معرض للقطع الأثرية المصادرة في تونس

السلطات التونسية تعمل جاهدا على حماية النفائس التاريخية.
الخميس 2022/03/03
نفائس ملك للبلاد كلها

يزدهر نشاط مهربي الآثار عندما تعم الفوضى، وهو ما حدث إثر  ثورات ما سمّي بالربيع العربي. لكن بالمقابل تسعى السلطات لحماية النفائس التاريخية كما في تونس التي تعرض في مدينة الثقافة قطعا أثرية مصادرة من تونس وبلدان أخرى.

تونس - تعرض خمس لوحات فنية معاصرة تعود إلى أوائل القرن العشرين وقد وقع ترميمها بعناية، تحت ضوء خافت في قاعة منفصلة بمدينة الثقافة في العاصمة تونس، حيث عرضت السلطات المئات من القطع الأثرية المصادرة من المهربين.

وتحمل اللوحة الأكبر وذات اللون الأرجواني إطارا مزركشا بخط عربي فيما نحت في وسطها شعار التوحيد. أما اللوحة المجاورة لها فقد حملت نفس السمات الفنية للإطار لكن حفر في وسطها صورة لحصان عربي وقد ملأت جسمه نقوش من الخطوط العربية المتموّجة.

وعُرضت رؤوس لتماثيل صغيرة الحجم تعود إلى الحقبة الرومانية وغيرها الكثير.

ويوضح دليل الزائرين في المعرض أنه “تم تهريب اللوحات من المشرق العربي ولكنّ موظفي الجمارك تفطنوا لها في مطار تونس قرطاج عندما كان المهربون يسعون لإدخالها إلى تونس ومن ثم تهريبها إلى أوروبا”

وضم المعرض حوالي 330 قطعة أثرية توزعت على العديد من الفترات تاريخية في البلاد، بعضها يعود إلى فترة حكم قرطاج قبل ميلاد المسيح ومن بعدهم الرومان. كما توجد تحف وأوان لفترة الحكم الإسلامي ومخطوطات باللغة العبرية تعود إلى الأقليات اليهودية ومسكوكات تحمل أسماء العائلات الحاكمة في عصر البايات.

وتقول سمية البجاوي المستشارة في المعهد الوطني للتراث، “نشطت عمليات النبش والتهريب والمتاجرة بالقطع الأثرية بشكل لافت بعد الثورة منذ 2011 والقطع المعروضة هي جزء من بين حوالي 40 ألف قطعة تم ضبطها أو مصادرتها بين عامي 2012 و2019”.

القطع الأثرية المصادرة  في تونس تخضع لمسارات قضائية معقدة وطويلة قبل عرضها للجماهير في المعارض والمتاحف

وتخطط السلطات إلى التنقل بمعرض القطع المصادرة في العديد من المحافظات، وتضيف المستشارة “نريد أن نقدم رسالة من أجل حث الناس على الاعتزاز بالإرث الحضاري والثقافي وعدم الانسياق وراء عصابات الاتجار بالآثار”.

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية عن ضبطها لقطع نادرة تتمثل في مخطوطتين باللغة العبرية يتجاوز طول الواحدة منهما عشرة أمتار في ولاية نابل (شمال شرق)، تبين لاحقا أنهما تتضمنان أجزاء من التوراة تعود إلى بداية القرن العشرين، ونسخة من التوراة “محفوظة بالكامل”، نسخت بخط اليد بحبر خاص على جلد ثور يبلغ طوله 37 مترا، واحتوت على كامل أجزاء التوراة بأسفارها الخمسة.

ومن بين المضبوطات الأخرى، ستة مجلدات ومخطوطات عبرية قديمة، حاولت شبكة اتجار بالآثار تنشط بين تونس العاصمة وبنزرت وليبيا، بيعها لقاء 1.5 مليون دينار تونسي (حوالي 514 ألف دولار أميركي).

وعلى الرغم من العقوبات المشددة في القانون التونسي ضد الاتجار في الآثار والنبش من دون رخص عن الكنوز وفي المواقع الأثرية، فإن مزادات علنية تجري في الأسواق السوداء عبر الإنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما ترويه المستشارة البجاوي.

وبحسب خارطة أنشطة التهريب للآثار المعروضة في المعرض، تتركز عمليات التهريب بشكل أكبر في مناطق الشمال الشرقي وفي العاصمة؛ وهي مناطق محاذية للسواحل حيث تنشط عصابات التهريب في نقل القطع الأثرية عبر البحر نحو الدول الأوروبية.

ولكن عمليات التهريب قد تكون في الاتجاه المعاكس أيضا حيث تعمل عصابات التهريب على استغلال حالة الفوضى والانفلات الأمني في البلاد، على جلب قطع أثرية من مناطق النزاعات مثل سوريا والعراق وليبيا للمتاجرة بها في تونس أو تهريبها إلى وجهة ثالثة، وفق ما توضحه المستشارة سمية البجاوي.

وتعمل قوات الجمارك على تعقب هؤلاء المهربين في المعابر والحدود والمطارات بينما تنشط قوات الأمن بشكل أكبر داخل المدن لمطاردة عصابات التهريب اعتمادا على المعلومات التي يجري جمعها.

وتخضع القطع الأثرية المصادرة لمسارات قضائية معقدة وطويلة قبل أن تتم إماطة اللثام عنها للجمهور في المعارض والمتاحف.

وتقول سمية البجاوي “من المهم أن يطلع الجمهور على هذه القطع وأن يعي أهمية التراث الوطني والجهود التي تبذل من أجل أن تبقى في تونس”.

20