مقاهي تونس العتيقة تتزين لسهرات رمضان

السهرات الرمضانية لا تكتمل دون تذوق المشروبات والحلويات التقليدية التي تحظى بإقبال مكثف خلال هذا الشهر في مقاهي المدينة العتيقة.
الخميس 2025/03/06
إطلالة على الماضي والحاضر

تتزين مقاهي تونس المدينة احتفاء بحلول شهر رمضان؛ إذ يفضل التونسيون العودة إلى أجواء أيام زمان حيث يختارون فضاءات برونق وقهوة وحلويات وأنغام تقليدية للسهر والسمر مع الأصدقاء أو العائلة.

تونس - مع حلول شهر رمضان تتحول أزقة المدينة العتيقة بتونس العاصمة إلى فضاءات تعج بالحياة ولوحة نابضة بالحركة حيث تعيد المقاهي العريقة ترتيب أرجائها لاستقبال عشاق السهر في أجواء رمضانية تعود بالتونسيين إلى عبق الماضي.

وخلال شهر الصوم تصبح المقاهي فضاءات تحتضن الجلسات الودية بين الأصدقاء، فتحتفي بالفن والتراث في أجواء رمضانية مميزة تمتد حتى ساعات السحور.

وبدأت الأزقة الضيقة للمدينة العتيقة تتلألأ بالأضواء الخافتة المنبعثة من الفوانيس المعلقة على الجدران، لاسيّما مقاهي الشواشين ونهج سيدي بن عروس ونهج الدريبة التي تعتبر من أكثر الأماكن التي يرتادها عشاق السمر في رمضان. كما تفوح رائحة العود والعنبر من المباخر الموضوعة بعناية في زوايا المقاهي.

تقول ريم سبعي، صاحبة مقهى في نهج الدريبة، “نبدأ التحضيرات قبيْل رمضان حيث نقوم بتجهيز المقهى بكل التفاصيل التي تجعل الزبائن يشعرون بالدفء والألفة.” وتؤكد لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) أن أصحاب المقاهي في المدينة العتيقة يحرصون كل سنة على تجهيز فضاءاتهم بأفضل الطرق الممكنة لاستقبال الزبائن في رمضان، من ذلك إنارة الفوانيس والأقمشة المطرزة على الكراسي والطاولات، وتضيف “حتى الموسيقى التي نختارها كلها تساهم في خلق أجواء رمضانية أصيلة، نحن لا نقدم للحرفاء القهوة والشاي فقط بل نقدم أيضا سهرة رائقة تجعل الزائر يشعر وكأن الزمن عاد به إلى الوراء.”

حح

ويشتهر نهج الدريبة المحاذي للمعهد الرشيدي، حيث تقام كلّ ليلة سهرة من الطرب والأغاني التونسية والشرقية الأصيلة، بطابعه التقليدي الأصيل. ويتفرّع الدريبة عن نهج سيدي بن عروس حيث تكتظ المقاهي هناك بالحرفاء الباحثين عن “قعدة زمنية” تعود بهم إلى عبق الماضي.

وتختلف طلبات الزبائن خلال شهر رمضان مقارنة بالأيام العادية، حيث تزداد شعبية “القهوة العربي” و”الشاي باللوز أو البندق” إلى جانب مشروبات ومحليات أخرى كـ “البوزة”. تقول ريم “يفضل الزبائن في الأيام العادية مشروبات مختلفة، لكن في رمضان تصبح للقهوة العربي نكهة خاصة، وهو ما يجعلها الأكثر طلبا من قبل الحرفاء.”

وإلى جانب المشروبات تبرمج بعض المقاهي في المدينة العتيقة أنشطة ترفيهية وسهرات موسيقية بمشاركة فرق فنية.

وقد أفادت ريم سبعي في هذا السياق بأن أصحاب المقاهي يتعاقدون مع عدة فرق موسيقية حيث يحرصون على تقديم أجواء تجمع بين الفن الأصيل والترفيه وهو ما يجعل الزبائن يقضون وقتا أطول في المقهى.

ولا تكتمل السهرات الرمضانية دون تذوق المشروبات والحلويات التقليدية التي تحظى بإقبال مكثف خلال هذا الشهر، إذ يقدم أصحاب المقاهي قائمة خاصة بمشروبات ومحليات رمضانية مثل “البوزة”. أما الحلويات فهي بدورها لا تقل أهمية عن المشروبات حيث تقدم أشهر الأصناف التونسية مثل المقروض القيرواني والصمصة والبقلاوة.

حح

يقول سيف الدين بن عامر، وهو من بين العاملين في أحد مقاهي الشواشين، “الأمر لا يقتصر على الديكور فقط، بل نحرص على توفير قائمة مشروبات وحلويات تتناسب مع أذواق الحرفاء خلال هذا الشهر؛ إذ يبحث الحرفاء عن المشروبات التي تذكرهم بماضيهم وأجواء العائلة مثل ‘البوزة’ و’القهوة العربي’، كما أن هناك من يفضل تناول حلويات تونسية تقليدية مع الشاي باللوز.”

وتتنافس مقاهي المدينة العتيقة في تقديم أفضل خدماتها للحرفاء، إذ يحرص كل مقهى على تقديم ديكور مميّز لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الحرفاء. ويقول فوزي بلطي، نادل في أحد مقاهي الشواشين، “نقوم قبل رمضان بحملة تنظيف تشمل كل شيء من الأرضيات إلى الكراسي والطاولات حتى الشيشة.” ويضيف أن الفترة التي تسبق رمضان هي مناسبة لجمع الفريق العامل في المقهى كفريق واحد والعمل في أجواء لا تخلو من النوادر والمواقف الضاحكة التي تساعد على العمل في بيئة خالية من الملل والكسل.”

وإلى جانب كونها أماكن للسمر والاستمتاع بألذ المشروبات الرمضانية التقليدية، تعد مقاهي المدينة العتيقة أيضا فضاءات لخلق روابط اجتماعية قوية حيث يلتقي الأصدقاء وتتجدد الذكريات. علي هو زبون دائم لأحد المقاهي العتيقة، أفاد بأن ما يميز المقاهي في رمضان هو الأجواء الدافئة والموسيقى الأصيلة. ويضيف “لا شيء يضاهي الجلوس مع الأصدقاء وسماع العود والقانون في عزف ألحان من الزمن الجميل.” أما صديقه وجالسه سليم فقد أكد أنه يحرص على قضاء معظم ليالي رمضان في مقاهي المدينة العتيقة، وتابع قائلا “هنا تشعر وكأنك وسط عائلتك الكبيرة، خاصة عندما يجتمع الناس حول الطاولة نفسها يتبادلون الأحاديث ويستمتعون بالأجواء الرمضانية.”

خخ

18