معلمة سورية تكرس حياتها لمعالجة حيوانات مشردة

قطط وكلاب مصابة تتلقى العلاج في حين تخضع أخرى للتلقيح والرعاية البيطرية حتى تصبح قادرة على العودة إلى الطبيعة.
السبت 2025/05/17
رسالة رحمة للإنسان والحيوان

حلب (سوريا) - تكرس معلمة الرسم ديالا غشيم حياتها لعلاج الحيوانات المعاقة والمشردة في مدينة حلب شمال سوريا، حيث أنشأت مع فريقها مأوى تطوعيا بالخصوص. ديالا التي نشأت في أسرة محبة للحيوانات، لم تحتمل مشهد الكلاب والقطط المصابة في الشوارع بعد اندلاع الحرب السورية، فقررت مع أصدقائها المختصين في الطب البيطري تأسيس فريق لإنقاذ المعاق والمشرّد منها، رغم تحديات أمنية ولوجستية وشح في الموارد.

بدأ الفريق عمله بإنقاذ الحيوانات المصابة، ومع تزايد الأعداد، حوّلوا منزلا متواضعا في حلب إلى مأوى مؤقت لها، يعالج أكثر من 300 حيوان بينها قطط وكلاب وسلاحف وطيور وحمير. لكن الضغوط والمضايقات من سلطات النظام السابق أجبرتهم على التنقل عدة مرات، حتى استقروا في قرية خان العسل غربي حلب، ونجحوا في تحويل مزرعة مدمرة إلى مركز لعلاج الحيوانات ورعايتها.

وفي المركز الذي صار ملاذا للرحمة، تتلقى قطط وكلاب مصابة العلاج أو العاجزة عن العودة إلى الشارع، في حين تخضع أخرى للتلقيح والرعاية البيطرية حتى تصبح قادرة على العودة إلى الطبيعة. وقالت ديالا “بدأنا استقبال الحيوانات المصابة في منازلنا. لكن حين تزايدت الحالات، خاصة تلك التي تشمل قططا أو كلابا عمياء أو مبتورة الأطراف، لم يعد من الممكن إطلاقها في الشارع. فاحتفظنا بها في المنزل.”

وأضافت “لاحقا استأجرنا منزلا مهجورا لنرعاها فيه، رغم تعرضنا لضغوط من البلدية وتهديدات بالإخلاء.” وأشارت إلى أن المنطقة التي فيها المأوى كانت سابقا تحت سيطرة قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وأن الفريق الذي يعمل معها تعرض عدة مرات للسرقة والمضايقات.

◙ منزل متواضع يتحول إلى مأوى مؤقت يعالج أكثر من 300 حيوان بينها قطط وكلاب وسلاحف وطيور وحمير

وفي ديسمبر 2024، أكملت فصائل سورية بسط سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، بينها 53 سنة من حكم أسرة الأسد. وتابعت ديالا “انتقلنا لاحقا إلى منطقة أخرى، رغم أنها كانت مكشوفة وخطرة. بعدها انتقلنا مجددا إلى قرية خان العسل بسبب الضغوط والمضايقات من سلطات النظام البائد.”

وفي خان العسل، جهزت ديالا وفريقها أقساما خاصة للحيوانات المريضة، وأخرى للكلاب والقطط، وحتى للحمير والدواجن التي بدأ الناس يجلبونها إليهم. وأكدت المعلمة السورية أن الفريق لا يزال يتلقى بلاغات من الأهالي عن حيوانات مصابة أو بحاجة إلى رعاية بيطرية.

وقالت “حين يرون قطة مصابة أو كلبا جريحا، يتواصلون معنا، فنهرع مباشرة لمد يد العون. أعداد الحيوانات في ازدياد مستمر.” وقالت ديالا بنبرة ملؤها الإصرار “نحن ضد قتل الكلاب المشردة.. نريد أن نقدم رسالة رحمة للإنسان والحيوان.” وقدمت مجموعة من الحلول العملية لمعالجة مشكلة الكلاب المشردة، وقالت “نقترح التعاون مع البلديات لنقل الكلاب المشردة خارج المدينة وإجراء عمليات تعقيم للحد من تكاثرها.”

وأشارت إلى أن الفريق على تواصل مع متطوعين في محافظات أخرى، لتوسيع نطاق الإنقاذ وتقديم المساعدة لأكبر عدد ممكن من الحيوانات المحتاجة إلى رعاية بيطرية. من جهته، قال المتطوع محمد نور، الذي يعمل في الفريق منذ عام ونصف، إنه شارك في أكثر من 100 عملية إنقاذ، شملت تقديم الرعاية البيطرية لحيوانات مصابة أو معاقة. وأضاف “صادفنا حالات مؤلمة، مثل الكسور والإصابات بشظايا نتيجة القصف أو الطلقات النارية. وذات مرة تعرضت أنا لإصابة بطلق ناري.”

وتابع “نحاول إيصال رسالة حب وسلام. نريد أن يفهم الناس أن هذه المخلوقات بلا حول ولا قوة، وهي بحاجة إلى تعاطفنا. قلنا لأنفسنا لماذا لا نقدم لها الدعم أو الرعاية البيطرية؟” وأشار المتطوع نور إلى أن الجهود التي يبذلونها تسعى لتقديم رسالة إنسانية عميقة مفادها أن “الرحمة يجب ألا تُجزأ، وأن على المجتمع احترام الحياة بكل أشكالها.”

1

16