معرض للكتاب العربي في اسطنبول يستقطب العرب والاتراك

غير بعيد عن جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق بقلـب مدينـة إسطنبــول النـابضة بالحضارة والعمــارة، على بعــد خطــوات قليلـة مـن سـوق المـدينـة، تطالعـك في منعطــف على يمين الرصيف مدرسة “كيـزلار آغاسي” التاريخية الكائنة في منطقـة السلطـان أحمـد، فتلمح معلقة صفـراء خط عليهـا باللغتـين العربيـة والتركيـة “معـرض الكتـاب العـربـي فـي تركيا”.
السبت 2016/02/27
معرض الكتاب العربي حدثا ثقافيا غير مسبوق في عاصمة الدولة العثمانية

عدّ معرض الكتاب العربي في تركيا الذي زارته “العرب” في الفترة الممتدة بين 12 وحتى 21 فبراير الجاري، حدثا ثقافيا غير مسبوق في العاصمة التاريخية للدولة العثمانية الأستانة، حيث كان الإقبال الجماهيري كبيرا على المعرض الأول للكتاب العربي في إسطنبول، مما يكشف عن تعطش القراء الناطقين بلغة الضاد في تركيا لمثل هذه المبادرة، كما أبلغنا حسين شامل باي سلطان ممثل الأجانب بدار سمرقند للنشر والإذاعة والتلفزيون، وهي إحدى دور النشر التركية المشاركة في المعرض.

يوضح باي سلطان لـ”العرب”، بأن معرض الكتاب العربي في مدينة إسطنبول التركية شهد إقبالا كبيرا من قبل الجاليات العربية والأتراك على حدّ سواء، حيث وصل عدد الوافدين إليه 100 ألف زائر على امتداد أيام المعرض العشرة.

ويضيف باي سلطان: نسعى من خلال المعرض إلى إحياء اللغة والثقافة العربيتين من جديد في تركيا التي يعيش فيها الآن أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ عربي، علاوة على الجالية العربية المقيمة بتركيا والتي يبلغ تعدادها المليونين ونصف المليون شخص، حيث بات من واجبنا كدار نشر عريقة توفير أرضية ثقافية تساعدهم على التأقلم مع وضعهم الحالي.

وأكد ممثل دار سمرقند للنشر والإذاعة والتلفزيون على الصلة الحضارية المتينة بين العرب والأتراك قائلا: الأتراك، وأنا من بينهم رغم أصولي الروسية، لا نعتبر العربية لغة أجنبية، بل متجذرة في تاريخنا العريق، نحن أمة واحدة ونملك تاريخا مشتركا.

وحول مدى إلمام المعرض بالجانب الفكري والروائي والأدبي في ظل ما لاحظته “العرب” من وفرة الكتب الدينية والفقهية والتراثية على بقية الصنوف كالشعر والأدب، يؤكد باي سلطان أن من بين أولويات دار الهاشمية للنشر، التي قدمت في المعرض حوالي 70 كتابا، نشر الثقافة الإسلامية العربية السمحة والمعتدلة بعيدا عن سطوة الأيديولوجيات والمغالاة وقبح التطرف.

المعرض تضمن أيضا ندوات فكرية باللغتين العربية والتركية

ويتابع: بلغ عمر دار سمرقند للنشر والإذاعة والتلفزيون اليوم عشر سنوات، ونحن منفتحون على كل صنوف الكتب، ربما في السنة القادمة أو التي تليها سيكون لنا مع زوار المعرض أكثر من عنوان أدبي روائي وشعري، وربما أيضا كتب موجهة للأطفال والناشئة، فالدار من جملة أولوياتها تربية النشء القادم على منهاج الإسلام القويم الذي يحتفي بالغناء والمنمنمات، ولا يعتبرهما من المحرمات كما يدّعي بعض المغالين.

وتقدم دار الهاشمية للنشر ودار سمرقند للنشر والإذاعة والتلفزيون بالتعاون مع اتحاد الكتاب الأتراك، وبمشاركة العشرات من دور النشر، من السعودية، ولبنان، ومصر، والأردن، وسوريا، والكويت، والمغرب، كتبا في الأمثلة والبناء والنحو والصرف والبلاغة والتفسير والفكر وثقافة التصوف، حيث يقترح المعرض، بحسب محدّثنا، في هذا الباب 600 كتاب تركي ترجم إلى العربية ينتصر للفقه الحنفي والشافعي.

أقامت إدارة المعرض أيضا على هامش المعرض ندوات فكرية باللغتين العربية والتركية، شارك فيها كتاب ومفكرون عرب وأتراك. المعرض هو امتداد للمعرض الرئيسي الأول الذي انتظم نهاية السنة المنقضية 2015، تحديدا في نوفمبر، تحت شعار “يُكمل الخلف مشوار السلف”، وقد قدم المعرض في محصلته خمسة آلاف عنوان من خمسين دار نشر عربية وتركية تمحورت خاصة في الكتب التراثية في الفقه والسيرة والمخطوطات الدينية، التي يقول عنها باي سلطان إن تركيا تتوفر على أرشيف ديني من المخطوطات الإسلامية يعدّ بالآلاف، لم يكتشف منها إلى حد الآن سوى 40 بالمئة من هذا المخزون التراثي التليد، على حدّ تعبيره.

ويظل طموح دار سمرقند للنشر والإذاعة والتلفزيون ودار الهاشمية للنشر بالتعاون مع اتحاد الكتاب الأتراك ترسيخ هذا المعرض بشكل سنوي، مما يدعم التواصل العربي التركي الضارب في التاريخ، بحسب توصيف حسين شامل باي سلطان، خاتما لقاءه مع “العرب”، بقوله: من أهم أهداف المعرض أن نعطي صورة للعالم بأن تركيا بلد مسلم ومثقف وهي مركز ومحط العثمانيين، وأن الكتب هنا تخاطب الجميع، سواء الطلاب أو الأساتذة أو المثقفين.

وكان المعرض الأول للكتاب العربي في تركيا، الذي أقيم في نوفمبر 2015 في إسطنبول، قد شهد إقبالا واسعا خاصة من قبل الجاليات العربية المقيمة في تركيا والطلاب الأتراك المعنيين باللغة العربية، وهو ما عرفه أيضا المعرض الأخير الذي عدّ امتدادا لنجاحه الأول.

17