معركة حول الحجاب في الهند وسط انتخابات يخشى المسلمون نتائجها

النزاع حول الحجاب يصل إلى أكثر ولاية اكتظاظا بالسكان.
الأربعاء 2022/02/16
تصعيد متبادل بين المسلمين والسلطات الهندية

لوكناو (الهند) – احتدمت المعركة حول ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات الهندية في وقت تشهد فيه البلاد انتخابات يخشى المسلمون نتائجها.

ووصل النزاع حول قيود تفرضها ولاية بجنوب الهند على ارتداء الحجاب في المدارس إلى ولاية أوتار براديش، أكثر الولايات الهندية اكتظاظا بالسكان، حيث طالبت مجموعة من الشباب إحدى الكليات بحظر الحجاب.

وكانت السلطات قد أغلقت الكليات في كارناتاكا بجنوب الهند الأسبوع الماضي، بعد أن أدى منع الطالبات من ارتداء الحجاب في القاعات الدراسية إلى اندلاع احتجاجات من قبل الطلاب المسلمين واحتجاجات مضادة من قبل أقرانهم من الهندوس. وجاء حظر الحجاب في إطار سياسة تفرض الالتزام بزي موحد للطالبات.

وزادت المواجهة من مشاعر الخوف والغضب بين الأقلية المسلمة التي تقول إن دستور البلاد يمنحها حرية ارتداء ما تريد. وتصاعدت الاحتجاجات على الحظر وشارك المئات هذا الشهر في مظاهرات في مدينتي كولكاتا وتشيناي.

شرطة مكافحة الشغب داهمت عدة مُدُن لاسيّما أحياء المسلمين واقتحمت منازل واعتدت على السكان ودمّرت ممتلكاتهم

وكان قاض بالمحكمة العليا في الولاية قد أحال طلبات طعن في قرار الحظر إلى لجنة أكبر.

وتنظر الأقلية المسلمة في الهند، التي تمثل نحو 13 في المئة من سكان البلاد، على نطاق واسع إلى القضية على أنها محاولة لتهميشها من قبل السلطات.

ويستمد الحزب الحاكم دعمه بشكل أساسي من الأغلبية الهندوسية التي تشكل نحو 80 في المئة من سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة تقريبا، بينما يمثل المسلمون نحو 13 في المئة.

وفي ولاية أوتار براديش شمال البلاد توجهت مجموعة تضم أكثر من 24 شابا إلى كلية دهارما ساماج في منطقة أليجرا الاثنين وقدمت مذكرة إلى المسؤولين تطالب فيها بفرض حظر كامل على الحجاب داخل مبانيها.

ولا يسمح حاليا بارتداء الزي الديني داخل القاعات الدراسية، لكن يمكن ارتداؤه في أماكن أخرى من الحرم الجامعي.

وقال عميد الكلية موكيش بهارادواج الثلاثاء “أثيرت القضية نفسها قبل عامين، وها هي تثار اليوم مرة أخرى. لا نسمح بأي شكل من أشكال الزي الديني ولدينا قانون مدني موحد يلتزم به الجميع”.

وأضاف “توجد غرفة للفتيات يمكن أن يغيّرن فيها ملابسهن قبل دخول القاعات الدراسية (…) ونحن نحقق في الأمر”.

ويحكم ولاية أوتار براديش التي يقدر أن عدد سكانها يعادل عدد سكان البرازيل راهب هندوسي يتبع حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وتشهد الولاية انتخابات متعددة المراحل تنتهي الشهر المقبل، وغالبا ما تُستخدم النزاعات بين المسلمين والهندوس من أجل تحقيق مكاسب سياسية في الولاية.

ويخشى المسلمون في الهند اليوم أن تصبح السلطات أكثر صرامة حيالهم في حالة إعادة انتخاب يوغي أديتياناث وهو الوزير الأول في أوتار براديش ومتّهم بتشجيع أعمال عنف نفذها سكان محليون بحق مسلمي الولاية وإدخال قوانين تمييزية لتهميش هذه الفئة الدينية.

وذهب حزب الشعب الهندي إلى أبعد مدى بحيث فرض قيودًا على مسالخ المسلمين المتّهمين بقتل الأبقار وهي حيوانات مقدّسة في الديانة الهندوسية، وعلى مكبرات الصوت المستخدمة لرفع الأذان.

وأصدرت حكومة أديتياناث قانونًا ضدّ “جهاد الحب” وهي عبارة ابتكرها متطرفون هندوس يتهمون فيها المسلمين بإغواء الهندوسيات للزواج منهنّ وإجبارهن بذلك على تغيير ديانتهن.

☚ النزاع حول قيود تفرضها ولاية بجنوب الهند على ارتداء الحجاب بالمدارس وصلت إلى ولاية أوتار براديش، أكثر الولايات اكتظاظا بالسكان
☚ النزاع حول قيود تفرضها ولاية بجنوب الهند على ارتداء الحجاب بالمدارس وصلت إلى ولاية أوتار براديش، أكثر الولايات اكتظاظا بالسكان

وما يُخيف فعلًا مسلمي ولاية أوتار براديش الذين يُشكّلون نحو 20 في المئة من سكّان الولاية البالغ عددهم 200 مليون تقريبًا هو ازدراء سيادة القانون، وهو ما ينسبونه إلى الوزير الأول في الولاية الغارقة في الفقر وذات الكثافة السكانية الكبيرة في شمال البلاد.

لكن ما يخيفهم أكثر هو أن أديتياناث خليفة محتمل لمودي في رئاسة الوزراء.

ويتحدّر أديتياناث من عائلة متواضعة مكونة من سبعة أطفال وكان والده حارس غابات.

وخلال دراسته للرياضيات في الجامعة أصبح ناشطا في الجناح الطلابي لـ”راشتريا سوايامسيفاك سانغ”، وهي منظمة هندوسية يمينية ألهمت عقيدة حزب بهاراتيا جاناتا.

وبعد تخرجه أصبح كاهنا في معبد غوراخناث المنادي بتفوق الهندوس، وفي الوقت نفسه دخل المعترك السياسي وانتخب نائبا للمرة الأولى عام 1998 عندما كان يبلغ 26 عاما.

وأثناء ذلك أسس ميليشيا شبابية أطلق عليها اسم “هندو يوفا فاهيني”.

وكان أعضاء هذه الميليشيا يعاملون المسلمين بوحشية ويتهمونهم بذبح الأبقار أو إغواء هندوسيات من أجل تحويلهن إلى الإسلام.

ويعتبر الهندوس الأبقار مقدسة ويحظر ذبحها في العديد من الولايات من بينها ولاية أوتار براديش.

سلطة أديتياناث تلجأ إلى استخدام تهمة إثارة "الفتنة" التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية وقوانين مكافحة الإرهاب، بغية إسكات المعارضة

وأديتياناث نفسه ملاحق في العديد من القضايا الجنائية المعلقة في محاكم مختلفة.

وفي العام 2007 سجن 11 يوما لمحاولته إثارة توتر مجتمعي. وقال في أحد خطاباته “إذا قتلوا (المسلمون) هندوسيا واحدا سنقتل 100 مسلم”. 

ومنذ وصول حزب الشعب الهندي إلى السلطة في العام 2017 توفّي أكثر من 100 مشتبه بهم بارتكاب جرائم معظمهم كانوا مسلمين أو من طبقة الداليت التي كانت تُطلق عليها تسمية “المنبوذين” خلال “التقائهم” بالشرطة.

وتعتبر منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أن هذه الإعدامات تحصل خارج نطاق القضاء وهو اتهام تُبرّئ الحكومة نفسها منه.

وتلجأ سلطة أديتياناث إلى استخدام تهمة إثارة “الفتنة” التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية وقوانين مكافحة الإرهاب التي تُتيح احتجاز المشتبه به طيلة ستة أشهر بدون تهمة، وذلك بحسب معارضي أديتياناث، بغية إسكات المعارضة.

وبدأت ما تعتبرها المعارضة “حملة وحشية” خلال احتجاجات في العام 2019 على قانون حول المواطنية صدر عن حكومة مودي.

وبعد تحوّل بعض التظاهرات إلى أعمال عنف وعد أديتياناث بـ”الانتقام”.

وداهمت شرطة مكافحة الشغب عدة مُدُن لاسيّما أحياء المسلمين فيها واقتحمت منازل واعتدت على السكان ودمّرت ممتلكاتهم، بحسب شهود.

وأفادت وسائل إعلامية بأن معظم الأشخاص الثلاثة والعشرين الذين قضوا في أوتار براديش قُتلوا بالرصاص، فيما تؤكّد الشرطة أن أحدا لم يقتل بالأسلحة النارية.

6