معركة الصلاحيات تشعل الخلافات بين النهضة والتيار في تونس

إلغاء وزارة الوظيفة العمومية وإلحاقها برئاسة الحكومة يثير مخاوف الخصوم السياسيين للتيار الديمقراطي حول الصلاحيات الموسعة التي سيحصل عليها محمد عبو.
الأربعاء 2020/04/01
في تقاطع نيران الحسابات السياسية

انتقل تراشق الاتهامات بين التيار الديمقراطي وحركة النهضة حول التفويض الممنوح لرئيس الحكومة إلى طموحات وزير الدولة للوظيفة العمومية محمد عبو، بعد إلغاء هذه الحقيبة، ليتفاقم الجدل داخل بشأن الدوافع، التي جعلت الأمور تصل إلى هذا الحد، بينما يفترض أن تتكاتف جهود جميع الأحزاب لمواجهة أزمة تفشي وباء كورونا في البلاد.

تونس - تصاعد السجال بين التيار الديمقراطي وحركة النهضة ذات الأغلبية في البرلمان التونسي حول معركة الصلاحيات الممنوحة لحكومة إلياس الفخاخ، والتي استخدمها على ما يبدو بشكل غير مدروس بينما تعاني البلاد من أزمات لا حصر لها.

واتهم النائب عن التيار نبيل حجي في تدوينة نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتشكيل تحالف موازي داخل مجلس النواب لتقويض تفويض عدة صلاحيات للفخفاخ بشأن إدارة أزمة تفشي وباء كورونا في البلاد على النحو الأمثل.

وكتب يقول إن “الغنوشي يقود ائتلافا برلمانيا يتكوّن من النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة في مواجهة مشروع قانون التفويض لرئيس الحكومة في إصدار المراسيم”.

وأضاف “هذا التحالف لا علاقة له بالائتلاف الحكومي وهو ائتلاف غريب بين حزب حاكم وأحزاب معارضة وأن هذا الائتلاف لا يعبأ لا بمصلحة البلاد ولا بكورونا”.

وفي الوقت الذي طلبت فيه الحكومة تفعيل الفصل 70 من الدستور ومنحها تفويضا لسن مراسيم بشهرين مثلما يسمح به الدستور، إلا أن هذا الائتلاف، بحسب حجي، تمسك وصوّت على تفويض بشهر واحد فقط.

وربط مراقبون هذا الاتهام بالهجمات الموجهة من قبل نواب حركة النهضة للأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، محمد عبو بعد أن صدر في الرائد الرسمي قرار بحل وزارة الوظيفة العمومية وإلحاقها برئاسة الحكومة.

ويتساءل كثيرون في الأوساط السياسية حول تمسك عبو بالوزارة طويلا، لكن الاتهامات الموجهة إليه تتمحور حول بحثه عن كرسي مريح خلف الفخفاخ.

ولطالما وجّه المنتقدون سهامهم لمحمد عبو، باعتباره مدافعا شرسا عن إتمام مسار مكافحة الفساد، إلا أنه لم يفعل ما يذكر حتى اليوم في هذا الملف.

نبيل حجي: الغنوشي يقود ائتلافا برلمانيا موازيا يعمل ضد الفخفاخ
نبيل حجي: الغنوشي يقود ائتلافا برلمانيا موازيا يعمل ضد الفخفاخ

وقال وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو إنّه “لم تعد هناك وزارة للوظيفة العمومية في الهيكلة الحكومية”.

وكان قد تم تأسيس هذا المنصب في العام 2016 وأول من تقلد هذه الحقيبة في ذلك الوقت كمال مرجان، وقد تم إلغاؤها بصفة طبيعية وفقا للأمر الصادر مؤخرا.

وبعد ذلك ألحقت بعض مصالح هذه الوزارة برئاسة الحكومة وأخرى خضعت لوزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد.

وقال في تصريحات لإذاعة موازييك المحلية الثلاثاء “لقد تم إعداد مشروع أمر يحدد صلاحيات وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد وإحالته على المحكمة الإدارية من أجل الاستشارة ثم إتمام باقي الإجراءات”.

وما يخيف الخصوم السياسيين للتيار الديمقراطي هو الصلاحيات الموسعة التي سيحصل عليها محمد عبو بعد إلغاء الوزارة وقد أقر بذلك من خلال تصريحاته.

وقال عبو ”في 2012 كنت قد طالبت بعُشر هذه الصلاحيات وكنت قد صرحت في ذلك الوقت أنّه لا يمكنني مكافحة الفساد بتلك الصلاحيات فقط، لكن اليوم الأمر تغيّر وحصلت أكثر بكثير مما طالبت به”.

وأكّد في هذا الإطار أنّ ثقة كبيرة تجمعه برئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وأنّهما يعملان كفريق بشكل منسجم وأن يتم ذلك على المستوى الحكومي لا الحزبي “لأننا فريق منضبط”.

وعزا المراقبون هجوم النائب عن التيار سامية عبو، وهي زوجة محمد عبو، على الغنوشي في جلسة البرلمان الأخيرة التي التأمت الأسبوع الماضي، حيث شهدت صراخا حادا واتهامات مباشرة بأنه يعكس حجم الغضب لدى التيار من سلوك النهضة.

وكان يعتقد التيار أن نواب النهضة سيكونون مع رئيس الحكومة في كل مواقفه، لكن الحركة الإسلامية باتت تعرقل أداء الحكومة مع أنها جزء من التحالف الحكومي وصاحبة أكبر عدد من الوزراء، ما يعني آليا أن التحالف الحكومي لم يعد موجودا على الأقل في البرلمان.

وقالت سامية عبو في تصريحات إعلامية عقب تلك الجلسة الصاخبة إن “ما حصل في مجلس النواب مهزلة.. رئيس مجلس قايض بين تمرير مقترحه أو عدم تمرير الفصل 70 في هذا الظرف الذي تعيشه تونس”.

وأكدت أن نواب التيار الذين صوتوا لمشروع القانون صوتوا “تحت التهديد والإكراه من قبل الغنوشي”، مشيرة إلى أن رئيس حركة النهضة يريد امتلاك السلطة في حين أن السلطة تمارس ولا تمتلك.

وردت النائب عن حركة النهضة يمينة الزغلامي في تصريحات لإذاعة إي.أف.أم المحلية على التهم التي وجهتها سامية عبو للحركة بالعمل على الاستيلاء على السلطة وذلك بوضع عراقيل أمام حكومة الفخفاخ في ما يتعلق بمواجهة كورونا.

وقالت إن “حركة النهضة لا تعمل وفق الحسابات الضيقة وسنعطي تفويضا للحكومة”، مضيفة “نحن نؤيد جهود حكومة الفخفاخ لمواجهة أزمة كورونا”.

وتابعت بالقول “لدينا ثقة في حكومة إلياس الفخفاخ ولكننا كذلك نريد حماية الحقوق والحريات للتونسيين مع احترام النظام الداخلي للبرلمان”.

4