مضمار السيارات ذاتية التحكم يحتضن ألدّ أعداء غوغل

هواوي تكشف وللمرة الأولى بشكل علني عن خططها المستقبلية المتعلقة بصناعة السيارات ذاتية القيادة، وتوجهها نحو التوسع في هذا المضمار خلال العامين المقبلين.
الأربعاء 2019/06/26
السباق على أشده

فتح عملاق الإلكترونيات هواوي جبهة جديدة على طريق توسيع نفوذه في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بإطلاق أول نموذج لسيارة ذاتية القيادة، وهو ما يجعلها في منافسة مباشرة مع غوغل، ويثبت أن الشركة الصينية غير مكترثة بالمعركة، التي تشنها عليها الولايات المتحدة على خلفية تطويرها لتقنية الجيل الخامس للاتصالات.

بكين- تزايد تركيز شركات السيارات في ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة على ابتكار حلول تجعلها تجتاز كافة المطبات، التي قد تعرقل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الجيل القادم من موديلاتها.

ويبدو التنافس على كيفية ابتكار حلول ذكية تنسجم مع التنقل النظيف والعمل على الاستفادة من السيارات ذاتية القيادة، التي يتوقع أن تغزو الطرقات خلال العقد المقبل، أمرا يثير الكثير من الاهتمام بالفعل لدى شركة هواوي الصينية. وتخطط الشركة، التي كانت إلى وقت قريب تعمل على إنتاج الأجهزة الإلكترونية فقط، لمزاحمة من سبقوها في هذا القطاع الواعد عبر إنتاج أسطول ضخم من السيارات الآلية.

اختبارية هواوي

كشفت هواوي مؤخرا وللمرة الأولى بشكل علني عن خططها المستقبلية المتعلقة بصناعة السيارات ذاتية القيادة، وتوجهها نحو التوسع في هذا المضمار خلال العامين المقبلين. وبدأت تصورات مهندسي الشركة مجرد أفكار داخل مختبرات هواوي، لكنها بدأت تتحقق فعليا على أرض الواقع دون إبداء أي اكتراث للمشاكل الجانبية المتوقع أن يخلفها اقتحامها هذه الصناعة، في ظل الضغوط الأميركية عليها.

ونشرت الشركة مقطع فيديو على موقعها الإلكتروني يظهر واحدة من سياراتها التجريبية وطريقة عملها، في تحدّ للحظر الأميركي المفروض على تقنياتها للجيل الخامس للاتصالات.

وتدخل هواوي هذا المجال الآخذ في النمو، والذي سبقتها إليه شركات تعمل في المجال التكنولوجي مثل غوغل وأوبر الأميركيتين، بالتعاون مع شركات ألمانية يابانية وصينية، رغم الحرب التكنولوجية الشرسة التي تمارسها ضدها الولايات المتحدة.

ونسبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية لكبير مهندسي هواوي دانغ ونشون قوله إن الشركة الصينية “تتعاون مع شركات سيارات أوروبية ويابانية وصينية لإطلاق سيارات ذاتية القيادة في عام 2021”.

وأوضح أن الشركة تسعى لتجاوز صناعة معدات الاتصالات التقليدية لتصل إلى بناء مجموعة واسعة من منتجات الذكاء الاصطناعي. وتتوقع هواوي أن توفر السوق الصينية الضخمة، فرصة لدفع الشركات المصنعة المحلية إلى الأمام في تطوير قطاع صناعة السيارات ذاتية القيادة بعد تدشين تجربتها المرتقبة.

سعد ميتز: نعمل على تكثيف أبحاثنا مع هواوي في مجال المركبات الذكية
سعد ميتز: نعمل على تكثيف أبحاثنا مع هواوي في مجال المركبات الذكية

ولتنفيذ مخططها تعمل هواوي مع أودي الألمانية وتويوتا اليابانية للاستفادة من الخبرات الكبيرة لديهما في صناعة السيارات بهدف الإسراع في اللحاق بمنافسيها، الذين سبقوها في هذه الصناعة الناشئة.

وقال سعد ميتز نائب الرئيس التنفيذي لشركة أودي في الصين في تصريحات صحافية “إننا نعمل على تكثيف أبحاثنا المشتركة مع هواوي في مجال المركبات الذكية”. وتأتي الشراكة في إطار الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة، التي نجحت هواوي في تطويرها خلال السنوات الأخيرة، وفي مقدمتها تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء.

وتؤكد فيني سونه رئيسة قسم شبكات “أل.تي.إي” في الشركة الصينية إن “هواوي تدخل الآن حقبة جديدة من مسيرة تطوير السيارات الذكية التي ستشهد ظهور اندماج جديد بين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وصناعات السيارات”.

وإلى جانب هاتين الشركتين العملاقتين، دخلت هواوي في شراكة مع كيانات محلية تقوم بتصنيع السيارات الصديقة للبيئة على غرار شانغان أوتوموبيل وبيجين نيو أنرجي أوتوموبيل.

وتتعرض هواوي، أكبر شركة في العالم لمعدات الاتصالات، لضغوط شديدة في أعقاب تحرك الإدارة الأميركية لإضافتها إلى قائمتها السوداء، والتي تمنع الشركات الأميركية من بيع المكونات لها أو أي من الشركات التابعة لهواوي والبالغ عددها 68 شركة.

ويرجح محللون أن يكون تأثير الحظر الأميركي، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في أغسطس المقبل، واضحا بشكل كبير في المجالات الحاسمة للأمن السيبراني وأشباه الموصلات، التي تنتجها الشركة الصينية.

لكن كبار المسؤولين في هواوي يقولون إن العمل على تطوير تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة من المقرر أن يستمر بغض النظر عن العقوبات الأميركية المرتقبة. وتركز الشركات المصنعة لتقنيات اتصال السيارات ذاتية التحكم مثل هواوي على تحقيق المستوى الرابع.

منافسة قوية

انتقلت نقاشات مصنعي السيارات حول مسألة الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، والذي بات يهيمن على القطاع بأكمله في الوقت الحالي، إلى مرحلة متقدمة لا يمكن لأحد التكهن بما ستكون عليه خلال السنوات المقبلة. وحاليا، تقوم العديد من شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى مثل بايدو وعلي بابا وتنسنت بالعمل على شراكات لتطوير سيارات ذاتية القيادة مع شركاء مختلفين.

وينظر إلى الشركات الصينية على أنها متخلفة عن شركة وايمو التابعة لشركة غوغل في هذا المضمار، والتي أطلقت خدمة نظام روبوتاكسي ذاتية القيادة في مدينة فونيكس عاصمة ولاية أريزونا الأميركية أواخر العام الماضي.

وتسعى وايمو إلى مواجهة هذا المد الصيني الجارف بعقد شراكات جديدة مع عمالقة صناعة السيارات في فرنسا واليابان لانتزاع حصة في سوق آخذة في النمو بسرعة كبيرة. وتعتزم شركتا رينو الفرنسية ونيسان موتور اليابانية اللتان تشكلان ضلعين مهمّين في أكبر تحالف لصناعة السيارات في العالم مع شركة ميتسوبيشي اليابانية، العمل مع وايمو في مجال سيارات الأجرة ذاتية القيادة.

لتنفيذ مخططها تعمل هواوي مع أودي الألمانية وتويوتا اليابانية للاستفادة من الخبرات الكبيرة لديهما في صناعة السيارات بهدف الإسراع في اللحاق بمنافسيها

وقالت نيسان في نشرة على موقعها الإلكتروني إنها ستعمل مع وايمو ورينو لإجراء بحث حول الجوانب التجارية والقانونية والتنظيمية في فرنسا واليابان في ما يتعلق بخدمات المركبات ذاتية القيادة. وتريد الشركتان إقامة مشاريع مشتركة في اليابان وفرنسا لخدمات التنقل في مركبات من دون سائق، على أن يتم توسيع تلك الخدمات في المزيد من الأسواق العالمية مستقبلا.

وتجدر الإشارة إلى أن وايمو هي أول شركة تقدم خدمة سيارة الأجرة ذاتية القيادة، تحت اسم وايمو وان، رغم أنها متاحة بصورة أولية فقط في ضاحية بمدينة فينيكس الأميركية. وتتقدم وايمو على الشركات الأخرى حتى الآن من خلال برنامجها لتوفير سيارات ميني فان صغيرة قصد الاستخدام اليومي للعائلات في مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأميركية.

وكانت شركة هوندا، ثالث أكبر مصنّع للسيارات في اليابان، قد أعلنت في أكتوبر الماضي أنها قررت استثمار 2.75 مليار دولار في مشروع لتطوير سيارات ذاتية القيادة مع جنرال موتورز. كما اتفقت تويوتا في الشهر نفسه مع عملاق التكنولوجيا سوفت بنك على إقامة مشروع مشترك لتطوير سيارات ذاتية القيادة وإطلاق خدمات نقل جديدة.

وفي يوليو 2017، أطلقت ياندكس، إحدى أكبر شركات الإنترنت الروسية، مشروع سيارة ذاتية القيادة لتقتحم بذلك السباق العالمي لتطوير سيارات المستقبل. وقالت الشركة حينها إنها تقوم بتطوير مجموعة من التقنيات اللازمة للمستوى 5 من السيارات ذاتية القيادة، الذي لا يحتاج إلى تدخل السائق.

وبدأت الاختبارات الفعلية للسيارة الروسية في العام الماضي، الأمر الذي يؤكد انضمام ياندكس بشكل رسمي إلى قافلة الشركات التقنية الأخرى، التي تعمل على جعل المركبات ذاتية القيادة حقيقة واقعة.

17