مطالبات أردنية بترجمة وعود تحسين مناخ الأعمال

عمان - تتعرض الحكومة الأردنية لضغوط أكبر من قبل أوساط الأعمال للإسراع في ترجمة وعود تحسين مناخ الأعمال بالنظر إلى الحاجة الماسة لجذب الاستثمارات وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لكسب رهان التنمية.
ويتفق خبراء على أن المسؤوليات التي تقع على عاتق الحكومة كبيرة وتتطلب جهدا مضاعفا ليتم تنفيذها واقعيا للوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي، مع ضرورة تعزيز المساءلة والشفافية والانفتاح.
ويرون أن تفعيل الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص لتجاوز الصعوبات أهم خطوة اليوم لدفع عجلة الاقتصاد واستعادة زخم الاستثمار العربي والأجنبي، ولكن ذلك لن يتم إلا بإجراء مراجعة شاملة للإصلاحات الهيكلية لمختلف القطاعات الاقتصادية.
وقال الأكاديمي المتخصص في الشؤون الاقتصادية عبدالرحمن البلبيسي إن “الفترة القادمة تتطلب التركيز على منح القطاع الخاص فرصة أكبر ليقود عملية الاستثمار”.
وأشار إلى أن الاستثمار هو من اختصاص القطاع الخاص في كل دول العالم، مؤكدا أن لدى “القطاع الخاص الأردني رؤية جيدة للوصول إلى الأهداف التي سيتم الاتفاق عليها”.
وتمثل المطالبة بمراجعة شاملة لهذا المجال دليلا على ضعف الجدوى الاقتصادية للخطط الحالية، والذي من المرجح أن يدفع الحكومة إلى إعادة التقييم والبحث عن حلول مستدامة لتحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات من أجل معالجة الاختلالات المالية المزمنة.
ويؤكد اقتصاديون أن القوانين التي أقرتها الحكومة مؤخرا لتحسين الواقع الاستثماري في البلاد تحتاج إلى عمليات إجرائية سريعة وواقعية وملموسة، مشددين على أهمية تسريع إقرار المشاريع الكبرى والمنبثقة عن رؤية التحديث الاقتصادي.
ويعول الخبراء على تلك المشاريع ودعم وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحفيز القطاع الخاص على زيادة الصادرات وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية.
ويرى رئيس المنتدى الاقتصادي الأردني خير أبوصعيليك أن البرامج الحكومية لتطوير البيئة الاستثمارية والمستمدة من رؤية التحديث الاقتصادي تعد إنجازات جيدة وخطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه أكد أهمية الالتزام بالجداول الزمنية ومؤشرات قياس الأداء.
حجم الاستثمار المحلي والأجنبي المستفيد من قانون الاستثمار نما خلال العام الماضي بواقع 79.3 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 1.57 مليار دولار
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أبوصعيليك قوله إن “المرحلة المقبلة تتطلب تعزيز دور وزارة الاستثمار والوحدة المتخصصة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
وأضاف “يجب أيضا زيادة قدرة السفارات والبعثات الدبلوماسية والمنصات الافتراضية على ترويج الفرص الاستثمارية لأثر ذلك كله على محركات النمو ونمو الصادرات والتقليل من آثار التضخم”.
وبدت آفاق تعزيز دور القطاع الخاص أرحب من خلال الوحدة التي ستأخذ على عاتقها مركزية طرح العطاءات المتعلقة بالمشاريع الكبرى الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي.
ومن بين أبرز المشاريع المزمعة تحلية مياه البحر الأحمر ومدّ السكك الحديد وتطوير معبر جسر الملك حسين، إضافة إلى مشاريع مازالت حبيسة الأدراج.
واستنادا إلى ذلك شدد أبوصعيليك على ضرورة الإسراع في طرح وثائق العطاءات لإسهامها الواضح في تعزيز البيئة الاستثمارية وجذب المستثمرين.
وقبل أسبوعين أطلقت وزارة الاستثمار أول منصة ترويجية بعنوان “استثمر في الأردن” تتضمن 21 فرصة بحجم استثمار يبلغ نحو مليار دينار (1.43 مليار دولار)، بالإضافة إلى 8 قطاعات استثمارية ذات أولوية.
القوانين التي أقرتها الحكومة مؤخرا لتحسين الواقع الاستثماري في البلاد تحتاج إلى عمليات إجرائية سريعة وواقعية وملموسة
وبحسب بيانات الوزارة فقد نما حجم الاستثمار المحلي والأجنبي المستفيد من قانون الاستثمار خلال العام الماضي بواقع 79.3 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى نحو 1.1 مليار دينار (1.57 مليار دولار).
ويعتقد رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية إياد أبوحلتم أن الجهات المعنية مطالبة باتخاذ إجراءات أكثر واقعية لترجمة القوانين والأنظمة الأخيرة.
وقال إن “تسريع برامج الشراكة مع القطاع الخاص يعد أبرز روافع النمو الذي يتطلب تعاونا واضحا بين الطرفين”.
ورغم أن البيئة الاستثمارية في الأردن بعد الإنجازات الأخيرة لوزارة الاستثمار باتت أكثر جاذبية للمستثمر المحلي والأجنبي، إلا أنه لطالما أكد البنك الدولي أن تسريع وتيرة الإصلاحات يعد أمراً بالغ الأهمية في المستقبل لإطلاق العنان لإمكانات النمو في الأردن وخلق فرص عمل شاملة للجميع، لاسيما النساء والشباب.
وقالت هدى يوسف، الخبيرة الاقتصادية الأولى في مكتب البنك الدولي في الأردن، إن “الأردن حقق تقدماً مهماً في تحسين الإطار المؤسسي والتنفيذي للاستثمارات العامة، وبالنظر إلى أهمية الاستثمارات العامة والخاصة لتحقيق رؤية 2033”.
وأشارت إلى أنه سيكون من الأهمية بمكان تعظيم كفاءة الاستثمارات العامة؛ ويتطلب ذلك تخطيطاً إستراتيجيا طويل الأجل يستند إلى افتراضات تمويل واقعية.
ومع تعرض الأردن بشدة لمخاطر الاحتباس الحراري، فإن دمج الاعتبارات المناخية في الاستثمارات العامة والخاصة من شأنه أن يعزز تحقيق عمّان لأهدافها المناخية وأن يشجع التحول نحو اقتصاد أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة.