مطالبات عراقية ببلورة خطة لتطوير الصناعات الغذائية

خبراء يشددون على أهمية إيقاف استيراد المواد التي يحقق فيها العراق اكتفاء ذاتيا لضمان عدم الإضرار بالمنتجات المحلية.
الثلاثاء 2022/06/07
استمتعوا بمنتجاتنا فهي بنكهة وطعم مميزين

بغداد- فتحت مشكلة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في ظل اضطرابات سلاسل الإمدادات العالمية ومحددات أخرى متنوعة، الباب أمام الأوساط الاقتصادية العراقية لتكثيف ضغوطها على السلطات من أجل بلورة خطة تدعم نشاط قطاع الصناعات الغذائية.

ويعاني البلد النفطي منذ الغزو الأميركي في 2003 من تراجع واضح في قطاع الصناعة وخاصة الصناعات الغذائية، وهو ما أدى إلى تضخم فاتورة الواردات لسد الطلب المحلي في بلد يضم أكثر من 40 مليون نسمة.

وتتعدد الأسباب حول تدهور القطاع بين آثار الحروب المتتالية، التي أخرجت الكثير من المصانع والمزارع عن الخدمة، وقلة الأمطار وشح المياه ما أثر بشكل كبير على إنتاج المحاصيل التي تدخل في هذه الصناعة الحيوية.

ويرى خبراء أنه لا بد من توفر عوامل تعيد لقطاع الزراعة عافيته دعما للصناعات الغذائية، أولها الاتفاق على ضمان حصص العراق من المياه وتنفيذ مشاريع توفر مخزونا كافيا يسمح بزراعة المحاصيل.

قيصر الهاشمي: معالجة تراجع القطاع تتطلب العديد من المحددات

كما يشددون على أهمية إيقاف استيراد المواد التي يحقق فيها العراق اكتفاء ذاتيا لضمان عدم الإضرار بالمنتجات المحلية مع توفير منتجات ذات أسعار مقبولة نسبيا تدعم الصناعات الغذائية.

ويؤكد مستشار وزارة الصناعة لشؤون التنمية قيصر الهاشمي أن معالجة هذا التراجع يتطلب توفير أراض ووقود فضلا عن استقرار الطاقة التي تمثل 30 في المئة من قدرات الإنتاج وبغيابها لا يمكن منافسة المنتجات التي تصنعها دول إقليمية كالسعودية وتركيا وإيران.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى الهاشمي قوله إن “هذه الدول تمتلك الموارد الأولية التي تدخل في المنتجات، وبالتالي نافست بسعر السلع المصنوعة محليا، إضافة إلى استقرار الطاقة لديها ومراقبة ضمان الجودة”.

وتعد بابل، من أهم محافظات البلاد في مجال الصناعات الغذائية منذ عقود، ومنذ العام 2017 باتت مدينة المدحتية التابعة لها تتصدر واجهة أفضل الصناعات الغذائية في مجال الزيوت والسكر.

وأقدمت شركة الاتحاد للصناعات الغذائية الحكومية على افتتاح أكبر مصنع لتكرير الزيوت وفق أعلى المعايير الدولية وبطرق تعليب وتغليف حديثة.

وتظهر البيانات أن طاقة إنتاج المصنع الذي يمسح 70 دونما تبلغ 3600 طن يوميا من بذور فول الصويا، و2400 طن يوميا من بذور دوار الشمس.

ويضم المصنع أسطولا مكوناً من 360 شاحنة نقل وتم التعاقد لتوفير صوامع ضخمة بسعة تتجاوز 450 ألف طن.

وأعلنت إدارة الشركة، في يونيو الماضي، عن قرب اكتمال معمل الزيوت الثاني (مصنع زيوت الريان) بنسبة 70 في المئة، والذي من المتوقع أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 3200 طن يوميا.

ويعتبر مصنع الزيوت أحد أهم الاستثمارات الصناعية في بابل، وهو يزود مصانعه بالطاقة الكهربائية من وحدة إنتاج ذاتية مما يخفف العبء على الشبكة المحيلة.

وبحسب تقرير أعدته جمعية مصدري الزيتون وزيت الزيتون في بحر ايجة مطلع 2022، فإن العراق يستورد سنويا معظم المواد الغذائية من زيوت وسكر وحليب مجفف وتوابل وشاي وقهوة.

وتعد أوكرانيا المصدر الرئيسي لمادة زيت عباد الشمس بمقدار 80 في المئة عالميا بالإضافة إلى سلع غذائية أخرى مثل الحبوب.

وعند اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية في أواخر فبراير الماضي، تضاعفت أسعار الزيوت النباتية في الأسواق العالمية، وأوقفت تركيا تصدير زيت الزيتون الذي يعد العراق ثالث أكبر مستورد منها بعد ألمانيا والولايات المتحدة.

◙ البلد النفطي يعاني منذ الغزو الأميركي في 2003 من تراجع واضح في قطاع الصناعة وخاصة الصناعات الغذائية

وتقول الباحثة دعاء صبار من جامعة بابل إن المحافظة احتلت المراتب الأولى بالبلاد في التصنيع الغذائي لتوفر المنتجات النباتية مثل التمور والذرة بالإضافة إلى تنوع الثروة الحيوانية من أغنام وأبقار وثروة سمكية أضف إلى ذلك موقع المحافظة الجغرافي.

لكنها أكدت أن شح الأمطار والمياه الذي يواجهه العراق أدى إلى توقف العديد من الصناعات الغذائية لا سيما المعامل الضخمة في مدينة الإسكندرية التي تبعد عن بغداد بنحو 40 كيلومترا.

وقالت “حاولنا مرارا مع الجهات الحكومية لإعادة تأهيل هذه المعامل التي من شأنها رفد السوق المحلية بالعديد من الصناعات والاستغناء عن الاستيراد والتي بمقدورها تقليل نسب البطالة ومنح فرص عمل كبيرة للشباب”.

ويؤكد مسؤولون على ضرورة تحقيق تعاون وشراكة بين القطاعين العام والخاص لتذليل المعوقات وتوفير المواد الغذائية ذات جودة عالية وأسعار مقبولة.

ويقول مدير عام الشركة العامة للمنتوجات الغذائية موفق عبد الحافظ إن المباحثات مع القطاع الخاص مستمرة لإعادة العمل إلى المصافي الخاصة بإنتاج المواد الأولية.

وأوضح أن الشركة اتجهت إلى اعتماد طرق فنية تمكنها من الاستغناء عن المواد الأولية المستوردة ما سيقلل من التكاليف، وفي الوقت ذاته توفر الخطوة دعما للمنتجين المحليين.

شح الأمطار والمياه الذي يواجهه العراق أدى إلى توقف العديد من الصناعات الغذائية

10