مطالب بإصلاح المنظومة التربوية المتردية في تونس

تونس - طالبت الأوساط التربوية عبر سلسلة من الاحتجاجات في تونس، بضرورة فتح السلطات لملف التعليم وإصلاح واقع المؤسسات التربوية بالبلاد، لكنّ مراقبين يرون أن عملية الإصلاح تتطلب وضع برامج وخطط استراتيجية على امتداد سنوات، مؤكّدين على مراجعة البرامج البيداغوجية وتعديل الزمن المدرسي بالأساس.
وبدعوة من الجامعة العامة للتعليم الثانوي نفذ الأساتذة إضرابا احتجاجيا حضوريا بكافّة المؤسسات التربوية في تونس وتجمعا أمام وزارة التربية ووقفات احتجاجية أمام مقرات المندوبيات الجهوية للتربية على خلفية ما تعرض له أستاذ التاريخ والجغرافيا الصحبي بن سلامة بمعهد ابن رشيق بالزهراء بمحافظة بن عروس (شمال) من اعتداء “وحشي ” غير مسبوق داخل المؤسسة التربوية.
ونفذ الأساتذة وقفة احتجاجية أمام مقر المندوبية الجهوية للتربية بمحافظة الكاف (شمال غرب)، مطالبين خلالها بإصلاح المنظومة التربوية وبسن قانون يجرّم الاعتداء على المربين.
ويرى مراقبون أن عملية إصلاح القطاع الحيوي (التعليم) في تونس تستدعي وضع آليات وبرامج برؤية مستقبلية واضحة، فضلا عن تنظيم حوار حقيقي حول المسألة يعالج مختلف الجوانب المتداخلة في العملية التربوية.

عامر الجريدي: إصلاح التعليم يتطلب وضع استراتيجية شاملة لمدة عشر سنوات
وأفاد عامر الجريدي كاتب عام المنظمة التونسية للتربية والأسرة أن “إصلاح التعليم يتطلب وضع استراتيجية شاملة بمنهجية واضحة لمدة عشر سنوات أو أكثر”، مضيفا “لا نملك رؤية تربوية تؤسس لرؤية تعليمية”.
وأضاف لـ”العرب”، “عمليا لدينا مجلس أعلى للتربية ولم يفعّل إلى حدّ الآن، ولا بدّ من حوار حقيقي عميق وشامل ودون إقصاء يشارك فيه جميع المتدخلين في العملية التربوية على غرار المنظمات الكبرى والإعلام والمجتمع المدني”.
ولفت الجريدي إلى أن “الإعلام يلعب دورا مهما باعتباره طرفا حقيقيا مؤثر وأساسيا في تربية الأطفال، والتعليم اختلطت عليه الأمور من إعلام وشبكات إنترنت ودور العبادة، وهذه المشاكل لا تحلّ سريعا”، مشيرا إلى ضرورة “مراجعة الزمن المدرسي والأنشطة الثقافية في المؤسسات التربوية، والتركيز على الجانب المهاري والمبادرة عند التلاميذ”.
وتعتبر أوساط تربوية أن إصلاح واقع التعليم المتردي يبدأ عبر مراجعة الزمن المدرسي وتحيينه، ومراجعة البرامج البيداغوجية، فضلا عن الحياة العامة داخل المؤسسة التربوية في مستوى المعاملات والعلاقات والأنشطة المعرفية والترفيهية.
وأكد عمر الولباني المسؤول السابق بوزارة التربية على “غياب الإرادة السياسية لإصلاح التعليم وجعله ضمن أولوية البرامج الحكومية في السنوات الأخيرة”، قائلا “الإطار المشرف على التسيير والموارد البشرية في جزء كبير منها تفتقر إلى التخصّص”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، ” هناك مجالات للإصلاح وأبرزها المحتويات والبرامج، ويجب تحيينها ومراجعتها بما يتلاءم وخصوصيات العصر الحالي، وهو ما سيجرّنا بدوره إلى تحيين الزمن المدرسي وضوارب المواد والموارد البشرية والبنية التحتية”.
وتابع الولباني “لا بد من مراجعة زمن الدراسة وملاءمة المحتويات لذلك لتوفير متّسع من الوقت للتلميذ وتنمية شخصيته، فضلا عن التقليص في عدد ساعات الدراسة”.

عمر الولباني: يجب تحيين المحتويات والبرامج ومراجعة الزمن المدرسي
وبخصوص الحياة المدرسية، قال الولباني “لا بد من العمل بعمق بخصوص النصوص التنظيمية، وأن تكون المدرسة مجالا لتلقي المعارف ويكتسب فيها التلميذ مهارات وينمّي الجانب الوجداني”.
والاثنين تعرض أستاذ التاريخ والجغرافيا الصحبي بن سلامة إلى اعتداء بآلات حادة من قبل أحد تلامذته بالمعهد الثانوي ابن رشيق بالزهراء من ولاية بن عروس، ما تسبب له في جروح بليغة على مستوى الرأس والجسم واستوجب خضوعه إلى سبع عمليات جراحية بالمستشفى العسكري بتونس، خلفت صدمة كبرى لدى الرأي العام.
واعتبر وزير التربية الأسبق حاتم بن سالم أن “إصلاح التعليم هو مشروع دولة ومشروع حضارة، وأنه لا يمكن أن يُطبق إلا بتوفر معطيات أساسية”.
وأكّد في تصريح لإذاعة محلية أنه “من غير المعقول تشتيت الشأن التربوي خاصة أن مجالات التربية محل تصرف أربع وزارات (وزارة التعليم العالي، المرأة ، التربية والتشغيل).
وإثر صدور قائمة بأفضل الأنظمة التعليمية في العالم حلّت تونس في المركز الرابع والثمانين عالميا والسابع عربيا في مؤشر جودة التعليم ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ المنتدى الاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ دافوس لسنة 2021.