مقاتلون ليبيون يعيشون حُمّى المعارك في الجبهة وعبر لعبة بابجي

بابجي تتحول من لعبة ترفيهية إلى "مرجع" لتعلم فنون القتال.
الجمعة 2019/05/03
لعبة على أرض الواقع

طرابلس - ما إن يضع المقاتل الليبي عبدالعزيز ورفاقه أسلحتهم جانبا حتى يتسلحون بهواتفهم لاستئناف قتال من نوع آخر من خلال لعبة بابجي الشهيرة التي تحولت من لعبة ترفيهية إلى “مرجع” يتعلم منه المسلحون الكثير من “الأسرار” القتالية.

وتحقق بابجي نجاحا باهرا في ليبيا، حتى عند خطوط جبهات المعارك الدائرة منذ قرابة شهر بين القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني وقوات المشير خليفة حفتر الذي بدأ في الرابع من أبريل عملية عسكرية من الشرق الليبي باتجاه طرابلس بهدف استعادة السيطرة عليها وإنهاء الانقسام في السلطة.

تحظى لعبة بابجي، واسمها الكامل “بلاير أنّونز باتلغراوندز”، بشعبية كبيرة بين مستخدمي الهواتف الذكية حول العالم إذ حُمّلت أكثر من 360 مليون مرة، ويكون الرابح فيها اللاعب الذي ينجح في الصمود بعد قتل الجميع في طريقه.

ومُنعت في العراق بحجة أنها تشجع على العنف ولها آثار سلبية على الصحة والتربية والأمن في المجتمع. كذلك مُنعت اللعبة في نيبال وولاية غوجارات الهندية.

ويقول عبدالعزيز بوراوي بصوته الأجش مرتديا بزة عسكرية “نلعب بهذه اللعبة بعد العودة من الجبهة، وأحيانا على الجبهة”.

يقاتل هذا الشاب البالغ من العمر 25 عاما ورفاق السلاح في كتيبة مصراتة، المدينة الواقعة في شرق طرابلس، في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في عين زارة على التخوم الجنوبية للعاصمة. وفي العصر، يأخذ هؤلاء قسطا من الراحة في معسكرهم في تاجوراء بضاحية طرابلس الشرقية.

خلال استراحة المحاربين ألقى عبدالعزيز ورفاقه -وأغلبهم في العشرينات من العمر- رشاشاتهم وقاذفات “آر.بي.جي” الصاروخية جانبا ووضعوها على الطاولة، وسحبوا هواتفهم ليباشروا لعبة بابجي مع انطلاقة تقليدية تقوم على قفز مئة لاعب من الطائرة لتبدأ مهمتهم على جزيرة، وهي تقضي بجمع الأسلحة والقضاء على منافسيهم ليفوز لاعب وحيد في النهاية بعد مقتل الجميع.

ويشير عبدالعزيز إلى أنه اكتشف اللعبة عن طريق رفاقه وجرّبها من باب الفضول إلى أن أصبح شغوفا بها. ويقول رفيق له مازحا “في الليل نلعب (بابجي). نحن لا ننام”.

ويؤكد محمد -وهو مقاتل في سن التاسعة عشرة- “نلعب في الصباح وبعد الظهر وفي المساء”.وهو يلفت إلى أنه يتعلم الكثير من “الأسرار” القتالية بواسطة هذه اللعبة بينها كيفية توجيه النظر خلال القتال والزحف والتدرب، مشيرا إلى أن بابجي تبث الحماسة في نفوس المقاتلين قبل التوجه إلى الجبهة.

حول الطاولة يسمع أزيز أولى طلقات النيران الصادرة من الهواتف. ومع عيون شاخصة إلى الشاشات، يتبادل الشبان الأربعة التعليمات كما لو كانوا في ساحة القتال… “انتبه ثمة أحدهم تحت الشجرة”، “انبطح”، “أنت بعيد”، “ليس لديك سلاح؟ لا تقلق أنا هنا”…

ويشير عبدالعزيز بوراوي إلى أن الخصوم الافتراضيين هم أنفسهم أولئك الذين يقاتلهم في شوارع عين زارة، أي عناصر الجيش الوطني الليبي، في تصريح يكشف إلى أي مدى بلغ الانقسام في ليبيا، ويثير القلق حول إمكانية ترميم هذه الشروخ الحاصلة في المجتمع.

ويقول أكرم، وهو مقاتل آخر، إن “الجبهة هي بابجي في الحياة الواقعية. لهذا نحب هذه اللعبة”. لكن عبدالعزيز يقول إن “ثمة فرقا كبيرا” بين القتال عبر بابجي والمعارك في الحياة الواقعية. ويقول “في اللعبة، عندما تموت يمكنك العودة للعب، لكن في الواقع عندما تموت فهذه النهاية”.

وبعد جولة لعب استمرت عشر دقائق، يرفع أحد اللاعبين رأسه أخيرا عن الشاشة، ليرمي بهاتفه على الطاولة بتشنج عصبي ملحوظ ويقول “لقد فرغت بطاريتي”.

6