مقتل ثلاثة أشخاص في لبنان على وقع احتدام أزمة الوقود

بيروت - أدى احتدام أزمة الوقود في لبنان إلى مقتل ثلاثة أشخاص في حادثتين منفصلتين، في وقت يهدد عدم توافر المحروقات عددا من المستشفيات منها الجامعية بتوقف مولداتها خلال الساعات القادمة.
وقتل ثلاثة أشخاص في شجارين مسلحين بسبب خلاف على شراء الوقود أمام المحطات التي تتشكل فيها طوابير في شمال لبنان، وسط أزمة محروقات حادة تشهدها البلاد، وفق ما أفاد مصدران أمنيان والوكالة الوطنية للإعلام.
ومنذ أسابيع ينتظر اللبنانيون لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت.
وتطور الاكتظاظ في حوادث عدة إلى إشكالات، وحتى إلى إطلاق النار بين المواطنين المرهقين من الانتظار ساعات طويلة.
وقال مصدر أمني "وقع إشكال الاثنين بين شخصين على خلفية أفضلية تعبئة البنزين أثناء انتظارهما في طابور أمام محطة وقود في بلدة بخعون" في شمال لبنان.
وأشار إلى أن الإشكال بدأ بعراك بالأيدي والسكاكين قبل أن يطلق أحدهم النار باتجاه الآخر، ويصيبه برصاصتين ويرديه قتيلا.
وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن شخصا آخر جرح أيضا في الإشكال، مشيرة إلى أنه إثر الخلاف وقع إطلاق نار قرب منزل مطلق النيران، أسفر عن إصابة شخصين. وقد سلم مطلق النار نفسه إلى مخابرات الجيش.
وأفادت الوكالة عن إشكال آخر تخلله إطلاق نار وإلقاء قنبلة "على خلفية بيع مادة البنزين وشرائها"، مشيرة إلى أن الإشكال وقع في منطقة البداوي قبل أن يمتد إلى باب التبانة في طرابلس شمالا.
وأوضح مصدر أمني ثان أن "خلافا وقع قبل أيام بين شاب يرافقه مسلحون أرادوا تعبئة بنزين من إحدى المحطات في طرابلس بالقوة وشخصين (..) في المحطة".
وأضاف أنه "فجر اليوم (الاثنين)، عاد الشاب والمسلحون ولاحقوا الشابين في منطقة البداوي ورموا قنبلة وأطلقوا النار باتجاههما، مما أسفر عن مقتلهما". وقد سلم مطلق النار الأساسي نفسه لاحقا.
وأفادت الوكالة الوطنية عن إطلاق نار كثيف في الهواء أثناء تشييع الشابين في منطقة باب التبانة.
وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية. وأدى ذلك إلى تأخر فتح اعتمادات للاستيراد، مما نجم عنه شح في المحروقات برغم رفع أسعارها.
ولم يبق قطاع أو طبقة بمنأى عن تداعيات الانهيار، حيث يصدر كل يوم تحذير من قطاع معين.
وأعلنت نقابة أصحاب المستشفيات في لبنان في بيان أن "عددا من المستشفيات ومنها جامعية مهددة بتوقف مولداتها خلال ساعات بسبب عدم توافر مادة المازوت".
واستغربت النقابة "كيف أن هذه المادة تسلم بالقطارة إلى المستشفيات بينما تباع في السوق السوداء بشكل سافر ولا حسيب ولا رقيب"، مشيرة إلى أنه "رغم جهود أورور فغالي مديرة منشآت النفط وهادي الحسامي مدير مصفاة طرابلس والبعض من الشركات الخاصة، فإن المشكلة بقيت قائمة وبشكل خطير يهدد حياة المرضى، لاسيما مع موجة كورونا التي نشهدها مجددا".
وطالبت النقابة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب بـ"التدخل الفوري"، مشددة على أنه "من غير الجائز أن تنقطع مادة المازوت عن المستشفيات في الوقت الذي نشهد انقطاعا شبه كامل للتيار الكهربائي".
وتساءلت النقابة "من يستطيع أن يتحمل مسؤولية الموت المحتم الذي قد يصيب بعض المرضى؟".
وحذّر أصحاب المولدات الخاصة من انقطاع المازوت، مهددين بإطفاء مولداتهم، وهم الذين دخلوا عهد التقنين أسوة بما تقوم به مؤسسة كهرباء لبنان، للسبب عينه، أي عدم توفر الفيول اللازم لتشغيل المعامل وزيادة ساعات التغذية.
وفي وقت متأخر من مساء الأحد، أعلنت المديرية العامة للنفط في بيان أنها و"بتوجيهات من وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، وفي إطار المسؤولية المجتمعية، قررت فتح منشأتي النفط في الزهراني وطرابلس استثنائيا غدا (الاثنين)، ليتم تسليم مادة المازوت للمستشفيات، وبكميات تخصص لهذه الغاية فقط".
ويواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ما يجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات الخاصة، التي تعوض نقص إمدادات الدولة.
وتراجعت تدريجيا خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شحّ الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى التقنين.
ويربط مسؤولون الأزمة الراهنة بعاملين رئيسيين: مبادرة تجار وأصحاب المحطات إلى تخزين الوقود بانتظار رفع الأسعار، إضافة إلى تنامي التهريب إلى سوريا المجاورة.
وتعلن قوى الأمن دوريا توقيف متورطين في عمليات تهريب، ومداهمة مستودعات تخزن فيها كميات كبيرة من المازوت والبنزين المدعوم، إما لتهريبها أو لبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يجري فيه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، لتوقف الانهيار الاقتصادي، ولتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام على انفجار كارثي هز مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020.