”، على هامش زيارة قصيرة للقاهرة، أن هناك بعدا مهما يتمثل في أن الصومال جزء من التحالف العربي بقيادة السعودية في مواجهة إيران ودعمها للحوثيين في اليمن، والحكومة الصومالية تلتزم بمواقف التحالف، خاصة بعد الاعتداء على مقرات دبلوماسية للسعودية في إيران.

وأوضح حلني، نقيب الصحافيين الصوماليين، أن الحكومة الصومالية كانت مضطرة لقطع العلاقات بسبب خوفها من تطور تواجد المنظمات الإيرانية في الصومال بذريعة المساعدات، إلى مرحلة تشييع البسطاء في الصومال. كانت إيران قد خصصت أموالا للسعي للفوز بأصدقاء في مختلف أنحاء أفريقيا فاستثمرت في صناعات محلية وأنفقت على نشر المذهب الشيعي، مستغلة فواتير الحياة الباهظة وانتشار الفقر بسبب الحرب ونفوذ القبائل.

لكنه أضاف أن سطوة القبائل بلغت حد أن هناك شركات دولية أبرمت اتفاقات تنقيب عن النفط مع قبائل، قبل أن يوقف ذلك بقرارات دولية، ولا تزال توجد منظمات تعمل مع الخارج وتتلقى دعما ماليا بعيدا عن أعين سيطرة الحكومة.

ودخل الصومال في براثن الحرب الأهلية عام 1991 بعد سقوط نظام سياد بري. ولم يستطع الصوماليون الاتفاق على نظام بديل له، فتحولت الحرب من معارضة ضد حكومة إلى حروب قبلية ضد قبيلة الرئيس. وتم تحطيم البنية الأساسية للدولة، والخلط بين النظام الحاكم وقبيلة الرئيس، فكان استهداف أبناء قبيلة الرئيس وليس فلول النظام ككل وهنا كان الخلل.

الأمر الذي دفع الاتحاد الأفريقي والدول الراعية لمفاوضات إنهاء القتال في الصومال إلى إبرام اتفاق تم بمقتضاه تقاسم السلطة عبر المحاصصة القبلية، حيث تتولى كل قبيلة من الأربع الكبار ترشيح نواب للبرلمان ووزراء، فيما تتولى القبائل الصغيرة مجتمعة ترشيح نسبة، وهي الآلية التي شكلت بمقتضاها الحكومة الحالية والبرلمان القائم. وكان من المنتظر إجراء انتخابات جديدة 2016 بالاقتراع السري المباشر لكنها لم تحدث، لأن الدولة ليست لديها قواعد بيانات كاملة للمواطنين، ومعظم الشعب بلا بطاقات هوية.

ورغم الأعراف القبلية، إلا أن الصراع في الصومال تحوّل بسرعة من قبلي إلى ديني، بعد أن وجدت التنظيمات المتطرفة في الساحة الخالية إغراء لها، فظهر أمراء الحرب والمحاكم الإسلامية وتنظيم الشباب المجاهدين. وأرجع حلني انتشار التنظيمات الجهادية في الصومال إلى “خلو الدولة من حكومة أو جيش ما سمح بدخول العائدين من أفغانستان في التسعينات، الذين روجوا للأفكار الجهادية، وكان تأثيرهم كبيرا لدرجة تزاحم الشباب الصومالي للانضمام لتلك الحركات”.

في البداية، رفعت التنظيمات شعار الدعوة وتعليم الدين، ثم مع انتشار السلاح استفادت من الفوضى وغياب الدولة، وبدأ تنظيم القاعدة يدعو “إلى نصرة المسلمين في البوسنة الذين كانوا يتعرضون لمذابح”.

الحركة الجهادية الأقوى في الصومال هي حركة الشباب بفضل سيطرتها على مناطق في الأطراف والأدغال وامتلاكها جناحا عسكريا وجهاز مخابرات استطاع اختراق بعض المؤسسات الحكومية

ومع تعاطف قطاع من الصوماليين قال جهاديون “لا نستطيع الوصول إلى الصرب (أثناء الحرب في البوسنة) فننتقم من ‘الكفار’ في دول الجوار، من هنا بدأت التنظيمات تدعو إلى الانتقام من العدو القريب ثم أعوان “الكفار” قاصدين بذلك الدولة وأجهزتها، وبدأت السيطرة على الأحياء ثم الدولة ككل”.

وقال حلني إن بعض شيوخ السلفية شاركوا في استقطاب الشباب لهذا الفكر دون أن يتوقعوا وصول الأمر إلى القتل المنظم، وعندما رفضه البعض كانوا أهدافا للشباب المجاهدين فمنهم من قتل ومنهم من فر خارج البلاد.

وتلقت التنظيمات الداخلية دعما خارجيا من تنظيمات ودول أخرى، لكن كثرة الأموال التي تدفقت عليها جعلت قائد كل تنظيم يسعى لإفادة أبناء قبيلته، فقويت القبيلة من جديد وانحسر تأثير تلك التنظيمات.

وشدّد حلني على أن الحركة الجهادية الأقوى في الصومال الآن هي حركة الشباب بفضل سيطرتها على مناطق في الأطراف والأدغال وامتلاكها جناحا عسكريا وجهاز مخابرات استطاع اختراق بعض المؤسسات الحكومية، وهو ما يفسر نجاح عمليات استهداف مقرات بالقرب من القصر الرئاسي بالعاصمة. ونفى وجود تشابه بين حالتي العراق والصومال، مؤكدا وجود فارق كبير، فكلما كانت الدولة قوية مرفهة قبل فشلها تزيد معاناة الشعب بعد الفشل. لذلك لا يشعر المواطن الصومالي بلوعة شديدة على الماضي، لأنه كان يعيش حياة بدائية ولم يتمتع بالحياة المدنية الحديثة ثم فقدها، مثل العراقيين.

وعن ظروف العمل الصحافي في ظل الاستهداف من الفرقاء قال حلني “إذا استبدلت صحيفة وصف تنظيم “الشباب المجاهدين” بالإرهابيين سيعرضها للانتقام، كذلك إذا وصفت الحكومة بالفاشلة تتعرض للملاحقة والغلق، والحقيقة أن الصحافيين يعيشون أسوأ الأوضاع، بين مطرقة الإرهاب وسندان الحكومة”.

وأشار إلى استشهاد عدد من الصحافيين في الصومال كل عام، معظمهم من العاملين في الإذاعة والتلفزيون والصحافة المملوكة للحكومة، فيما يتعرض الداعمون للمعارضة للملاحقات.

ونتيجة للظروف هيمن الإعلام الإذاعي على المشهد في العاصمة، وتوجد في مقديشو وحدها قرابة 50 إذاعة تملك منها الحكومة واحدة، ويلي ذلك الإعلام المرئي الذي يبث عبر مهاجرين من الخارج، أما الصحافة الورقية فهي الأسوأ حالا كون الصوماليين ثقافتهم شفهية، إلى جانب غياب المطابع الحديثة، وتدني النقل والمواصلات ومن ثم يحتاج نقل الصحيفة إلى أطراف العاصمة أكثر من نصف يوم.

7