معرض الزهور في دمشق يمزج التراث بالفنون المعاصرة

شام الياسمين تُزهر من جديد رسما ومسرحا وموسيقى.
الاثنين 2021/08/02
تفاعل حي ومباشر بين الرسام والجمهور

كما في كل عام، يقام معرض الزهور الدولي السنوي في دمشق، الذي تعلن من خلاله العاصمة السورية عن بدء فعالياتها الثقافية والفنية والسياحية والتي تمتد على طول أشهر الصيف. وفي الدورة الحادية والأربعين من المعرض كان الحضور كثيفا للمسرح والموسيقى والرقص والسينما والتشكيل في تفاعل حي مع جمهور في حديقة تشرين الدمشقية الحاضنة لشتى ألوان الفنون.

دمشق - يتواصل في العاصمة السورية دمشق معرض الزهور الدولي في دورته الحادية والأربعين التي انطلقت في الثامن عشر من يونيو الماضي وتستمر حتى الثالث من أغسطس الجاري. دورة أتت هذا العام تحت شعار “شام الياسمين تزهر من جديد” مستعرضة مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية التي شملت جميع صنوف الفنون.

ويتمتّع المعرض الذي يقام سنويا بالتعاون بين وزارتي السياحة والثقافة السوريتين بشهرة دولية، وهو الذي ظهر للمرّة الأولى في العام 1973 بشكل مبسّط في حديقة الجاحظ في أحد أحياء مدينة دمشق، وبعد توسّعه صار يقام في حديقة فندق الشيراتون ثم انتقل إلى حديقة تشرين العامة التي باتت حاضنة للمعرض منذ العام 1989.

تنويعات فنية

عروض مسرحية موجهة للأطفال وذويهم
عروض مسرحية موجهة للأطفال وذويهم

صار المعرض حدثا سنويا تعلن فيه مدينة دمشق انطلاق عدد من فعالياتها الفنية والثقافية والسياحية الكبرى التي تعمّ كل المدن السورية، منها مهرجان بصرى الدولي للفنون الشعبية الذي كان يقام على مدرج مدينة بصرى الأثرية في مدينة درعا ومهرجان المحبة والسلام في اللاذقية ومعرض الكتاب العربي ومعرض دمشق الدولي في دمشق. وكان لافتا الحضور الدائم للأنشطة الثقافية والفنية فيه على امتداد زمنه الطويل.

على التوازي مع الفعاليات السياحية التي تمثل الهدف الأساسي من المعرض، حضرت الفعاليات الثقافية والفنية بشكل مكثف في الدورة الحالية، والتي أقيمت بالتعاون ما بين وزارتي السياحة والثقافة السوريتين والأمانة السورية للتنمية.

وفي الدورة الجديدة حضرت فعاليات مسرحية مخصّصة للأطفال قدّمتها المديرية العامة للمسارح والموسيقى، وكذلك عروض سينمائية في الهواء الطلق من المؤسسة العامة للسينما، كما تم تقديم عروض موسيقية وغنائية خاصة، إضافة إلى معرض للفنون التشكيلية، وكذلك برامج ترفيهية للأطفال. وضمّت الفعاليات ورشات فنية تراثية ورسوما وزخارف نباتية ورسم وتدوير مواد تالفة وفن العجمي والرسم على الفخار ورسم جداريات فنية.

وفي جانب العروض المسرحية قدّمت العديد من المسرحيات التي عرضت خلال الموسم المسرحي السوري الماضي، وأحبها الجمهور وتعلق بها، فكانت فرصة لإعادة تقديم هذه العروض كي تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، منها: “ماشا والدب” و”أرنوب حارس الغابة” و”ثعلوب يتوب” و”الأصدقاء وشابلن” و”مغامرات سنان وأليس في بلاد العجائب” و”فلة والأقزام السبعة” وعرض عرائس للفنان خوشناف ظاظا وعروض لخيال الظل.

وشهد المعرض أيضا إلى جانب العروض المسرحية الموجة للأطفال، إقامة العديد من الحفلات الفنية الاستعراضية التي قدّمتها مجموعة من الفرق المحلية الأهلية ضمت فيها لوحات غنائية وراقصة.

كما كان للسينما حضور في المعرض من خلال عرض مجموعة من الأفلام السينمائية التي قدّمتها المؤسسة العامة للسينما، وتابعها الجمهور السوري بشغف ومنها أفلام: “دمشق.. حلب” و”دم النخل” و”مطر حمص” و”أمينة” و”الاعتراف” و”حنين الذاكرة” و”رد القضاء”.

ومن مدينة حلب جاءت فرقة بيت الفنون للتراث التي تعنى بتقديم الفن العربي الأصيل وتقوم على ترسيخه بين الفئات الشابة، وعنها يقول مديرها محمد حداد “أتت مشاركتنا تأصيلا للفنون التراثية السورية ودعم حضور هذا الفن الأصيل في الأذهان الشابة، فالعمل على وجود الموسيقى والغناء الأصيل لدى جمهور شعبي مثل جمهور معرض الزهور يحظى بأهمية خاصة كونه يقدّم فنا عربيا أصيلا كالموشحات والقدود والأناشيد الدينية الروحانية”.

وكان لافتا، تجاوب الجمهور مع العديد من العروض الترفيهية والفنية التي قدّمت على المسرح الروماني المكشوف في المعرض، حيث كان الجمهور ولا يزال يتابع بشكل يومي عروضا فنية ترفيهية استطاعت جذب الأطفال وذويهم.

وظهرت في هذه العروض بعض الشخصيات المعروفة في عالم الأطفال مثل ميكي ماوس الذي اعتلى خشبة المسرح وطاف بأروقة المعرض، محقّقا تفاعلا كبيرا مع الأطفال.

وفي جانب آخر حرصت بعض الفرق الموسيقية على تقديم بانوراما متنوّعة من التراث الموسيقي والغنائي، وكذلك فن الرقص السوري والعربي بشكل عام، فقدّمت لوحات فنية سورية وخليجية وعراقية ومغاربية ومصرية تفاعل معها الجمهور متنوّع المشارب.

مساحة للفنون البصرية

Thumbnail

لم يغب الفن التشكيلي عن فعاليات معرض الزهور، وذلك من خلال ملتقى الرسم الزيتي، حيث شارك فيه عدد من الفنانين التشكيليين الذين رسموا لوحات فنية كانت موضوعاتها حول قيم الحب والإنسانية والعطاء، وكان هناك توجه خاص لبيئة دمشق القديمة والحياة الاجتماعية التي تعيشها والألوان التي تتشكّل فيها من خلال رصد تفاصيل مكانية وزمانية فيها.

والمعرض حظي بمتابعة بعض الزوار له، حيث عبّر جزء منهم عن دهشته لدى معرفته لكيفية قيام الفنان برسم إبداعاته والوقت والجهد الذي يتطلبه ذلك. بينما وجد الفنانون فيه فرصة لدعم خبرتهم بفرصة الرسم في حالة التواصل الحي مع الجمهور، حيث قاموا بالرسم والجمهور يتابعهم بأدق تفاصيل العمل وكان يحيط بهم في كل مراحله.

وفي جهة من المعرض ثمة حالة من التفاعل الكبير والملحوظ التي يمكن مشاهدتها بوضوح، حيث اجتمع عدد من الأطفال لدى رسامتين تقومان بالرسم على وجوه الأطفال، فالطفل يختار وجه الحيوان الذي يريد أن يكون على وجهه لتقوم الرسامتان بفعل ذلك فورا. وتستخدم الرسامتان ألوانا خاصة لا تؤذي البشرة ولا تشكّل خطرا طبيا عليها.

ومن هناك ظهرت على وجوه الأطفال مجموعة من الحيوانات كالسناجب والقطط والخرفان وغيرها. طفلة لم يتجاوز عمرها الأعوام الثلاثة قالت إنها لم تشعر بالخوف عندما قامت الرسامة برسم وجه قطة لها، لأنها تحبّ القطط وكذلك لأنها أحبت الرسامة كونها عاملتها بلطف. وعلى مقربة منهما كانت رسامة ثانية تنهي رسم وجه سنجاب على وجه يافع، قال بعدها “أحب السنجاب لذلك طلبت من الرسامة أن ترسمه على وجهي، وأنا سعيد بهذه الرسمة وسأذهب إلى البيت لكي يشاهدها أهلي وأصدقائي”.

بينما عبّرت والدة طفلة رسم على وجهها قطة بأنها تردّدت أولا في قبول الفكرة، لكن مشاهدتها للعديد من الأطفال يفعلون ذلك وفرحتهم بما يقومون به، جعلها تقبل على التجربة، كونها تحب أن ترى الفرح على وجه ابنتها الصغيرة.

وتلجأ سيدات في المجتمع السوري إلى عادة كنّ توارثنها من الجدات تتعلق بتدوير الأقمشة المصنوعة من الصوف، بحيث يقمن بجمع ما قد تلف منها جراء الاستهلاك الطويل وإعادة حياكتها على الشكل الذي يُتيح استخدامها مجدّدا.

وتنشط هذه الظاهرة في العديد من المدن السورية، وضمن مشاركات هذه الدورة قدّمت سيدة من مدينة اللاذقية مجموعة من الأعمال التي بنيت على هذه الفكرة. فاستعرضت عددا من القطع الفنية التي يمكن استخدامها للزينة أو للبيت. كما استفادت في أحد الأعمال من أنابيب قديمة للمياه، والتي حوّلتها إلى مزهريات حاضنة للورود.

17