معركة الحكومة السورية الجديدة: داعش وحزب الله والكبتاغون

التحديات الأمنية من المحتمل أن تستمر لبعض الوقت قبل تقويضها.
الأربعاء 2025/04/02
وزير الداخلية أنس خطاب أمام تحديات معقدة

منذ أن أطاحت هيئة تحرير الشام بنظام الأسد، ظهرت العديد من المخاوف الأمنية المتعلقة بسوريا. وتتلخص هذه المخاوف على وجه الخصوص في مستقبل تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، وبقايا الشبكة الإيرانية الموالية، خاصة حزب الله وتهريب الأسلحة، وما سيحدث لتجارة الكابتاغون التي كانت مرتبطة بالنظام السابق بعد زواله.

دمشق - على عكس نظام بشار الأسد -الذي لم يفعل الكثير لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وكان متحالفًا بشكل وثيق مع حزب الله، وكان ينتج الكبتاغون على نطاق صناعي- تأخذ هيئة تحرير الشام في شكلها الجديد كحكومة سورية هذه التحديات على محمل الجد، معتمدة على سجل قوي في التصدي لها سابقًا.

ويرى الدكتور آرون واي. زيلين، هو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في تقرير نشره معهد واشنطن أن هذه الجهود ليست مفيدة فقط للمجتمع السوري ولأمن واستقرار البلاد، ولكنها تتماشى أيضًا مع مصالح الولايات المتحدة والقوى الإقليمية مثل والأردن والسعودية والإمارات. ومع ذلك، فإن التحديات الأمنية التي تطرحها الدولة الإسلامية وحزب الله وتجارة الكبتاغون من المحتمل أن تستمر لبعض الوقت.

وأحد المخاوف هو القنبلة الموقوتة الخاصة بـ9000 من سجناء الدولة الإسلامية المحتجزين في شمال شرق سوريا والتهديد الذي قد يشكله فرارهم. كما لا تزال هناك أسئلة عالقة حول كيفية تطور الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي. وستشكل هذه النتائج درجة قدرة الدولة السورية على مكافحة الدولة الإسلامية.

ومن التحديات الأخرى التي تواجه الحكومة السورية هو نقص الموارد المالية. فمع وجود سوريا في أزمة اقتصادية شديدة، والتوترات الطائفية التي تصاعدت مؤخرًا في منطقتها الساحلية، قد يتطلع تنظيم الدولة الإسلامية وحزب الله والمشغلون في سوق الكبتاغون إلى الفرص.

ومن المحتمل أن يستمر حزب الله في مواجهة الحكومة السورية الجديدة في المنطقة الحدودية مع لبنان، خاصة مع محاولات دمشق لتفكيك البنية التحتية التي بناها حزب الله في غرب سوريا عندما كان يدعم نظام الأسد.

وبالإضافة إلى أهمية الاستمرار في دفع دمشق نحو حكومة شاملة وشفافة، فإن التحديات الأمنية السورية تتجاوز حدود البلاد، وبالتالي فإن التنسيق ودعم الحكام الجدد في دمشق في حربهم ضد الدولة الإسلامية وحزب الله والكبتاغون سيكون له أهمية كبيرة للمستقبل الأمني لسوريا والمنطقة بشكل عام.

وقبل أن تتولى هيئة تحرير الشام السيطرة على سوريا، كانت الجماعة قد بدأت بالفعل في التعامل مع هذه التهديدات عندما كانت “فاعلاً غير حكومي” يسيطر على شمال غرب سوريا من خلال حكومتها المدنية والتقنية “حكومة الإنقاذ السورية” في إدلب.

◙ هيئة تحرير الشام في شكلها الجديد كحكومة سورية تعتمد على سجل قوي في التصدي لمثل هذه التحديات سابقا

ومنذ عام 2013، وبجانب النهج القانوني الذي أصبح يهيمن على كيفية تعاملها مع هذه القضايا بعد عام 2017 عندما تم تشكيل حكومة الانقاذ السورية ، كانت هيئة تحرير الشام قد خاضت أيضًا معارك مباشرة في ساحة المعركة ضد حزب الله في عام 2013 وتنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014.

ولدى هيئة تحرير الشام سجل طويل في مواجهة هذه الجماعات، لذا ليس من المفاجئ أنه منذ سقوط نظام الأسد، استمر الذين في الحكومة السورية الحالية في ما كانوا يفعلونه بالفعل منذ سنوات. وعلى نطاق واسع، يمكن وصف هيئة تحرير الشام بأنها اتبعت نهجًا قانونيًا لمواجهة التهديدات الأمنية التي يشكلها تنظيم الدولة الإسلامية وحزب الله وتجارة الكابتاغون.

وتم تنفيذ ذلك من خلال “خدمة الأمن العامة” التابعة لـهيئة تحرير الشام. حيث تم تأسيس “خدمة الأمن العامة” رسميًا في يونيو 2020، على الرغم من أن نسخة أولية منها كانت تعمل منذ أن بدأت هيئة تحرير الشام في العمل كدولة شبه حاكمة تحت مظلة “حكومة الإنقاذ السورية” في عام 2017.

وكانت المكونات الرئيسية لـ”خدمة الأمن العامة” هي مكتب المعلومات الإقليمي، قسم الأمن الداخلي، محفظة الجرائم المنظمة، محفظة النظام، ومحفظة “الخوارج” (أي المتطرفين). ومنذ أن أصبحت هيئة تحرير الشام الحكومة السورية الجديدة، استمرت في محاربة خلايا تنظيم الدولة الإسلامية.

وحتى الآن، أعلنت عن أربع عمليات رئيسية ضد تنظيم الدولة. أولاً، في 11 يناير 2025، تمكنت الحكومة الجديدة في دمشق من إحباط مخطط لتنظيم الدولة لتفجير مقام السيدة زينب الشيعي في ضواحي دمشق، والذي كان يهدف إلى إثارة التوترات الطائفية. وهناك تقارير إعلامية تفيد بأن الولايات المتحدة قدمت الاستخبارات التي ساعدت في إفشال هذا المخطط.

وفي التحقيقات التي أصدرتها وزارة الداخلية من هؤلاء المخططين، كشف المتورطون في الهجوم أنهم حاولوا أيضًا مهاجمة كنيسة في بلدة معلولا المسيحية في يوم رأس السنة بسيارة مفخخة، وهو الهجوم الذي لم يتم تنفيذه.

وثانيًا، في 15 فبراير 2025، ألقت إدارة الأمن العام القبض على أبوالحارث العراقي، أحد القادة البارزين في ولاية العراق التابعة لتنظيم الدولة، الذي كان متورطًا في اغتيال القيادي السابق في هيئة تحرير الشام أبومارية القحطاني في أبريل 2024، وكذلك في المخطط المتعلق بمقام السيدة زينب. وتبدو الاعتقالات المتعلقة بالمخطط الأخير قد أدت إلى الحصول على معلومات مكنت دمشق من العثور على أبوالحارث، وهو ما كشفته وزارة الداخلية مؤخرًا.

ومن المثير للاهتمام أن الاستخبارات التي تم الحصول عليها من أبوالحارث قد أدت إلى الضربة الجوية التي قتلت عبدالله المكي مصلح الرفاعي (أبو خديجة)، الذي كان يشغل منصب نائب الخليفة في تنظيم الدولة، وكان أيضًا والي العراق وسوريا ورئيس لجنة المفوضين.

◙ بالإضافة إلى أهمية الاستمرار في دفع دمشق نحو حكومة شاملة وشفافة، فإن التحديات الأمنية السورية تتجاوز حدود البلاد

ويظهر كل هذا أن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وسوريا والعراق في ما يتعلق بتنظيم الدولة أصبح ذا فائدة متبادلة، مما أدى إلى زيارة رسمية بين دمشق وبغداد في 14 مارس 2025. وأخيرًا، في 18 فبراير و6 مارس 2025، ألقت إدارة الأمن العام القبض على خلايا تنظيم الدولة في بلديتي النعيمة و الصنمين في محافظة درعا السورية.

والآن بعد أن سقط النظام وأصبحت الحكومة السورية الجديدة تسيطر على معظم البلاد، تواجه هيئة تحرير الشام في شكلها الجديد كحكومة سورية خلايا حزب الله المتبقية في سوريا. وحتى الآن، اعتقلت الحكومة الجديدة ست خلايا لحزب الله منذ سقوط النظام. وكان معظمها موجودًا في المناطق القريبة من الحدود السورية-اللبنانية في محافظات طرطوس وحمص وريف دمشق.

وكانت جميع هذه الخلايا تحاول تهريب الأسلحة بشكل غير قانوني من سوريا إلى لبنان لتسليمها إلى حزب الله، بما في ذلك بنادق كلاشنيكوف، وبنادق آلية، وصواريخ، وأجزاء من الطائرات المسيرة، والذخيرة. وأما أحدث عملية ضبط فحدثت في السيدة زينب، حيث لحزب الله تاريخ طويل من الأنشطة في المنطقة.

وعلى عكس ما كان عليه الحال في ظل نظام الأسد، هناك الآن حكومة مستعدة لوقف هذه الأنشطة. ففي حملة تمشيطية لوقف عمليات التهريب بالقرب من الحدود السورية-اللبنانية في أوائل فبراير 2025، استولت قوات الأمن السورية الجديدة على عدد كبير من المزارع والمستودعات والمصانع المخصصة لإنتاج وتعبئة حبوب الحشيش والكبتاغون، بالإضافة إلى مطابع متخصصة في طباعة العملات المزورة، التي كان حزب الله أيضًا متورطًا فيها.

ونفذت الحكومة السورية الجديدة 20 عملية ضبط للكبتاغون منذ توليها السلطة حتى 27 مارس 2025. وشملت هذه الحالات العديد من المحافظات السورية بما في ذلك حلب ودمشق ودرعا ودير الزور وحماة وحمص وإدلب واللاذقية وريف دمشق، مما يُظهر استمرار نطاق التحدي واهتمام الحكام الجدد في دمشق بمواجهته.

وبعض هذه العمليات جرت في البلدات الحدودية القريبة من لبنان والأردن، قبل أن تدخل حبوب الكبتاغون إلى السوق غير القانونية. وأثناء تنفيذ هذه العمليات، اكتشفت السلطات السورية الجديدة مواقع إنتاج ومستودعات كان النظام السابق يستخدمها لإنشاء وتخزين الكبتاغون، وخاصة تلك المرتبطة بشبكة شقيق الرئيس السوري السابق ماهر الأسد. وفي 21 مارس 2025، نفذت الحكومة السورية الجديدة ما قالت إنه أكبر عملية ضبط للكبتاغون حتى الآن عندما استولت على ثلاثة ملايين حبة كبتاغون في حلب.

7