معضلة في بريطانيا.. من يدفع فاتورة ترميم جسور العصر الفيكتوري المغلقة منذ سنوات

موعد إعادة فتح برج هامرسميث المرتقبة في العام 2027 قد يؤجّل نتيجة نزاع إداري حول من سيسدّد تكلفة أعمال الترميم.
الخميس 2020/11/19
مشكلة تعرقل حياة البريطانيين

لندن – تسبّبت أشغال ترميم جسور العصر الفيكتوري في بريطانيا في جدل متفاقم حول من سيسدّد الفاتورة، فيما عبّر مستخدمو الجسور عن سخطهم جراء تعطّل حركة السير بسبب هذه المنشآت التي باتت غير متماشية مع الحركة المرورية للقرن الحادي والعشرين.

وكان رئيس الوزراء بوريس جونسون قد تعهّد خلال حملته الانتخابية بإطلاق ثورة في البنى التحتية، غير أن هذا الوعد يصطدم بواقع معقّد، فترميم جسر هامرسميث في جنوب غرب العاصمة حوّل حياة الآلاف من سكّان لندن إلى كابوس.

ويطلّ منزل توبي غوردون - سميث الواقع في حيّ بارنز في لندن على نهر التايمز، لكن بلوغ الضفّة المقابلة من النهر مهمّة شاقة للرجل البالغ 46 عاما، خاصة وأن جسر هامرسميث الذي دشّن قبل 133 عاما مغلق أمام المشاة وركاب الدرّاجات الهوائية منذ أغسطس وأمام سائقي السيارات منذ سنتين تقريبا.

وباتت الهيكلية المتداعية للجسر الذي صمّم أصلا لعربات تجرّها أحصنة تعاني من شوائب عدّة.

وتشكّل التغييرات الناجمة عن هذه الأعمال "مصدر استياء شديد" لكلّ من يسكن على الضفّة الجنوبية، بحسب ما يقول توبي غوردون - سميث الذي يتنقّل بواسطة كرسي متحرّك، إذ تستوجب عليه تمضية "45 دقيقة في اليوم وأحيانا ساعتين، للوصول إلى مكتبه مقابل 10 دقائق في السابق”.

وقد يؤجَّل موعد إعادة فتح برج هامرسميث المرتقبة في العام 2027 نتيجة نزاع إداري حول من سيسدّد تكلفة الأعمال التي تتخطّى 160 مليون جنيه إسترليني (نحو 211 مليون دولار)، علما أن أكثر من سبع جهات على الصعيدين الوطني والمحلي معنية بالمسألة.

وبالنسبة إلى النائب المحافظ غريغ هاندز المنتخب عن منطقة تشيلسي وفولم التي تخنقها زحمات السير، “ما من شكّ” في أن المجلس المسؤول عن حيّ هامرسميث، وهو أحد مالكي الجسر، “لم يحسن صيانة هذه المنشأة”.

ويؤكّد رئيس الإدارة المحلية ستيفان كوان من جهته أن إدارته لا تملك المبلغ الضروريّ المقدّر بـ“46 مليون جنيه إسترليني” (60 مليون دولار) لتثبيت الجسر، متّهما الحكومة بالمماطلة في توفير الأموال اللازمة للأعمال.

انتهاء الصلاحية

إغلاقات تثير غضب مستخدمي الجسور
إغلاقات تثير غضب مستخدمي الجسور

يقع جسر هامرسميث على الجانب الغربي على طول نهر التايمز، وهو جسر معلق من الدرجة الثانية، مصمم من قبل المهندس المدني السير جوزيف بازالجيت، ووقع افتتاحه في عام 1887.

وتتعرض هذه الجسور أحيانا إلى أعطال مفاجئة ما يستوجب إغلاقها لأشهر من أجل ترميمها وإصلاحها، وهو ما يلقى سخط البريطانيين الذين يعتبرون أن هذه الجسور التاريخية لم تعد تتماشى مع متطلبات العصر الحالي، فبعضها قد صمم خصيصا للعربات التي تجرها الأحصنة فيما اضطرت الحكومة إلى التدخل في أحد الجسور ليصبح متحركا ويسمح بمرور سفن الشحن.

وليس جسر هامرسميث سوى أحدث فصول جدل يطول البلد برمّته. فكيف يمكن ترميم هذه البنى التحتية المتداعية التي تمّ تخطي صلاحية استخدامها في أحيان كثيرة وتكييفها مع متطلّبات القرن الحادي والعشرين؟ سؤال يطرحه جون كيلسي الأستاذ المتخصص في الهندسة في جامعة “يو.سي.أل” (يونيفرستي كولدج لندن).

وفي أغسطس، أغلق جسر البرج (تاور بريدج) المشيّد سنة 1894 والذي يعدّ أحد أبرز معالم العاصمة البريطانية، ليومين ريثما يتمّ تصليحه إذ بقي عالقا في الهواء وتعذّر إنزاله بعد فتحه لعبور السفن.

أما برج فوكسول العائد إلى العام 1906 وبرج لندن (1973) الأحدث عهدا، فقد أُغلقا بدورهما لفترة طويلة لأغراض الترميم. والسؤال المطروح في أغلب الحالات هو من سيدفع فاتورة هذه الأعمال؟

وبغية تقصير مدّة الرحلات التي باتت أكثر طولا بسبب الأشغال، تعتزم مجموعة عمل أنشأها بوريس جونسون في سبتمبر إطلاق خدمة عبّارات بين ضفّتي النهر اعتبارا من العام المقبل. غير أن هذا المشروع متأخّر جدّا بالنسبة لسكّان بارنز. وتروي جوليا واتكنز أن ابنتيها تمضيان 45 دقيقة للعودة في الظلمة من المدرسة الواقعة على الضفّة المقابلة من النهر.

أما تشارلوت هرمان (92 عاما) المقيمة في بارنز منذ 1963، فهي قلقة من طول الوقت اللازم للوصول بسيّارة إسعاف إلى المستشفى في الضفّة المقابلة من التايمز.